يمر الاقتصاد المصري بأسوأ حالاته خلال الأيام الجارية؛ حيث شهد الشهر الماضي العديد من الضربات الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير عليه.
وتنوعت أسباب تلك الانهيارات الاقتصادية بين قرارات عشوائية اتخذها النظام؛ منها القبض على رجال الأعمال والحجز على أموالهم والذي أثر بشكل كبير على البورصة، وبين سقوط الطائرة الروسية الذي تسبب في هروب السياحة، فضلًا عن أزمة الدولار وانخفاض إيرادات قناة السويس.
وفي هذا التقرير، تستعرض “شبكة رصد” أبرز الضربات التي تلقاها الاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة:
انهيار البورصة
أدت سياسات الحكومة المرتبكة إلى انهيار البورصة؛ بسبب القبض على رجال الأعمال أمثال صلاح دياب ورجال أعمال الإخوان مثل حسن مالك، وغيره، والحجز على أموال الكثير من رجال الأعمال، على الرغم من كون البلاغات المقدمة ضد هولاء تعود إلى عام 2011، وهو ما رآه البعض محاولة من السيسي لابتزاز هولاء لدفع مزيد من الأموال كتبرعات لدعم الاقتصاد المتهاوي.
وبسبب تلك القرارات، تعرضت البورصة المصرية، منذ بداية الأسبوع لخسائر فادحة أكثر من 26 مليار جنيه.
وتأثرت البورصة ومناخ الاستثمار بإجراءات التحفظ على أموال رجال الأعمال، سواءً المعارضين أو المؤيدين للانقلاب، وأكد محمد البهي، المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات، أن قرارات التحفظ على أموال رجال الأعمال ستؤثر سلبًا على الاقتصاد وستضر بالاستثمار الخارجي، خاصة أن المستثمر لن يشعر بالاستقرار في ظل وجود مثل هذه القرارات.
وأكد ممدوح الولي، الخبير الاقتصادي، أن قرار الحكومة بشأن الاستيلاء على أموال رجال الأعمال، يبعث برسالة تخوف للمستثمرين بالسوق الخارجية، مشيرًا إلى أن عمليات الاستيلاء أو الحجز على مشاريع الإخوان تعتبر مخالفة للدستور المعدل في عام 2014، مشيرة إلى أن المادة 33 تكفل جميع أنواع الحماية للمستثمرين، كما أن المادتين رقم 35 و40 بالدستور تنصّان على حماية الأموال الخاصة، وحظر مصادرتها بدافع قانوني أو غيره، موضحًا أن قانون الاستثمار لسنة 1997 ينص على التالي: “لا يجوز بالطرق الإدارية فرض الحراسة أو الاستيلاء أو التحفظ على أموال خاصة بالشركات أو الأفراد”.
تراجع إيرادات قناة السويس
وبعد عدة أسابيع من افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس والتي تسببت في أزمة اقتصادية بسبب تكلفتها المرتفعة؛ إذ كلفت الدولة 64 مليار جنيه، كشفت بيانات هيئة قناة السويس عن تراجع إيراداتها من رسوم عبور السفن خلال أغسطس الماضي بنحو 9.4% مقارنة بأغسطس 2014؛ حيث سجلت إيرادات أغسطس الماضي 462.1 مليون دولار، مقابل 510 ملايين بالفترة المقابلة بفارق 47.9 مليون دولار.
أزمة الدولار
وتسببت أيضًا قرارات الحكومة المرتبكة في ارتفاع أسعار الدولار بالسوق السوداء بشكل كبير، فبعد قرار الحكومة برفع سعر الدولار إلى 8.3 جنيه، قررت الحكومة أمس رفع قيمة الجنيه المصري 20 قرشًا ليتراجع سعر العملة الأميركية في البنوك حاليًا 783 قرشًا، بينما يسجل ارتفاعًا قياسيًا في السوق السوداء ليتراوح بين ٨.٦٠ إلى ٨.٦٣ جنيه.
وتسببت سياسة الدولة وتعطيش السوق الرسمية من العملة الصعبة، في ارتفاعات جنونية في أسعار السلع الغذائية والحديد والإسمنت والسيارات، وأدى إلى إغلاق العديد من المصانع والشركات ودفع عدد من الشركات للهروب خارج مصر.
ومن جانبه، أكد رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، أن ما يحدث يؤكد أن هناك تخبطًا في إدارة السياسة النقدية والاقتصادية بشكل عام، مشيرًا إلى أن شركات الاستيراد تحصل على الدولار من السوق السوداء، مؤكدًا أنه لا يمكن أن تسير الأمور بهذا الشكل لفترات كبيرة، خاصة أن مصر دولة مستوردة تبلغ الفاتورة الاستيرادية لها نحو 60 مليار دولار سنويًا.
انهيار السياحة
وبعد أزمة سقوط الطائرة الروسية، انهارت السياحة في مصر بشكل حاد، وشهدت مدينة شرم الشيخ هروب جماعي للسياح، خاصة في ظل الغموض الذي يحيط بالحادث.
وتسبب قرار روسيا وبريطانيا بإجلاء رعاياهما من مصر، في توجيه ضربة قوية للسياحة المصرية التي تعاني أصلًا من أزمة منذ الإطاحة بنظام الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013؛ حيث تفقد السياحة المصرية جراء هذا القرار نحو 3 ملايين و920 ألف دولار يوميًا، خاصةً أن روسيا تحتل المرتبة الأولى في أعداد السياح في مصر.
ونقلت وكالة “سبوتنك” الروسية، عن تقرير لوزارة السياحة المصرية في حكومة عبدالفتاح السيسي، صادر في أكتوبر 2015، استحواذ السياح الروس على 25% من الإيرادات التي حصدها القطاع السياحي المصري في عام 2014، فيما مثل السياح الروس 33% من أعداد السياح الذين قدموا إلى مصر العام الماضي، بعدد 3 ملايين سائح.
ووفقًا للتقرير، فإن السائحين الروس أسهموا بنحو 1.9 مليار دولار خلال 2014، من إجمالي الإيرادات السياحية التي تحققت العام الماضي، التي وصلت لـ7.5 مليارات دولار؛ حيث يقدر تقرير صادر عن وحدة الحسابات الفرعية للسياحة متوسط إنفاق السائح الروسي في الليلة الواحدة بـ7.56 دولارات، والأمر نفسه ينطبق على السياح البريطانيين، المقدر عددهم بـ20 ألفًا، ويصل متوسط إنفاق السائح البريطاني لـ70.1 دولار في الليلة الواحدة، ما يعني فقدان نحو 1 مليون و400 ألف دولار يوميًا برحيلهم عن مصر.