قرر المجلس الوزاري السياسي- الأمني الإسرائيلي المصغَّر “الكابينيت” حظر الحركة الإسلامية التي يتزعمها الشيخ رائد صلاح في الداخل الفلسطيني المحتل، واعتبارها تنظيمًا غير قانوني، وهو القرار الذي وجه بردود فعل غاضبة في الأوساط الفلسطينية.
وقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”: “قرر المجلس الوزاري السياسي- الأمني المصغّر برئاستي إخراج الشقّ الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل خارج القانون؛ وذلك بهدف وقف التحريض الخطير من الداخل ومنع إلحاق الضرر بالمواطنين الأبرياء”.
وأضاف “ستواصل الحكومة برئاستي عملها كل ما تطلب الأمر ضدّ حالات التعبير عن التّحريض والإرهاب وبالمقابل ستتابع استثمار الموارد لصالح مواطني “إسرائيل” العرب واليهود على حدٍّ سواء”.
وأعرب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، “جلعاد أردان”، عن موافقته على الخطوة، وقارن بين نشاطات الحركة الإسلامية ونشاطات داعش قائلًا: “هذه ليست خطوة ضد كل الجمهور العربي والإسلامي في إسرائيل”.
وأضاف “يدور الحديث هنا عن الشق الشمالي الذي يترأسه الشيخ رائد صلاح ومجموعة زعماء مسلمين يعملون منذ سنوات بطريقة لا تعترف بمؤسسات دولة إسرائيل، على غرار أيدولوجيتَي داعش وحماس وتحاول إقامة خلافة إسلامية هنا”.
داهمت قوات الشرطة الإسرائيلية، مساء أمس، مكاتب 17 جمعية تابعة للحركة، وفق أمر صدر عن وزير الحرب “موشيه يعلون”، و تم إغلاق مكاتب في يافا، الناصرة، أم الفحم، كفر كنا، طرعان، بئر السبع، ورهط.
وفي الوقت نفسه، أرسلت “استدعاء تحقيق” إلى كل من: الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية، الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية، الدكتور سليمان أحمد، مسؤول ملف القدس والأقصى في الحركة الإسلامية؛ حيث سيمثلون اليوم الثلاثاء 17/11/2015، في مبنى “محوز حوف” الشرطي في حيفا.
إضراب شامل
وفي أول ردة فعل للشيخ رائد صلاح، أكد في بيان -وصل شبكة “رصد”- أن كل هذه الإجراءات التي قامت بها المؤسسة “الإسرائيلية”، هي إجراءات ظالمة ومرفوضة.
وجدد التأكيد أن الحركة الإسلامية ستبقى قائمة ودائمة برسالتها تنتصر لكل الثوابت التي قامت لأجلها، وفي مقدمتها القدس والأقصى المباركين.
وقال: “يشرفني أن أبقى رئيسًا للحركة الإسلامية أنتصر لاسمها، وأنتصر لكل ثوابتها وفي مقدمتها القدس والمسجد الأقصى المباركين، وأسعى بكل الوسائل المشروعة المحلية والدولية لرفع هذا الظلم الصارخ عنها”.
وفي سياق ردود الفعل ضد هذه الخطوة، قال عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي: إن “الحظر عمل إجرامي ضد الجمهور العربي عامة”.
وأضاف “الحركة الإسلامية هي جزء ذو مصداقية من قبل لجنة المتابعة والأحزاب والحركات في المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد”.
وأعلنت لجنة المتابعة العربية إضرابًا شاملًا ومفتوحًا في الداخل الفلسطيني يبدأ الخميس المقبل؛ احتجاجًا على حظر الحركة الإسلامية.
قرار عنصري وإفلاس
بدورها، اعتبرت كتلة حماس البرلمانية “التغيير والإصلاح” حظر الحركة الإسلامية في أراضي 48 الفلسطينية، فعلًا إرهابيًا وقرارًا عنصريًا يدلل على إفلاس العدو وفشله في مواجهة إرادة الأحرار.
وقال الناطق باسم الكتلة، النائب مشير المصري: إن هذا القرار هو ثمن الدفاع عن القدس والأقصى والتمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية والذي لن يدفع شعبنا في فلسطين المحتلة عام 48 وفي مقدمته الحركة الإسلامية إلا إلى مزيد من التجذر في الأرض والدفاع عن القدس والذود عن عروبة فلسطين وإسلاميتها.
وأكد أن هذا القرار هو استمرار لحماقات العدو المتزايدة والتي تعجل في زواله بإذن الله.
وأكد حسن الزعلان “أبو علي” مسؤول اللجنة السياسية لحركة المقاومة الشعبية في فلسطين، أن قرار حظر الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 هو قرار عنصري ويظهر الوجه الحقيقي للاحتلال.
وأضاف الزعلان، أن هذا القرار جاء ضمن محاولات الاحتلال اليائسة لإخماد صوت الحرية ومحاولة لكسر إرادة الصمود والتحدي لدى أهلنا وشعبنا في فلسطين المحتلة الذين يقفون في مواجهة الاحتلال وسياساته العدوانية والتهويدية لأرضنا ومقدساتنا.
قرار متوقع
من جهته، اعتبر الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، أن قرار حظر الحركة الإسلامية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لم يكن مفاجئًا وهذا قرار متوقع بعد موجة التحريض من الإعلام والسياسة الإسرائيلية على الحركة ودورها في تحريك قضية الأقصى والمخاطر التي يتعرض لها من تهديدات بتقسيمه وهدمه.
وقال -في تصريحات خاصة لـ”رصد”- إن للحركة دورًا كبيرًا في تحريك والحفاظ على الهوية الفلسطينية في الداخل مع أخواتها من الأطر الأخرى، وتلعب دورًا مهمًا على صعيد الخدمات والتوعية ولملمة الجرح الفلسطيني متحدية مكر الاحتلال الصهيونية.
ونوه إلى أن التحريض استهدف الشيخ رائد صلاح بشكل مباشر وعلى لسان نتنياهو واستخباراته، وأتوقع اعتقاله أو اغتياله بطريقة ما وتغييبه، مضيفًا “لهذا تحتاج الحركة لوقفة تدبر وقدرة على مواجهة قرار الاحتلال بقرارات تجنبها الاصطدام العنيف، ومع استثمار المساحة في القانون حتى لو اضطرت لتحويل اسمها وبعضًا من فعالياتها، لتتجنب الانجرار لمواجهة يحدد وقتها وطبيعتها العدو.
وأكد المدهون أن “دور الحركة محوري في مشروع التحرر الفلسطيني وهي تسد ثغرة ﻻ يمكن سدها بسهولة، وإي انجرار لحالة استنزاف واجتثاث قد تؤدي لتفريغ الجهد الفلسطيني بالداخل من الوجود والايجابية الوطنية الفلسطيني”.
ويعتبر الكاتب حازم قاسم، قرار الحظر ضمن “سلسلة في سياسة إسرائيل لفرض يهودية دولتها.. وهي محطة لنضال الشعب الفلسطيني لتشبثه بأرضه”.
وقال -في حديث لشبكة “رصد”-: إن “الشيخ صلاح واحد من المعضلات التي تواجه إسرائيل، فهو من التيار الذي رفض الانصهار في المجتمع الإسرائيلي وحتى إنه ظل رافضًا للعمل مع المؤسسات السياسية لدولة الاحتلال، واستطاع أن يعمل ضد سياسات الاحتلال، وارتبط اسم الشيخ رائد بالمسجد الأقصى”.
وأشار إلى أن دوره الكبير في التصدي لتقسيم المسجد الأقصى وفي إشعال انتفاضة القدس دفعت إسرائيل للخروج عن طورها وحظر الحركة الإسلامية.
يفتح هذا القرار الأوضاع في الداخل على مصراعيها، خاصة أن الحركة لها أنصارها الذين هم على احتكاك مباشر بالجمهور الإسرائيلي، فضلًا عن أنها تحمل لواء الدفاع عن الأقصى ضد التهويد والتدنيس وهو أمانة ومسؤولية لن يمنعهم من أدائها المنع والحظر، فكيف ستتعامل الحركة مع هذا القرار ميدانيًا، خاصة في ظل غلق مؤسساتها والحجز على أموالها، سؤال تجيب عنه الأيام المقبلة.