اعتبرت صحيفة “هاآرتس” في تقرير تحليلي لها أن التحالف المصري الناشئ مع روسيا يمثل عائقا أمام السعودية في مواجهة إيران الحليف الوثيق للروس؛ حيث قال التقرير: “إن وزاراة الخارجية السعودية أصدرت هذا الأسبوع بيانًا غير مسبوق أعلنت فيه أن ثلاثة من الصحفيين السعوديين لا يمثلون وجهة نظر الحكومة السعودية وليس لهم أي علاقة بأي من مؤسسات الدولة”.
وبين التقرير أن هؤلاء الثلاثة هم: جمال خاشقجي، ونواف عبيد، وأنور عشقي، ويعتبرون من أبرز كتاب الأعمدة بالمملكة، كما أن أعمالهم تنشر في الصحافة العربية الموجهة للعالم الخارجي، وأثار الثلاثة غضب الحكومة المصرية ووسائل الإعلام المملوكة للدولة بكتاباتهم الناقدة لمصر.
وتابعت “هآرتس” في تقريرها قائلة: “كان ذروة هذا الهجوم قبل أسبوعين عندما كتب “خاشقجي” في مقال بصحيفة الحياة العربية مقال بعنوان “هل هناك شيء أسوأ من ذلك”؛ حيث هاجم التورط الروسي في سوريا، وأدانت حماس الحكومة المصرية لهذا التدخل، وقال “الحكومة المصرية متحمسة لهذا التدخل، والإعلام المصري لا يخفي ذلك، لكن السعودية لن تسمح لأحد حلفائها بتبني هذا الموقف المؤيد بشكل غير مسبوق لروسيا”.
وأشارت الصحيفة إلى هجوم الإعلام المصري على السعودية الذي بدأ بتولي الملك سلمان لمقاليد الأمور، فبعد توليه للحكم بفترة قصيرة اتهمه إبراهيم عيسى بتغيير سياسته تجاه مصر والاتجاه لدعم الإخوان المسلمين، وبعد بدء المملكة لضرباتها الجوية في اليمن هاجم توفيق عكاشة العملية ووصفها بـ”عاصفة الغبار التي لن تهزم الأعداء”، وحذر من المشاركة المصرية فيها.
واستطردت “هآرتس” قائلة: “الآن تحاول السعودية أن تضع نهاية لهذه الصدامات، وعلى النقيض لا تسعى الحكومة المصرية لفعل نفس الأمر، وبالرغم من الامتنان المصري للسعودية بتقديمها مساعدات تقدر بـ15 مليار دولار منذ 2013 وتعهدها باستثمار 8 مليارات آخرين خلال خمس أعوام فإن البلدين ليس لديهم نفس السياسة الخارجية”.
وأردفت: “لقد قدمت مصر بعض المشاركات في حرب السعودية في اليمن لكنها لم ترسل جنودًا للقتال جنباً إلى جنب مع الجنود السعوديين والإماراتيين، وما تزال السعودية تصر على رحيل الأسد قبل تشكيل الحكومة الإنتقالية، في حين أن السيسي يعتقد أنه لا يوجد حل للقضية السورية دون مشاركة الأسد”.
وأضافت: “إن الهدف السعودي من التحالف العربي لمكافحة الإرهاب على مايبدو هو وقف النفوذ الإيراني في المنطقة أكبر منه مواجهة تنظيم الدولة، وبذلك تكون السعودية قد أحبطت خطة مصر لإقامة تحالف عربي لمحاربة تنظيم الدولة في ليبيا وسيناء”.
ورأت الصحيفة أن السبب الرئيسي للخلاف بين القاهرة والرياض يكمن في توجهاتهم إزاء التدخل الروسي في سوريا، حيث تقوم القاهرة وموسكو يتطوير العلاقات الإقتصادية والإستراتيجية؛ إذ تشتري مصر المقاتلات الروسية وتتحدث عن بناء روسيا لمفاعل نووي بالقرب من الإسكندرية.
واعتبر التقرير أن السعودية في حاجة ماسة إلى تحالف عربي لمواجهة محور “طهران-موسكو”، ومن المفترض أن تكون مصر عضوًا بارزًا فيه، والسعودية مستعدة لتوفير الأموال لهذا الغرض لكن التحالف المصري الناشئ قد يعرقل خططهم.
وتطرق إلى التحديات التي تواجه النظام المصري داخليًّا مع اقتراب ذكرى ثورة الـ25 من يناير، مشيرة إلى أن هذا ما تستعد له الحكومة في ظل مظاهرات من قبل مجموعات متنوعة في القاهرة والمدن تردد شعار “ما تعبناش… الحرية مش ببلاش”؛ حيث يطالب المشاركون فيها بالإطاحة بالنظام، وينادي قادة المظاهرات باحتجاجات ضخمة في ميدان التحرير بالقاهرة تحت عنوان “الثورة الثانية”.
وحتى الآن فإن الحرب على الإرهاب والمظاهرات ليست القلق الوحيد للحكومة، فخلال الأسبوع الماضي قام 1000 مشجع لفريق الأهلي باحتجاز الفريق في الفندق الذي يقيم فيه، وهو ما نتج عنه تأخير المباراة لساعتين وذلك احتجاجًا على منعهم من حضور المباربات، بحسب ما قاله تقرير الصحيفة.
وختمت الصحيفة تقريرها بقولها: “نظرًا لأن الحكومة المصرية محاصرة بالسياسة الخارجية التي تمليها السعودية، والمشاكل المتفاقمة للميزانية التي أدت إلى نضوب الاحتياطي النقدي، وحرب طويلة ضد الإرهاب، وتصاعد الانتقادات الداخلية فإن مصر ما زالت بعيدة عن الإستقرار، والقلق الأكبر هو أن هذه المؤشرات حدثت قبل نهاية حكم الرئيس مبارك.. لن تحدث ثورة جديدة غدًا لكن أعراض الثورة تبدو خطيرة”.