أثارت تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شتاينتس”، والتي كشف فيها أن عبدالفتاح السيسي أمر بإغراق أنفاق قطاع غزة بناءً على طلب من القيادة الإسرائيلية، العديد من ردود الأفعال مصريًا وإسرائيليًا.
الوزير يتراجع عن تصريحاته
قال الوزير الإسرائيلي، إن عبدالفتاح السيسي أغرق جزءًا من أنفاق حماس نزولًا على طلب إسرائيل، مشيرًا إلى أن التنسيق الأمني بين تل أبيب والقاهرة “أفضل من أي وقت مضى”.
وبعد أن أثارت تصريحات “شتاينتس” الكثير من ردود الأفعال مصريًا وإسرائيليًا، سرعان ما حاول التنصل منها؛ حيث قال مكتبه: إن الانطباع الذي تركته أقواله “شتاينتس” عندما قال إن النضال المصري ضد الأنفاق هو بسبب طلب إسرائيلي ليس صحيحًا ولا يعكس الواقع”.
وعبر “شتاينتس” عن أسفه جراء “الانطباع غير المقصود” الذي تسببت فيه كلماته، على حد قوله.
وهاجم “تال ليبرمان” و”أفيعاد كيسوس”، في برنامجهما الإذاعي “الصباح” وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي “يوفال شتاينتس” بعد ما وصفاها بـ”زلة لسان”.
تصريحات الوزير الإسرائيلي كشفت السيسي أمام شعبه
وقال “أفيعاد”، وهو صحفي وإعلامي، في البرنامج المذاع على محطة “eco 99 fm“، إن تصريحات “شتاينتس” “كشفت السيسي” ووضعته في أزمة حقيقية وأظهرته أمام شعبه كما لو كان “جنديًا إسرائيليًا” في دولة كمصر تعاني من غياب الاستقرار.
وأضاف أن أسوأ ما يمكن أن يحدث لحاكم عربي هو اتهامه بـ”العمالة” لصالح “إسرائيل” في المجال الأمني، موجهًا حديثه للوزير الإسرائيلي بقوله: “قضيت على الرجل”.
وقالت صحيفة “معاريف” العبرية، إن التعاون الأمني بين القاهرة وتل أبيب من القضايا الأكثر حساسية، والنشر فيه أو الإدلاء بتصريحات على لسان مسؤولين إسرائيليين قد يتسبب في إثارة القلق والحرج لنظام الرئيس المصري، لذا حكومة نتنياهو فضلت عدم النشر أو التصريح بمعلومات بناء على طلب من الجانب المصري.
غضب في المنظومة الأمنية
ونقلت الصحيفة عن “يوسي ميلمان”، محلل الشؤون العسكرية، أن تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شتاينتس” التي كشف فيها عن إغراق مصر أنفاق قطاع غزة بناءً على طلب من تل أبيب، قد خلفت حالة من الغضب الشديد في المنظومة الأمنية الإسرائيلية نظرًا لحساسية المعلومات المتعلقة بالتعاون بين الدولتين.
وأضاف المحلل السياسي، أن عدم قدرة “شتاينتس” على ضبط النفس، وكشفه تلك التفاصيل على الملأ، يمكن أن يؤدي إلى أزمة في العلاقات بين تل أبيب والقاهرة.
ليست المرة الأولى
وقالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، اليوم الأحد، إن جهاز الموساد الإسرائيلي غضبان من تصريحات وزير البنية التحتية والطاقة يوفال شتاينتس عن التعاون الأمني مع مصر.
وأشارت الصحيفة إلى أن التعاون الأمني يعتبر من أكثر الموضوعات حساسية في علاقات البلدين، وتفرض السرية على المعلومات عن الطبيعة الدقيقة للأنشطة الأمنية المصرية الإسرائيلية.
ولفتت إلى أن الرقيب العسكري الإسرائيلي يفرض قيودًا مشددة على تغطية الصحفيين الإسرائيليين للعلاقات المصرية الإسرائيلية.
وأشارت إلى أن نظام السيسي يتردد كثيرًا في التحدث علنًا عن العلاقات مع “إسرائيل” خشية أن تذكي القوى المعارضة الغضب الشعبي بتصوير السيسي على أنه “متعاون” مع “إسرائيل”.
وقالت الصحيفة إن هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها مسؤول إسرائيلي معلومات تفضل المؤسسات الأمنية في تل أبيب أن تبقى طي الكتمان، وضربت الصحيفة مثالًا لهذا بتصريحات جلعاد عاموس، كبير مستشاري وزير الدفاع موشيه يعلون، الذي صرح أن الطيران الروسي ينتهك بشكل دوري المجال الجوي الإسرائيلي خلال استهدافه المتمردين في سوريا.
العلاقات المصرية الإسرائيلية في أحسن حال
ويؤكد محمد عصمت سيف الدولة، الخبير في الشؤون العربية، أن العلاقات المصرية الإسرائيلية في أحسن حال وأن التنسيق بين مصر وإسرائيل في أعلى مستوياته.
وأضاف سيف الدولة -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن الأحداث والوقائع التي تحدث في مصر تؤكد ذلك، ففي الوقت الذي رفض فيه حسني مبارك الذي وصفته إسرائيل بـ”الكنز الإستراتيجي” لها، والمشير حسين طنطاوي من بعده الاقتراب من الأنفاق، وإقامة منطقة عازلة بين مصر وغزة، جاء السيسي ليوافق عليها دون أي غضاضة، وكذلك الأنفاق التي رفض مبارك هدمها وتركها كمتنفس لسكان القطاع جاء هو وهدمها”.
وأشار سيف الدولة إلا أن السيسي يريد أن يحصل علي الاعتراف الدولي وقد ظهر هذا واضحًا عندما طلبت تل أبيب من اللوبي الصهيوني في واشنطن الضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما للإفراج عن المساعدات العسكرية لمصر.
وكشف سيف الدولة أن الجديد في هذه المرة هو الغضب الإسرائيلي من الوزير بعد تصريحاته، وحرص الاحتلال على عدم إحراج السيسي أمام شعبه، وتجعل خصومه يشككون في وطنيته، وهو ما يقلل قدرة إسرائيل على الاستفادة القصوى من العلاقات معه.
فضح السيسي
وقال الكاتب الصحفي وائل قنديل، إنه لم يفاجأ على الإطلاق في أن يكون إقدام عبدالفتاح السيسي على شن حرب المياه على غزة، بدعوى إغراق الأنفاق وردمها، قد حدث بناءً على طلب الاحتلال الإسرائيلي، أو بأمر الاحتلال المباشر، كما أعلن وزير البنية التحتية الصهيوني، يوفال شتاينتس، قبل يومين.
وأوضح قنديل -خلال مقاله بصحيفة “العربي الجديد”، اليوم الإثنين- أن المفاجأة هي جرأة الاحتلال في فضح ما يدور بين الكيان الصهيوني ونظام السيسي في الغرف المغلقة، الأمر الذي يفرض سؤالًا يتعلق بما وراء رغبة الاحتلال في تعرية جنرالهم المفضّل على هذا النحو المشين؟.
وأضاف أن تل أبيب تعلم جيدًا أن كلمتها لا تُرد، إذا تحدثت عن علاقتها بالإدارة المِصْرية؛ حيث لم يحدث أن تصدّى مسؤول مِصْري بالنفي والتكذيب، أو حتى التصويب، منذ اعتلى عبدالفتاح السيسي السلطة عن طريق الانقلاب في مِصْر، محققًا رغبة صهيونية، جرى التعبير عنها بعباراتٍ خادشة للحياء القومي، ترددت على ألسنة جنرالات وحاخامات وبارونات إعلام ومعلمي دبلوماسية في دولة الاحتلال الصهيوني.
وأشار قنديل إلى اندلاع موجة غضب فلسطيني ضد المساس بالمسجد الأقصى، وحينها خرج بنيامين نتنياهو متحدثًا عن اصطفافٍ مع القاهرة ضد الإرهاب، متسائلًا: “أي عار أكثر من ألا يمتلك مسؤول مِصْري شجاعة الرد على رئيس الوزراء الصهيوني، حين يقول، بملء الفم: “إسرائيل ومصر في خندق واحد للحرب على الإرهاب؟”.
وأكد أنه لم يعلّق أحد، لأنه لا أحد في النظام المِصْري يملك أن يرد كلمة للحكومة الصهيونية، كما أن الداعم الدبلوماسي الأكبر للنظام المِصْري في الخارج، والتي من أجل استمرار رضاها، تحارب قاهرة السيسي سيناء وغزة معًا، جوًّا وبحرًا.
تشكيك في التصريحات الإسرائيلية
وفي المقابل، قال رئيس تحرير صحيفة “المشهد” الأسبوعية، مجدي شندي: إنه لا يمكن أن يأخذ كلام الإسرائيليين على محمل الجد.
وأضاف “شندي”، في تصريحات لقناة “الجزيرة”، أن النظام المصري لم يرد على تصريحات الوزير الإسرائيلي لاقتناعه، بأنها لا تستحق الرد.
وتابع أن صحفًا مصرية نشرت هذه التصريحات باندهاش شديد منها، كما أشار إلى أن هناك قلقًا داخل دوائر صنع القرار في إسرائيل من استقرار مصر، و”عدم سقوطها فيما سقطت فيه دول الربيع العربي”.