أثار حضور نجل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل جنازة والده، أمس، الاستياء في الأوساط الثقافية والسياسية المصري؛ فقد سمح له بالعودة إلى مصر لحضور الجنازة، وكان قد هرب بعد ثورة يناير إثر منعه من السفر على ذمة بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم المصرية.
تلك العودة التي أثارت جدلًا قانونيًا؛ حيث يُدرج اسم نجل هيكل ضمن قوائم ترقب الوصول إثر صدور قرار من محكمة جنايات القاهرة بضبطه وإحضاره بعد تورطه فيما يعرف بقضية “التلاعب بالبورصة”.
نجل هيكل وصل قبل يومين لتوديع والده
وعلى عهدة الكاتب الصحفي صلاح منتصر، فإن “حسن” وصل قبل يومين لإلقاء النظرة الأخيرة على والده والمشاركة في تشييع جثمانه وتلقي العزاء.
وأضاف “منتصر”، في تصريحات صحفية، أنه ناشد السلطات المصرية والنائب العام قبل أيام، بالسماح لنجل هيكل بالحضور دون القبض عليه.
وحسن هيكل، أحد المتهمين في القضية الخاصة بالتلاعب في البورصة، بالاشتراك مع نجلي الرئيس المصري المخلوع علاء وجمال مبارك، وأصدرت محكمة جنايات القاهرة أمرًا بضبطه وإحضاره وقرر النائب العام إدراج اسمه على قوائم ترقب الوصول لهروبه خارج البلاد.
وفي مارس 2012، تمكن حسن هيكل من مغادرة مصر على طائرة خاصة بصحبة عائلته إلى مكان غير معلوم، على الرغم من صدور قرار من النائب العام بمنعه من السفر في فبراير 2012.
وفي 31 مايو 2012، قرر النائب العام تحويل حسن هيكل إلى محكمة الجنايات في قضية فساد متعلقة بصفقة بيع البنك الوطني المصري، كما قررت محكمة جنايات جنوب القاهرة ضبطه وإحضاره لمحاكمته في قضية التلاعب بالبورصة، وتحقيق كسب غير مشروع، بما قيمته نحو 2.5 مليار جنيه مصري.
أحمد قاسم
ورغم سماح النظام لنجل هيكل بتوديع والده، إلا أنه تعنت مع معارضيه المعتقلين في توديع أهليهم، فتعنتت السلطة مع المعتقل السياسي أحمد قاسم، صاحب الـ17 عامًا؛ حيث رفضت الجهات المسؤولة، منذ يومين، خروجه لحضور جنازة والديه اللذين تعرضا لحادث سيارة أثناء توجههما لزيارته بالسجن المركزي الجديد.
وقد طالب طارق العوضي، المحامى بالنقض، بالسماح للمعتقل لحضور جنازة والديه، وشارك العديد من النشطاء والحقوقيين في حملة للمطالبة بالإفراج عن قاسم لحضور جنازة والديه، فيما دعا العوضي، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، رواد موقع التواصل الاجتماعي لتداول قصة المعتقل أحمد قاسم، من أجل الضغط لإخراجه من المعتقل ليحضر دفن والديه ويتلقى العزاء فيهم. وأطلق على الحملة “المليون شير” لتأخذ شعار “سيبوا احمد يحضر عزا ابوه وامه”.
باسم عودة
لم تكن حالة قاسم هي الوحيدة؛ فقد سبقها حالات أخرى أبرزها الدكتور باسم عودة، وزير التموين الأسبق في عهد الرئيس محمد مرسي؛ حيث لم تسمح إدارة السجن بالمشاركة في تشييع جنازة والده في إبريل 2015.
ورفضت وزارة الداخلية الطلب المقدم من عودة، المحبوس في سجن العقرب شديد الحراسة، لحضور جنازة والده.
أيمن موسى
وسبق باسم عودة، المعتقل أيمن موسى، الذي رفضت السلطات قبل ذلك طلب عائلته بالسماح لابنها بالخروج من السجن لحضور عزاء والده في نوفمبر من العام الماضي، ويقضي موسى البالغ من العمر 21 عامًا، حكمًا بالسجن 15 سنة بدأها عام 2013، في سجن وادي النطرون وذلك في قضية تظاهر.
محمد ورضا وردان
كما طالبت رابطة أسر معتقلي السيالة بدمياط، النظام بتمكين المعتقلين محمد ورضا وردان، من حضور جنازة والدتهما التي توفيت بعد إصابتها بجلطة في المخ بسبب حزنها على ولديها وما يتعرضان له من إهانة وتعذيب.
ودعت رابطة أسر الشهداء منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان بالتدخل لرفع الظلم الواقع على المعتقلين بدمياط، ووقف نزيف الانتهاكات التي تمارس بحقهم والسماح لهم بحضور عزاء والدتهم ولكن هذا لم يحدث.
علاء الونش
وطالبت حملة “الحرية للجدعان” السلطات المصرية، بخروج علاء الونش، القاصر المحبوس احتياطيًا على ذمة القضية رقم 502 لسنة 2014 جنح الطفل في مؤسسة كوم الدكة بالإسكندرية، لتلقي العزاء في والدته التي توفيت، وتم رفض طلبه بحضور عزائها.
وأضافت الحملة، أنها “لا تطالب بالحرية للأطفال ولا حتى بإلغاء عقوبة الحبس الاحتياطي لهم، لكن فقط تطالب بالحق في حضور عزاء أقرب الناس” وهو ما رفضته وزارة الداخلية.
عزاء نجل حسن البنا
وعلق الإعلامي المصري، محمد ناصر، على السماح لابن الكاتب محمد حسنين هيكل بالعودة إلى بلده لأخذه العزاء بوالده الذي توفي الأربعاء، على الرغم من أنه موضوع على قوائم الترقب.
وقارن “ناصر” ذلك بما حصل بعد موت أحمد سيف الإسلام، نجل حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث رفضت الداخلية المصرية إجراء جنازة له، في المقابل سهلت كل الأمور لجنازة محمد حسنين هيكل.
عماد أديب سبق نجل هيكل
ولم يكن موقف الدولة من نجل “هيكل” هو الأول في اتخاذ إجراءات استثنائية، ووافقت للإعلامي عماد أديب على حضور عزاء والدته في مايو 2014، على الرغم من صدور حكم ضده، وكان قد صدر حكم ضد “أديب” على خلفية قضيته مع مؤسسة “اﻷهرام”، بسبب عدم تسديده لديونه التي وصلت إلى 16 مليون جنيه، قد اضطره للفرار خارج مصر، وغاب وقتها عن جنازة والدته.
علاء وسناء عبدالفتاح
فيما وافقت الداخلية أيضًا قبل ذلك على حضور الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، وشقيقته سناء، لجنازة وعزاء والدهما الناشط الحقوقي، أحمد سيف الإسلام، الذي وافته المنية، في أغسطس من العام الماضي، بعد أزمة صحية.
قرارات المحكمة واجبة النفاذ
وفي هذا الشأن، أكد الدكتور عماد موسى، أستاذ القانون الجنائي بجامعة أسيوط، أن قرارات محاكم الجنايات وقرارات النائب العام واجبة النفاذ لا يمكن إلغاؤها إلا بالسبل القانونية وهي أن يسلم المتهم نفسه ثم يبدأ بالطعن على القرارات الصادرة بحقه، وعقب موسى على ما حدث بقوله كان لا بد للسلطات المختصة أن تنفذ القانون وتلقي القبض على حسن هيكل فور وصوله الأراضي المصرية.
قضية التلاعب بالبورصة
جدير بالذكر، أن القضية المعروفة بقضية “التلاعب بالبورصة” بدأت نهاية عام 2012، عندما أصدر المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، قرارًا بإحالة رجل الأعمال حسن هيكل إلى محكمة جنايات القاهرة، ضمن آخرين كان من بينهم نجلي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
ووجهت النيابة العامة إلى نجل هيكل الاتهام بأنه مشترك مع موظفين عموميين بطريق الاتفاق والمساعدة في جريمة التربح وأنه حصل لنفسه ولشركائه على نحو نصف مليار جنيه -493 مليونًا و628 ألفًا و646 جنيهًا- بغير حق؛ حيث اتفق المتهمون على بيع البنك الوطني هادفين إلى تحقيق مكاسب مالية لهم ولغيرهم من أصحاب المصالح المشتركة، كذلك الاستحواذ على حصة من أسهم البنك في قبرص، عن طريق شركة تسهم في شركة الاستثمار المباشر بجزر العذراء البريطانية.
ومن المعروف أن رجل الأعمال حسن هيكل ونجل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذي وافته المنية أمس، كان من قادة مجموعة هيرميس المالية وتقع على عاتقه مسؤولية بنوك الاستثمار فيها، وحقق خلال عمله نجاحات اقتصادية منها طرح سندات أوراسكوم واستحواذها على الشركة الأردنية لينك بـ160 مليونًا، كذلك استطاع جذب شركة سيمبور لاستثمار 480 مليون فى شركة العامرية للإسمنت.