شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

محنة الإخوان بين الإصلاح والرئاسة «2-2»

محنة الإخوان بين الإصلاح والرئاسة «2-2»
إذن في نهاية حياة الإمام حسن البنا تأكد لديه إن معركة الوعي الديني قبل الدنيوي أهم معركة لم يتم تثبيتها لدى عدد مؤثر من أتباعه ، دعنا هنا من القليل والكثير، والجملة قالها للدكتور محمد فريد عبد الخالق وهي بوضوح: لو استقبلت

إذن في نهاية حياة الإمام حسن البنا تأكد لديه إن معركة الوعي الديني قبل الدنيوي أهم معركة لم يتم تثبيتها لدى عدد مؤثر من أتباعه ، دعنا هنا من القليل والكثير، والجملة قالها للدكتور محمد فريد عبد الخالق وهي بوضوح: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لعكفتُ على تربية الناس في المسجد ولما خرجتُ خارجه!

والشاهد هنا إن آليّات الاصلاح التي أرادها البنا وعكف عليها،  عبر أدبيات الجماعة، من تدرج من الفرد إلى الأسرة والشارع والحي والمدينة نهاية بالمجتمع،  تم الضغط عليه للتعجل بها من خط غير خط البداية الذي أراد، وفي نهاية حياته أقر بإن تربية الإنسان الثابت على الحق أعز ركن في دعوته..!

إذن فنحن أمام جماعة قامت من أجل إشعار الإنسان بقيمته في الحياة ومسئوليته تجاهها، والأخذ بيد المضىء فيه نحو النور والألق اللانهائيين بطاعة الله، أقصد بالإنسان الفطرة السوية فيه تلك التي تدفعه للارتقاء بالنفس والأسرة والمجتمع بل الحياة، ولكن أهواء الدنيا دخلت على الخط من آسف شديد، فصار ذلك المسلم الذي أراده البنا منتصراً لإرادة الاخلاص في المحيا والممات لله، يتعجل لا طريق الاصلاح بل طريق قيادة الناس، وبالتالي طلب الدنيا في أعز صورة لها، وصبغ ذلك الطلب بإنه في سبيل مرضاة الله، ومن هنا جاءت محن الجماعة المتكررة، وبدون دخول في ملابساتها إلا إن القائل بإن تلك المحن كانت عبر سذاجة سياسية من قادة للجماعة لم يبتعد عن الحقيقة، وإن بقي لي رأي في الأمر إنها ليست غلبة السذاجة بل ليّ عنق الواقع والحقائق بل دعوة البنا من أجل الوصول إلى الحكم، والوقائع معروفة وتشهد بإن الاستعجال في أبريل 2012م كان سيد الموقف في قرار النزول إلى “معترك” حكم مصر دون استعداد من أي لون أو نوع لا خاص ولا عام.

أذكر إنه في أبريل 2013م لاحظتُ إن دولاب الدولة في مصر يدور بصورة فيها استقرار لنظام الدولة الرتيبة التلقائية الباقية من عهد مبارك، فهاتفتْ أحد الأصدقاء من القيادات الوسطى سائلاً عن السبب .. وكان وما يزال حكيماً في كلماته، خفف الله عنه، فقال:
ـ هناك حالة من الركون العام داخل الجماعة والرضا بما وصلت إليه .. باختصار ليس في الامكان أفضل مما كان.. ونحن لا نعترف بهذا لتمام ضعفنا!
عبرتْ الكلمات عن خلجات نفسي بدقة وسآلتها حينها:
ـ وماذا عما هو مقبل؟!
إن مجموعة خطفتْ الجماعة بوضوح قبل ابريل 2012م وزجتْ بها في مستنقع الرئاسة، بعضهم ربما بحسن نية، لكن المحصلة النهائية هي إن الجماعة التي هي صاحبة ادبيات وثوابت لا تعرف إلا النهج السري الخالص في جميع أمورها، وعدم الاطمئنان إلى الآخرين إلا بصعوبة، والأمراض المترتبة على ذلك من عدم تصديق إلا الذين تعرفهم والتنكر للآخرين حتى تعرفهم، إن أمكن، وبالتالي تقديم الثقة على الكفاءات، والظن إن الجماعة وقادتها، الذين هم من علماء الدين أو الأقرب إليهم، من حيث تصنيف العلم، وظنوا في أنفسهم القدرة الفائقة على إدارة أمور الدنيا، بل ارتباط تلك القدرة برب العزة، ونسوا إن لله في كونه أسباباً لا ينتصر فيها إلا المجيد ولو كان عدواً لله، ظن خاطفو الجماعة إن الله سوف يحابيهم.. أو يجاملهم، حاشا لله، في سننه الكونية، ومن عجب إننا ما نزال عند هذه النقطة حتى  الآن مرابطين، قادة الجماعة الذين زجوا بها في هذه “الملحمة”، وابتعدوا بها عن أصيل أهدافها ما يزالون قابعين على قمة الجماعة بنفس النهج والطريقة بعد أن زاد عدد المُضارين مما فعلوا ويفعلون على المليون، بل ووصل الأمر بهم إلى الخلاف بوضوح على أمر يخص قيادة الجماعة بين فاشل وأفشل، وهما يحاولان تفسير الأمر على إنه صراع بين طرف قديم وجديد، وسلمي وحامل للسلاح، والحقيقة إن الفساد ضرب الطرفين بصورة عرضية، ورأينهم يحجبون المال عن معارضيهم ..الذين هم بالغو الضرر من قراراتهم المتعجلة غير المدروسة بحال من الأحوال، وتمادى الأمر ففوجئنا بأولئك الذين كانوا يدعون الاخلاص التام لله يتنازعون حول لائحة الجماعة، وهذا يقر واحدة والثاني يسعى نحو أخرى، وفي النهاية يتم ضرب الحائط باللاحئتين وتغليب المصالح الخاصة والبقاء على قمة هرم الجماعة المضارة إلى الأبد بحجة الشرعية، وكأنه لم يكف الناس ما لاقوه منها في مصر كي يعانوا من نتيجة “التلاعب” بها في خارجها وداخلها!

إن جماعة “تحتضر” نتيجة تصرفات “طائشة” لقيادات لم تراع الله من قبل تنتظر مخلصين يعيدون الدفة فيها إلى نصابها الحقيقي .. وما ذلك على الله بعزيز إن أراد .. وإلا فإنها النهاية شاء من شاء وأبى من أبى، فإذا كانت الجماعة غير قادرة على إصلاح نفسها، من الأساس، فكيف ستصلح غيرها؟!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023