أكد عدد من النشطاء السياسيين أن لقاء عبد الفتاح السيسي مع المثقفين لا يختلف كثيرا عن لقاءات مبارك، ووصفها البعض بأنها مجرد”شو إعلامي”، وأشار آخرون ممن حضروا اللقاء، إلى عدم معرفتهم بالآلية التي تم على أساسها اختيار المشاركين، ووصف بعض الخبراء المشاركين في اللقاء بمثقفي الحكم التسلطي.
آلية الاختيار
طالب الروائي إبراهيم عبد المجيد، أحد المشاركين في اللقاء، توسيع عدد المشاركين وتنوعهم، لبلورة رؤية للكتاب والمثقفين حول قضايا الحريات.
ونفى عبد المجيد -في تصريح خاص لـ”رصد”- عدم علمه بالآلية التي على أساسها تم اختيار المشاركين، مشيرا إلى أنه لم يطلب لقاء السيسي ولكنه فوجئ باتصال هاتفي من مؤسسة الرئاسة لحضور اللقاء.
وأوضح أن اللقاء تركز بشكل أساسي على قضايا الحريات والإعلام.
شو إعلامي
وأكد الناشط اليساري وائل خليل أن لقاء السيسي بالمثقفين كان مجرد شو إعلامي، وأن مؤسسة الرئاسة تختار من هم على هواهم.
وقال: إن مطالب الحريات لا تحتاج إلى لقاءات وشو إعلامي، ولكنها تحتاج إلى إطلاق الحريات والإفراج عن المعتقلين.
وأضاف خليل -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن لقاء السيسي بالمثقفين لم يختلف كثيرا عن لقاءات الدكتور محمد مرسي؛ ففي النهاية هي كلها مجرد لقاءات، وفي النهاية لا يتم تحقيق أي من المطالب الحقيقية.
وتابع: إن رفع القمع لا يحتاج حوارا والمطالب واضحة، لو فيه نية للحوار كان على الأقل نفذ السيسي الكثير من مطالب الثوار التي لم تنفذ، وأهمها الإفراج عن معتقلي الرأي.
سيطرة السيسي ما زالت ضعيفة
أكد محمد عصمت سيف الدولة، الباحث المتخصص في الشأن القومي والعربي، أن سيطرة السيسي على الدولة والمجتمع ضعيفة، وهو ما يضطره ان يوجه الدعوة إلى شخصيات ومثقفين لديهم مساحة من الاستقلال والنقد لسياساته، مثل عبد الله السناوي أو جلال أمين.
يقول سيف الدولة -في تصريح خاص لـ”رصد”- إن السيسي في ذلك عكس مبارك والسادات اللذين كانا يهمشان أي مثقف أو شخصية من خارج الحاشية، وقصة الكاتب الراحل محمد السيد سعيد شاهدة على ذلك،أما الرئيس مرسي فلقد كانت سيطرته على الدولة شبه معدومة، ولذلك كان يوجه الدعوة للجميع في محاولة لكسر الحصار المفروض عليه، ولم يكن لديه ترف الانتقاء، ومع ذلك لم يكن المدعوون يلبون دعواته في إطار حملة المقاطعة والاستقطاب والانقسام التي ضربت البلاد.
ويضيف: السيسي مضطر لتطعيم الوفود ببعض الأسماء التي لم تفقد استقلاليتها كاملة، حتى يعطي انطباعًا للرأي العام أنه حوار حقيقي، ولو كان بيديه لاقتصرت دعوته على شخصيات مثل أحمد موسى والكردوسي ولميس جابر وحفنة من خبرائه الاستراتيجيين الذين يسبحون بحمده ليل نهار في الإعلام، ولكنه لم يبلغ هذه القوة والسيطرة بعد، ولا أظنه أنه سيبلغها أبدا.
وتابع: ورغم ذلك فإن الغالبية العظمى من المدعوين كانوا من رجاله ورجال الأجهزة ومؤسسات الدولة، أو على الأقل من المتصلين بها عبر قناة أو أكثر، وجميعهم بدون استثناء يجب أن يكونوا من تلك المدرسة العريقة بين المثقفين والنخب المصرية التي تربت وترعرعت على ضرورة العمل من داخل الدولة والنظام، وأن العمل من خارجها مستحيل وخطير وأثمانه فادحة
الرأي العام الشعبي
وأردف: للأسف فإن غالبية المثقفين والسياسيين فى مصر من هذه المدرسة، خاصة حين يبلغون العقد السادس من العمر وما يليه، حيث يَرَوْن انه قد آن الأوان للهدوء و”الواقعية” وكفاية معارضة ومرمطة وتهميش وتجاهل، وأنه قد آن الأوان أن تعترف بِهِم مؤسسات الدولة وتفتح لهم منابرها ومؤسساتها وصحفها وقنواتها الإعلامية وتستعين بهم في المناصب والمراكز السياسية والثقافية والحقوقية.
ويواصل سيف الدولة وجهة نظره: بالطبع يعلمون أنهم لن يحصلوا على أي من ذلك بدون مقابل، وأن هناك أدوارا مرسومة لهم يجب أن يقوموا بها وانحيازات للنظام وسياساته الرئيسية يجب أن يروجوا لها، وأن هناك حملات سياسية ضد معارضي وخصوم النظام يجب أن يشاركوا فيها، كما أن عليهم أن يستوعبوا جيدًا وأن يلتزموا بالخطوط الحمراء وفقا للتعليمات، الرئيس خط أحمر، الجيش والمؤسسات السيادية خط أحمر، الدول الرعاة الماليين للنظام خط أحمر، وقس على ذلك.
ولفت إلى أنه داخل هذه المدرسة، هناك تفاوت في الأداء، فهناك من يقدم خدماته إلى النظام بدون حياء أو خجل أو أي كرامة أو احترام للذات أو للجمهور، وهناك من يصر على الاحتفاظ لنفسه بدرجة من الاحترام والاستقلالية، خاصة من أولئك الذين يدركون أن فقدانهم لمصداقيتهم لدى الرأي العام بمثابة الانتحار السياسي والأخلاقي.
واختتم سيف الدولة: “للأسف فإنه وباستثناء سنوات الثورة التي كانت السيادة فيها للشارع والميدان والرأي العام، فإن غالبية المسجلين في القوائم البيضاء للرؤساء أو للأنظمة أو للحكام أو السلطات أو للدولة، سمها ما شئت، يحتلون مكانهم فورا في القوائم السوداء أو الرمادية لدى الضمير والرأي العام الشعبي”.
اجتماع اللامبارك الثاني
ووصف د. نادر فرجاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، من حضر لقاء السيسي بمثقفي الحكم التسلطي الفاسد.
وقال: إن اجتماع اللامبارك الثاني مع من يسمونهم “المثقفين”، وكثير منهم قطعًا لا يستحق الصفة السامية، كشف من يعتمد عليهم الحكم التسلطي الفاسد في نسخته الحالية للتلاعب بعقول العامة خدمة لأغراضه الدنيئة.
وأضاف في منشور له على الفيس بوك: إن البعض منهم، من كانوا يحضرون اللقاءات المماثلة مع اللامبارك الأول، هم القلب الصلد للعفن الثقافي الذي ينخر في العقل الجمعي المصري في كل العصور، ولو تستر تحت عباءات الفكر والثقافة.