تحت شعار “التوحد وجدول أعمال 2030.. الشمول وتنوع النظام العصبي”، يحتفل العالم اليوم، باليوم العالمي لمرض التوحد، الذي يوافق الثاني من إبريل من كل عام؛ بهدف التوعية باضطراب التوحد، وتحسين حياة المرضى.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في رسالة له، إلى النهوض بحقوق التوحديين وضمان مشاركتهم وإدماجهم بشكل كامل باعتبارهم أعضاء مقدرين في أسرتنا البشرية المتنوعة يستطيعون الإسهام في مستقبل يتيح العيش بكرامة والفرص للجميع”.
– ما هو مرض التوحد.. أسبابه.. طرق الوقاية منه؟
مرض التوحد
هو اضطراب دماغي وقصور مزمن في النمو، يحد من قدرة المريض على التواصل مع بيئته بسبب تأخر نمو بعض الوظائف النفسية المرتبطة بالمهارات الاجتماعية واللغوية، وبعض الذين يعانون من هذا المرض يتمتعون بمواهب غير عادية.
تبدأ هذه الأعراض خلال السنوات الثلاث الأولى للطفل، ولم تكتشف حتى الآن العوامل النفسية والبيئية المسببة لها، بل يغلب الظن بأن سبب هذه العوامل جذور عضوية في المخ والجهاز العصبي المركزي.
اكتشاف التوحد للمرة الأولى
تم اكتشاف مرض التوحد منذ 73 عامًا، على يد الطبيب ليو كانز، عام 1943، ويعد من الأمراض الأكثر غموضًا بين الاضطرابات العصبية والذهنية لدى الأطفال؛ بسبب عدم التوصل للأسبابه الحقيقية أو لوسائل علاجه.
وفي ديسمبر2007، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 إبريل بوصفه اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، لتسليط الضوء على الحاجة إلى تحسين حياة الأطفال والبالغين الذين يعانون من هذا المرض.
يصيب التوحد الأطفال من كل الأعراق والقوميات، وبعض المصابين البالغين يستطيعون العمل وإعالة أنفسهم، لكن البعض الآخر يحتاج إلى الكثير من المساعدة، لا سيما أولئك الذين تضررت لديهم العمليات الذهنية أو الذكاء، أو الذين لا قدرة لهم على الكلام أو التواصل.
التوحد في أرقام
تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية، إلى أن عدد المصابين بالتوحد وصل إلى 67 مليون مصاب، وتتزايد هذه النسبة حول العالم.
ويمتلك ما يقدر بـ1.5% إلى 10% من الأفراد المصابين بالتوحد قدرات غير عادية، بدءًا من المهارات المتعلقة بحفظ الأمور البسيطة إلى المواهب النادرة المعجزة للغاية التي تتواجد لدى العلماء المصابين بالتوحد.
ويمتلك ما بين 60-80% من المصابين بالمرض، علامات حركية تشمل ضعف العضلات، وضعف التخطيط للحركة، وضعف في المشي على القدمين.
ويصدر عن 75% منهم سلوك غير عادي في تناول الطعام، لذا كان يعد مؤشرًا لتشخيص المرض.
أعراض التوحد
تظهر أعراض التوحد على الأطفال في سن الرضاعة، وهناك نوع آخر من الأطفال ينشأ طبيعيًا وفجأة ينغلق على نفسه ويصبح عدائيًا، أو يفقد المهارات اللغوية التي اكتسبها.
– مريض التوحد لا يستجيب لمناداة باسمه، ولا يكثر من الاتصال البشري المباشر، وغالبًا ما يبدو أنه لا يسمع محدثه، ولا يدرك مشاعر وأحاسيس الآخرين.
– يبدأ الكلام في سن متأخرة، ويفقد القدرة على قول كلمات كان يعرفها، يقيم اتصالًا بصريًا حينما يريد شيئًا ما ويتحدث بصوت غريب، ويتكلم باستعمال صوت غنائي وتيري، ولا يستطيع المبادرة إلى محادثة أو الاستمرار في محادثة قائمة.
– ينفذ حركات متكررة مثل الدوران في دوائر أو التلويح باليدين، كما أن لديه عادات وتقاليد ينميها ويكررها دائمًا، مثل فقدانه سكينته لحدوث أي تغيير، ويكون دائم الحركة ويصاب بالذهول والانبهار بأغراض معينة، وشديد الحساسية للضوء والصوت واللمس، بجانب عدم إحساسه بالألم.
طرق الوقاية
لا يمكن الحزم بطرق الوقاية من التوحد؛ بسبب عدم الوقوف علي الأسباب الحقيقية للإصابة به، لكن يمكن القول إنه لا بد من ملاحظة سلوك الطفل لملاحظة أي اضطراب في سلوكه بما يساعد على التشخيص المبكر للمرض ومن خلال التشخيص المبكر والمعالجة المركزة، تتحسن قدرة معظم أطفال التوحد على إقامة العلاقات مع الآخرين، والتواصل معهم.
كيف تتعامل مع طفلك المصاب بالتوحد
التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد يشغل اهتمام الأسرة لما له من ظروف خاصة؛ حيث يتم التعامل معه بأسلوب مختلف ومدروس، يمكن تلخيصها في 9 نقاط:
1- الشجاعة: دون أدنى شك العاطفة الأولى التي تشعر بها عندما يتم تشخيص طفلك هي الخوف، فأنت تخشى ما يخبئه المستقبل لطفلك، وتخشى قدرتك على رعاية طفلك لأن الأمور لن تكون سهلة، والإنسان عادة يخشى ما لا يفهمه، فاذا وجدت طفلك يعاني من التوحد فلا تجزع وتعامل معه بشجاعة.
2- المعرفة: كن على استعداد لمواجهة التحدي الذي ينتظرك، تمامًا مثل أي تحدٍ في الحياة يحتاج إلى المعرفة والفهم، لذلك اطلب من الطبيب أن يخطرك بعدد من الكتب لقراءتها والاطلاع على المواقع الطبية الجيدة التي لها علاقة بحالة طفلك.
3-القبول: يجب أن تواجه التحديات المختلفة، وأن تبدأ في رؤية أكثر من تشخيص لطفلك، وهذا يمكن أن يضر بسعادتك، ولكن يجب أن تشاهد طفلك على ما هو عليه حقًا، وتدرك أن التشخيص هو جزء منه، ويجعله حالة فريدة من نوعها فلا تخف مما يفعله طفلك، بل أحب طفلك مهما كان واقبله كما هو.
4- تقديم الدعم: بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين يدعمونك، ففي نهاية المطاف، فإن الشخص الذي سوف يفعل المزيد لطفلك أكثر من أي شخص آخر هو أنت ، فكن أكبر داعم لطفلك، ولا تدع أي شيء يمنعك من الحصول على المساعدة لطفل، أو في الوصول إلى الإجابات التي تحتاجها بخصوص ما يعاني منه.
5- الصبر: وجود الأطفال أصحاب المرض المزمن، أو ذوي الاحتياجات الخاصة يعني أن الأمور ستكون ثابتة، وليس هناك طريقة حول كيفية التعامل مع السلوكيات، والتأخير في التنمية، والكثير من زيارات الطبيب، والقائمة تطول وتطول، عليك أن تكون على استعداد لانتظار النتائج، والدعاء، فالتقدم لن يحدث بين عشية وضحاها، لذلك تحلى بالصبر، واستمر في فعل الأشياء الصحيحة لطفلك، حتى لو كان يبدو لك أنه لا يتحسن.
6- القدرة علي التحمل: يجب أن تتعلم كيف تتعايش مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وكيف تواجه التحديات التي قد تكون لبعض الموقت، أو تدوم مدى الحياة.
7- الأمل: في كثير من الأحيان تشعر بأنك وحيد، ويسيطر عليك شعور بأنك لن تستطيع الاستمرار في مسؤولياتك، وستكون هناك أيام تبكي فيها قبل النوم؛ نتيجة القلق حول مستقبل طفلك وخوفك من الموت، لكن يجب أن تبقى شرارة الأمل موجودة في نفسك كوالد.
8- السعادة: في خضم تلك الأيام المظلمة، يمكن أن يكون هناك لحظات من الفرح؛ مثل الفرح في رؤية طفلك وهو يحقق مهارات الجديدة التي قد يستغرق فيها شهورًا، وربما سنوات لتحقيقها. أو الفرح في سماع طفلك يتحدث للمرة الأولى. كذلك الفرح في الحصول على المساعدة التي تسعى إليها من طبيب أو مدرس معين. والفرح في التقدم، سواءً كان كبيرًا أو صغيرًا.
9- الحب: كلنا نحب أطفالنا بغض النظر عن التحديات التي تواجه طفلنا في هذه الحياة، لذا أظهر لطفلك أنك تحبه بإعطاء المزيد من وقتك، واللعب، والضحك معهم، ولا تسمح لإعاقة طفلك بسرقة الحب الذي تشعر به، لأن الحب هو أمر أبدي ينتظره طلفلك، وينتظر سماع “أنا أحبك” كل يوم.
التوحد في مصر
أكدت دراسات منظمة الصحة العالمية، أن من بين 88 طفلًا في مصر هناك طفل يعاني من أعراض مرض التوحد بدرجات مختلفة، ونسبة حدوث المرض أعلى بـ5 مرات لدى الذكور من الإناث.
وقالت الدكتورة مها عماد، مدير إدارة الأطفال بالأمانة العامة للصحة النفسية، إن نسبة انتشار مرض التوحد في مصر تصل لـ1% أي نحو 900 ألف مريض.
التوحد في العالم العربي
في الوقت الذي تمتلئ الدول الغربية بعدد من البحوث ومراكز تشخيص ورعاية المصابين بالتوحد، تعاني الدول العربية من نقص في الخدمات المتوفرة لمئات الأطفال المتوحدين، كما أنه لا توجد نسبة محددة لمعدل الإصابة بمرض التوحد.
وهناك تجارب أكثر نجاحًا انطلقت في بعض الدول العربية، تحديدًا لبنان والكويت، أما في لبنان، فرغم وجود أكثر من جمعية تطوعية، تعد الجمعية اللبنانية للتوحد الأكثر بروزًا، ومنذ عام 2005، نجحت في توفير خدماتها لنحو 600 طفل مصاب بالتوحد، في حين يبقى نقص التمويل العائق الوحيد الذي يحول دون وصولها لعدد أكبر من الأطفال.