تعيش أسر المعتقلين من أبناء الفيوم بسجن الوادي الجديد الملقب بـ”بطن الحوت”؛ على أمل احتضانهم مرة أخرى بعد إعلانهم الإضراب المفتوح عن الطعام والزيارات لليوم الخامس على التوالي.
سالم سعيد محمد ذو الـ47 عاما، نموذج لهؤلاء المعتقلين بسجن الوادي، متزوج وأب لخمسة أبناء أكبرهم بالمرحلة الجامعية وأصغرهم “ضحى” ذات الخمسة أعوام والتي سماها استبشاراً بقدوم الفجر الجديد لثورة الخامس والعشرين من يناير، يعمل فني هندسي بالهيئة العامة لكهرباء الريف بمحافظة الفيوم.
بقلب مكلوب وحزن دفين بدأت شقيقة المعتقل، سوزان سعيد حديثها ببكاء وقالت: أخى الأكبر توفي منذ 8 أشهر وحتى الآن لم نخبره بوفاته والأكثر ألماً أنك تكذب كل زيارة حين سؤاله عنه وتردد: “في أفضل حال، ويرسل لك السلام”.
وعن معاناة أهالي المعتقلين بسجن الوادي الجديد، قالت: “تم ترحيلهم فى مايو الماضي إلى سجن الوادى الجديد ، لم يكن بأيدينا شيء سوى الدعاء والصبر على الابتلاء نتعطش ليوم الزيارة لاطمئنان عليهم إلى أن نزلت الكارثة على رؤوسنا كالصاعقة الخميس الماضي فبعد سفر 600 كيلو وسط الصحراء وانتظار أكثر من 10 ساعات أمام بوابة السجن أن تسمع كلمة “مفيش زيارة”.
استكملت: وحين تطالب بمعرفة الأسباب ومقابلة مأمور السجن لا تجد سوى جنود الأمن المركزى ينهالون عليك بالعصا والشوم؛ لإجبارنا علي الرحيل، فى النهاية عرفنا الحقيقة أن المعتقلين “مضربين”.
وتصف حياة معتقلي الوادي الجديد وتقول: لم نستغرب كثيراً فهم في منفى عن العالم محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية؛ فالسجن يُعتبر بمثابة منفى قسري للمعتقلين سياسياً، وعين الرقابة غائبة وكثير منهم أصيب من جراء التعذيب بالعديد من الأمراض الخطيرة، ضيق في صمام القلب وحساسية في الصدر ومشاكل في الكلى والكبد بسبب الماء الملوث وأمراض بالجلد وأمراض في العظام، والكثيرمن الأمراض، فضلاً عن حرمانهم من التريض والإهانات المستمرة بحقهم.
وتابعت حديثها عن الزنزانة: “لا تزيد مساحتها على 4 × 6م بارتفاع 4 أمتار، وجدرانها من الخرسانة المسلحة وبها دورة مياه غير مسورة مساحتها متر × متر كما أن بها خمسة شبابيك مساحة كل منها 60 ×40 سم، وارتفاعها عن أرض الزنزانة 3 أمتار، ولا تسمح بدخول أشعة الشمس أو الهواء؛ لأنها تطل على المناور الداخلية التي تحتوي على مواسير الصرف الصحي، ويتكدس داخل كل منها ما بين 25 إلى 35 معتقلا.
وبمرارة تكلمت عن تشريفة دخول سجن الوادي، والتي أشرف عليها مأمور السجن عند استقبالهم، حيث تم تجريدهم من ملابسهم فيما عدا الملابس الداخلية وأجبروهم على الزحف على الأرض أكثر من 3 كليومترات، وتم وضعهم في مواسير الصرف لأكثر من 3 أيام بدون طعام.
واختتمت حديثها بوصية أخيها لزوجته، بأن تعطر بدلة السجن وتدفن معه يوم وفاته لتشهد على الظلم الذي تعرض له.
بانهيار يقول محمد ذو العشر سنوات: “لما بشوف أي ولد معاه أبوه بسأل نفسي سؤال: ليه بابا مش معايا؟ عشان كان على الحق، إحنا معاه ومهما عذبوا فينا هنفضل بردوا نزور بابا”.
وناشدت الأسرة جميع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولى بالتضامن مع المعتقلين المضربين بسجن الوادى الجديد وسرعة الاستجابة لمطالبهم المشروعة بنقلهم إلى سجن الفيوم العمومي.