ظهرت بوادر أزمة دبلوماسية جديدة بين مصر وأفريقيا بعدما تقدمت الدبلوماسية الكينية إيفون خاماتي بمذكرة إلى رئيس البعثات الدبلوماسية الأفريقية بشأن ما وصفته بسوء سلوك رئيس الوفد المصرى خلال الجلسة الثانية لاجتماع جمعية البيئة بالأمم المتحدة.
غضب أفريقي
وذكرت خاماتي أنه أثناء النقاش مع الوفد المصري، قام رئيس الوفد والرئيس الحالي لمؤتمر وزراء البيئة بوصف دول صحراء أفريقيا -مصطلح يطلق على باقي دول أفريقيا غير الواقعة فى الشمال باستثناء السودان – بالكلاب والعبيد.
وأكدت خاماتى أن الاتحاد الأفريقى قام على المساواة وعدم التفرقة بأي صورة وأن ما قام به رئيس الوفد المصري لا يوجد له مكان بالاتحاد الأفريقي، وقد يؤثر على فرص أفريقيا في استضافة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، كما أنه يعكس نقص إخلاص مصر للقارة السمراء، وأضافت أن أفريقيا فقدت الثقة في قيادتها ولا تشعر أن لديها الدافع الأخلاقي لتمثيل أفريقيا في أي مفاوضات.
الدبلوماسية المصرية تعيش أسوأ مراحلها
أثارت تصريحات رئيس الوفد المصري العديد من ردود الأفعال الغاضبة من قبل حقوقيين وسياسيين مصريين، مؤكدين أن مثل هذه التصريحات تعبر عن وصول الدبلوماسية المصرية للحضيض.
يقول مجدي حمدان، القيادي السابق بجبهة الإنقاذ: إن الدبلوماسية المصرية تعيش أسوأ مراحلها، وانغماسها في المساعدة على الحصول على المنح والقروض جعلها تبعد تمامًا عن منهجيتها الأصلية، مشيرًا إلى أن وصف شعوب أفريقيا بالعبيد جريمة دبلوماسية.
وأضاف حمدان في تصريح خاص لـ”رصد”: أن تفرغ وزارة الخارجية للأمور الجانبية مثل مشكلة الوزير مع “مايك” قناة الجزيرة، جعل الوزارة موضع استخفاف وسخرية، فليس من المستغرب أن يقول وفد مصر عن الأفارقة إنهم عبيد وكلاب، فهو تعلم في مدرسة بير السلم الدبلوماسية برئاسة وزيرها الحالى.
وتساءل حمدان لماذا يتم الإبقاء على وزير الخارجية الحالي وإدارتة بعد فشله المتكرر في التوصل لحلول لكل مشاكل المصريين بالخارج وطرق التعامل معهم وإهانتهم، ولولا السوشيال ميديا لما استرد المواطن المصري بالكويت بعضًا من كرامتة.. والوزارة والوزير الحالي هم جزء من نظام يترك الساحة للفاسدين ويحارب كاشفي الفساد.
غياب الديمقراطية
وقالت المحامية والناشطة الحقوقية نيفين ملك، تعليقًا على وصف مسؤول مصري لشعوب أفريقيا بالعبيد والكلاب: لا أعرف السر فى عنصرية بعض المسؤولين تجاه أفريقيا والأفريقيين، ولم تكن المرة الأولى التى يتم فيها تداول أخبار عن تلفظ مسؤول بألفاظ غير لائقة عن الإخوة الأفارقة؟!.
وأضافت ملك في تصريخ خاص لـ”رصد”: إنه الجهل والعنصرية المتغلغلة في فكر وثقافة البعض.. للأسف تنتشر هذة الثقافة فى المجتمعات غير الديمقراطية والمنغلقة؛ حيث لا مجال لقبول الآخر؛ بداية من المختلف في الرأي ومرورًا بالاختلاف الأيديولوجي أو المذهبي أو العرقي أو الديني.
وأوضحت ملك أن المجتمعات غير الديمقراطية ترسخ لثقافة الكراهية وازدراء الآخر المختلف معه، ولذلك تظهر مثل تلك التصرفات غير الأخلاقية والعنصرية، والكارثة أن من يقوم بها قد لا يدرك مدى خطورتها.
لا فرق بين المصريين والأفارقة من وجهة نظر النظام
ووجه محمد عصمت سيف الدولة، الباحث في الشأن القومي العربي، رسالة إلى المواطنين الأفارقة قائلا: “لا تحزن أخي الأفريقى فإنه بصرف النظر عن حقيقة ما جرى، فإن نظرة السلطة المصرية للشعب المصري لا تختلف عن هذه النظرة الاستعلائية.
وأضاف سيف الدولة في تصريح خاص لـ”رصد” : قالها وزير العدل السابق صراحة، أحمد الزند، وقالها من قبله، مدير أمن البحيرة فى أيام الثورة الأولى، وتقولها ممارساتهم اليومية داخل أقسام الشرطة وفى السجون والمعتقلات، ويقولها السيسي كل يوم حين يلمح فى خطاباته المتعددة بأن الشعب المصرى واحتياجاته تمثل عبئًا على الدولة، وأن ٥ مليون موظف فى الدولة لا لزوم لهم، وتقولها جهات التحقيق وقضاة المحاكم حين يمدون الحبس الاحتياطى بلا سقف، وحين يحكمون على الناس بالإعدام بالجملة، وحين يزجون بآلاف الأبرياء فى السجون، وحين يحشرون العشرات فى زنازين ضيقة، وحين يؤجرون المواطنين الشرفاء ويحرضوهم على وضع البيادات فوق رؤوسهم.
وتابع سيف الدولة: “يلقنونهم كلمات مثل نحن عبيد البيادة، وحين يختصرون الدولة فى مؤسساتها ولا يقيمون أي وزن لشعبها، وحين يعقدون الصفقات ويفرطون في أراضي الوطن ويقترضون ملايين الدولارات بدون أي اعتبار للأي العام وموقف الشعب، وحين يحولون مجلس الشعب إلى أداة خاضعة للسلطة التنفيذية، وحين يستخفون بحقوق الناس وحرياتهم ويعتبرونها من المسائل الثانوية، وقبل ذلك وبعده حين يسعون بكل قواهم وأدواتهم لصناعة فرعون جديد.. فهم في كل ذلك إنما يمارسون عقيدتهم الراسخة.. أنهم هم السادة وأن باقي الشعب من العبيد.
ومن جهته استنكر الناشط الحقوقي هيثم أبوخليل وصف أحد المسؤولين المصريين شعوب أفريقيا بالعبيد والكلاب. وقال أبوخليل في تصريح خاص لـ”رصد”: ان الدبلوماسية المصرية تنهار وتصل للحضيض،في عهد سامح شكري، نتيجة استمرار وتفشي المحسوبية والوسايط فيها وإبعاد الكفاءات عنها.