مقتل آخرطبيب أطفال
ورفض “معاذ” مغادرة حلب تحت أي ظرف، ورغم المآسي كان حريصًا على إضفاء جو من المرح للتخفيف من توترات الحرب التي تضرب المدينة السورية.
شهادات علي أرض الواقع
نشرت صحيفة ديلي تلغراف تقريرا كشفت فيه حجم المخاطر والصعوبات التي يواجهها الأطباء السوريون تحت وابل القصف الروسي والنظام السوري أثناء تأديتهم لعملهم الإنساني لإنقاذ ضحايا هذه الحرب الشرسة.
ويحكي الطبيب يوسف، أحد الأطباء الذي يعمل في منطقة تحت سيطرة الثوار تعد الأكثر تعرضا للقصف في العالم ، أنه فقد خمسة أطباء من أعز أصدقائه وثلاثة ممرضين وفنيين، حيث قتل ثلاثة من الأطباء بطلقات نارية والاثنان الآخران قتلا بقنابل النظام.
واضاف: أحد الفنيين قتلته قنبلة روسية والآخر ببرميل متفجر للنظام، ومن الممرضين الثلاثة قتل أحدهم بالقصف الروسي والاثنان الآخران بأيدي النظام.
وبعد أن كان طبيبا للأنف والأذن والحنجرة بأحد المستشفيات السورية أصبح الآن مطاردا ومطلوبا من قبل النظام لعلاجه الناس في مناطق الثوار، ومن قبل تنظيم الدولة لرفضه الانضمام والعمل مباشرة معهم عندما كان لهم وجود بمحافظتي حلب وإدلب.
ويذكر أن الضربات الجوية الروسية أصابت عشرة مراكز طبية خلال شهر واحد، وسجلت منظمة أطباء بلا حدود إصابة 12 مستشفى هذا الشهر أيضا بما في ذلك ست منشآت تديرها أو تدعمها.
ويقول الطبيب سمير أحد زملاء يوسف: إن العيادات الطبية تضطر للتخفي تحت الأرض “ونقضي معظم حياتنا الأسرية في هذه السراديب. وفي كل يوم نفحص نحو مئتي مريض من المدنيين أو المقاتلين”.
فقدت بعثة “سوريا – أطباء عبر القارات” ثلاثة من أهم كوادرها الطبية في سوريا خلال السنتين الماضيتين فقط ، بحسب المنسق الإعلامي للبعثة خالد مصطفى، كما تعرض المستشفى التخصصي المركزي في إعزاز، أكبر المستشفيات بريف حلب الشمالي، لقصف ثلاث مرات من الطيران الروسي ، مما دفع منظمة “أطباء عبر القارات” إلى إيقاف العمل به ونقله إلى مكان آخر ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في ريف إدلب.
استهداف المستشفيات
ومنذ بداية العام الحالي فقط ، تم قصف 13 مرفقا صحيا في سوريا، بحسب ما قالت منظمة أطباء بلا حدود، وأضافت خلال بيان رسمي لها أن المستشفيات والعيادات لم تعد تشكل أماكن يستطيع المريض أن يستعيد عافيته فيها.
وفي 30 سبتمبر الماضي، تم استهداف 22 مستشفى ومدرسة في مناطق واقعة ضمن محافظات حلب وإدلب واللاذقية ودرعا، بينها مستشفيات للتوليد والأطفال.
وأضاف التقرير: أصيبت المنشآت الطبية السورية بأضرار مادية فادحة بفعل آلة الحرب، ففي حلب وحدها تعرّضت أكثر من نصف المنشآت الطبية للدمار الكامل، أبرزها مستشفى الكندي الذي تهدّم بفعل الاشتباكات، والذي كان يعد أحد أضخم مستشفيات علاج السرطان ومرضى الكلية في الشرق الأوسط، أما المجمع الطبيّ الذي تمّ قصفه في حي قاضي عسكر، فكان يضم أكبر مركز لعلاج العيون في سوريا، كما تعرّضت بعض المشافي لأضرار مادية جزئية أدت إلى توقفها عن العمل، كمشفى “زاهي أزرق”، ولم يبقَ لمرضى حلب من خيارات سوى المشفى الجامعي ومشفى الرازي، وعدد من المشافي الصغيرة الخاصة، معظمها متخصّص في التوليد.
وبالرغم من معرفة الأطباء أن الأحداث في سوريا تجري علي صفيح ساخن، إلا أنه يتم من الحين للآخر تنظيم قوافل طبية ومطالبة الأطباء توفير مجال لدخول سوريا لمعالجة المصابين، ومن أبرز تلك المعابر، معبر “جابر” الحدودي بين سوريا والأردن.
ولا يسلم الأطباء من حملات الاعتقال الممنهجة التي تشنها قوات الأسد، ليمحو النظام أي فرصة لتقديم المساعدة للمدنيين الجرحي والمصابين.
وذكر تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، منتصف العام الماضي، أن “143 عاملاً في القطاع الطبيّ قد قتلوا، بينهم 64 طبيبا و27 صيدليا و 52 مسعفا”.
وتشير إحصائيات توزع الضحايا إلى أن النسبة الأكبر من الأطباء الشهداء كانت تتركّز في مدينة حمص، يليها ريف دمشق وإدلب ثم حلب،
أما عن الأطباء المعتقلين في سجون النظام فتذكر الشبكة السورية لحقوق الإنسان وجود قرابة الثلاثة آلاف معتقل من العاملين في المجال الطبي ، وأن 13 منهم قد قضوا تحت التعذيب.
قلة الإمكانيات
بالرغم من محاولة الأطباء بذل أقص ما في وسعهم لعلاج الجرحي ، إلا أنهم يواجهون مشكلة قلة الامكانيات والأدوية والمعامل بالاضافة إلي نقص الدواء إذ يعاني القطاع الدوائي من نقص حادّ في عدد من الأصناف الدوائية، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى توقف المصانع المحلية عن إنتاجها، وصعوبات استيرادها من الخارج.
ويصل عدد المصانع التي توقفت عن العمل إلى 30 مصنعا، وفق تقديرات وزارة صحّة النظام. بينما خرج ما يقارب الـ24 مصنعا عن سيطرة النظام، واستمرّ في إنتاج الدواء ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
هجرة الكوادر
كان نقيب الأطباء السوري قد صرح أن عدد الأطباء الذين هاجروا خلال الأزمة يصل إلى نحو 30% من إجمالي عدد الأطباء”، مبينا أن “الكفاءات الطبية التي هاجرت تضمنت اختصاصات نوعية” ،حيث ترك نحو 9 آلاف طبيب سوريا بسبب الأزمة”، و اختصاصات الأطباء الذين هاجروا خلال الأزمة تضمنت، العصبية، والقلبية، والقثطرة القلبية، والجراحة النسائية”.
وأضاف: لا يزال 70 % من الأطباء يرفضون مغادرة سوريا وأصروا علي البقاء في أراضيها إما البقاء حتى الانتصار ومعالجة الجرحى، أو الاستشهاد أثناء تأدية الواجب.