النظام المصري يبني أكبر سجن على مستوى العالم مساحته 432600 متر مربع
منذ انقلاب 2013 زاد عدد السجون 19 سجنا ليبلغ عددها 52 سجنا في مصر
قطر الأولى عربياً والـ 14 عالمياً في التنافسية بينما مصر في المرتبة 116 عالمياً
في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم لتوجيه مواردها المالية للتعليم، وبناء المرافق الصحية، وتخصيص موازنات للبحث العلمي..، فان مصر بقيادة السيسي تتجه لبناء اكبر سجن في العالم!.
ليس “مزحة” ولا تجنيا، بل اعلنت الحكومة المصرية ذلك علنا، فالسجن سيتم بناؤه على مساحة تبلغ 432600 متر مربع، ويقع على طريق القاهرة – اسيوط، لينضم بذلك الى 8 سجون شيّدت بأمر السيسي مباشرة، فيما بلغت السجون التي بنيت منذ الاطاحة بالرئيس محمد مرسي اول رئيس مدني منتخب في يوليو 2013 سواء بأوامر مباشرة من السيسي او من وزارة الداخلية، 19 سجنا، ليرتفع عدد السجون في كل ارجاء مصر الى 52 سجنا، عدا مراكز الاحتجاز التي يبلغ عددها 382 مقر احتجاز داخل اقسام ومراكز الشرطة في مختلف المحافظات، اضافة الى السجون السرية في المعسكرات، رغم الازمات الاقتصادية الخانقة التي تعيشها مصر، فتكلفة سجن واحد يتم حاليا تشييده وهو سجن مركزي بسوهاج، خصص له 90 مليون جنيه، فلمن بنيت هذه السجون؟.
العالم يتحدث عن الحريات والديمقراطية والفضاء المفتوح..، وفي مصر بعد انقلاب 3 يوليو 2013 يتسابقون لتسجيل اكبر سجن في موسوعة جينيس!.
هذه السجون لم تبنَ لتكون “مزارات” سياحية، انما ليزج فيها ابناء مصر العزيزة، التي بات عشرات الآلاف منهم اليوم خلف القضبان، فأقل الارقام “هيومن رايتس” تتحدث عن 42 ألف معتقل في السجون المصرية منذ 2013، بينما المنظمات الحقوقية المصرية التي تراقب على ارض الواقع تتحدث عن ارقام اكبر من ذلك بكثير، فبعض هذه المنظمات يقول ان عدد المعتقلين 60 او 80 الف معتقل، بل إن احد لواءات وزارة الداخلية المصرية قال ان الرقم يقارب 120 الف معتقل، بينما من دخل السجون في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية بالتبادل (دخل وخرج) يصل الى 180 الف شخص!.
لا تستغربوا هذه الارقام، فمن تابع الاعتقالات والمحاكمات يصل الى قناعة بأن ما تمر به مصر اليوم مشهد عبثي لا يمكن تصديقه في الافلام المصرية، ولا اظن ان دولة بالعالم شهدت احكاما بالإعدام في السنوات الماضية من عمر الانقلاب كما حصل في مصر، التي تجاوزت احكام الاعدام فيها 2000 شخص، وبالجملة، والمؤبد و10سنوات و15 سنة فما فوق بالآلاف، بل إن رئيسا منتخبا حكم عاما واحدا يصدر بحقه حكم بالاعدام و85 عاما سجنا، علما انه لم يثبت عليه سرقة او اختلاس مالي او مخالفات يمكن الاستناد اليها، بل ان تهمته التي حكم عليه بالاعدام بسببها هي “تخابر مع دولة شقيقة قطر”، و”تخابر مع حماس” المحاصرة في غزة، بل ان هذا الحاكم المنتخب لم يتسلم راتبا طوال عام من حكمه، ثم تدار عليه مؤامرة، ويحدث انقلاب، ويختطف ويسجن، في مسرحية عجيبة غريبة، والاعجب ان المشاركين في هذه المسرحية ممن يسمون انفسهم بالقضاة!.
لم ينج احد من دخول السجون في مصر في عهد العسكر، بمن فيهم الطلبة والاعلاميون، والذي ضرب واعتقل رئيس نقابة الصحفيين، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ نقابة الصحفيين المصريين، بل حتى الاطفال اعتقلوا، ليس هذا فحسب، بل حتى المتوفون اصدروا عليهم الاحكام، ووصل الامر لإصدار احكام بالاعدام والمؤبد على فلسطينيين استشهدوا منذ سنوات، والبعض منهم معتقل لدى سلطات الاحتلال الاسرائيلي، إلا اذا كانت الاحكام لدى الجانبين كل يكمل الآخر!.
لم تنج النساء والاطفال والطلاب من الاعتقالات، مما دفع الى ان يصل عدد الفارين من مصر منذ الانقلاب الى الآن اكثر من 450 الف شخص، من بينهم عدد من السياسيين، اما من قتل فالارقام تتحدث عن ان الرقم تجاوز 4000 شخص، والحالات التي توفت داخل اماكن الاحتجاز وصلت الى 381 شخصا، والطلاب المعتقلين 3462 طالبا.
هذا هو مشهد حقوق الانسان في مصر العزيزة، التي تحاول السلطة الحاكمة اليوم اضفاء “زينة” على المشهد كما فعل فرعون في سالف الازمان على ارض مصر.
لا يمكن للمليارات التي ضخت في مصر خلال السنوات الماضية من عمر الانقلاب ان تنقذه، لأن العدالة غائبة، والفساد منتشر بشكل متشعب، فما تلقته مصر خلال تلك الفترة يفوق ما تلقته طوال عقود من الزمن، فالارقام تتحدث عن 33 مليار دولار دفعتها دول خليجية الى مصر كدعم مادي “نقدا”، عدا الاستثمارات التي تجاوزت المليارات، والإسهام بتوفير احتياجات مصر من المحروقات، وودائع بنكية مليارية، وبالمناسبة حدث انخفاض كبير في الاحتياطي النقدي الاجنبي وصل الى نحو 13.6 مليار دولار، بعد ان كان يتجاوز 17 مليارا رغم كل الدعم، الذي كان يفترض ان يكون اليوم في حدود 40 مليارا، بينما الرئيس المسجون اليوم والمحكوم عليه بالاعدام تسلم الحكم وكان الاحتياطي 17 مليارا وسلمها بنفس المبلغ دون ان ينخفض منها دولار، رغم كل العقبات والمشاكل التي خلقت له طوال العام، وليس هذا فقط بل قام بتسديد 700 مليون دولار لنادي باريس.
والاحتياطي النقدي الاجنبي لا يكفي بالرقم الحالي المواد الاساسية لشعب مصر لاكثر من 3 اشهر، بناء على تقرير البنك المركزي المصري، بالمناسبة الاحتياطي العام سوف ينخفض الى اقل من ذلك خلال الفترة القادمة.
ولم اذكر بالطبع المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في شرم الشيخ من اجل دعم الاقتصاد المصري، والذي حسب تصريحات المسؤولين المصريين والإعلام المصري جلب اكثر من 60 مليار دولار.. فأين ذهبت كل هذه المليارات الدولارية التي لو رصفت بها شوارع القاهرة لكفت وربما زادت.
قناة السويس الجديدة، او “التفريعة ” التي هللوا و”زغردوا” لها، والتي جمعوا لها 60 مليار جنيه، واعلنوا في حفل “اسطوري” انها سوف تضاعف دخل القناة، وانها من الشهر الاول سوف تسترجع ما صرف عليها، لم يمر شهر الا وكان هناك تراجع في الايرادات حسب تقارير رسمية.
اقول والأسف يعتصرني ان مصر اليوم في مؤخرة المؤشرات الدولية الايجابية، وفي مقدمة المؤشرات السلبية، فعلى سبيل المثال في مؤشر التنافسية العالمية 2015 /2016 كان ترتيب مصر 116 عالميا من بين 140 دولة، بينما قطر التي “ينبحون” عليها هي الأولى عربيا والـ 14 عالميا.
اما في مؤشر مدركات الفساد فان مصر تحتل المركز 88 عالميا، بينما قطر 22 عالميا، وقس على ذلك في مختلف المؤشرات العالمية، ان كانت تعليمية او صحية او اقتصادية…
هذا امر مؤسف بالنسبة لنا أن يصل حال اكبر دولة عربية الى هذا الوضع، وهي التي يفترض انها تقود العمل العربي في كل شيء، وتكون النموذج في التنمية، لكن الواقع يقول عكس ذلك.
الشعوب العربية ونحن في قطر في مقدمتهم نتطلع الى مصر القوية، اقتصاديا.. عسكريا.. سياسيا.. امنيا.. تعليميا..، نتطلع الى مصر الرائدة، ونؤمن أن مصر القوية هي قوة للعرب، ودونها لا يمكن للأمة العربية ان تسترجع قواها، وتسترجع حقوقها.
يحز في النفس ما نشاهده اليوم في مصر من مشاهد عبثية على اكثر من صعيد، وأحداث اقل ما يمكن القول عنها انها “مهازل” تحدث على ارض مصر.