في ظل أجواء من الفرحة عمت معظم المدن الليبية وخاصة مدن الغرب يتواصل فرز الأصوات في أول عملية انتخابية بعد خمسين عاما من تحريم الديمقراطية، وفي الوقت ذاته أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 60% وإن إعلان النتائج رسميا سيكون نهاية الأسبوع الجاري، فيما أشادت ردود الفعل الدولية بنزاهة العملية الانتخابية الأولى.
وقال نوري العبار رئيس المفوضية العليا للانتخابات: إن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 60%، مضيفا أن عدد المصوتين بلغ أكثر من مليون وستمائة ألف ناخب لاختيار جمعية وطنية تتألف من مائتي عضو تتولى إعداد الدستور وانتخاب رئيس للوزراء، وتمهد الطريق لتنظيم انتخابات برلمانية كاملة العام المقبل.
كما ذكر نورى العبار أن إعلان النتائج بصورة رسمية سيكون نهاية الأسبوع. في حين سيتم الإعلان عن النتائج الأولية في المراكز الانتخابية وتحال نسخة منها إلى المفوضية ومركز المعلومات الرئيسي لتذاع بعد ذلك النتائج تباعا من خلال المركز الإعلامي للمفوضية.
ومن ناحية أخرى أوضح العبار في مؤتمر صحفي مشترك مع وكيل وزارة الداخلية رئيس لجنة تأمين الانتخابات عمر الخضراوي بطرابلس، ان خطة تأمين يوم الانتخاب "كانت ناجحة بنسبة كبيرة بالرغم من بعض الاختراقات الأمنية التي أثرت على عمل بعض مراكز التصويت".
وسيتم فرز أوراق التصويت وتسجيل النتائج الأولية الخاصة بكل مركز انتخابي وستعاد تلك الأوراق إلى صناديقها ويتم غلقها ونقلها إلى المخازن الرئيسية للمفوضية العليا للانتخابات لإتاحة الفرصة أمام الطعون التي ستقدم من المرشحين فور انتهاء الفرز بحسب ما ذكره نورى العبار.
التزام بالوعود
ولم يمر اليوم الانتخابي من دون سقوط ضحايا، حيث قال الخضراوى: إن شخصا توفي في المستشفى بعد أن اشتبك معه شابان قرب مركز انتخابي في أجدابيا ولدى محاولة أحد عناصر الأمن المكلفين حراسة المركز التدخل لفض الاشتباك، اشتبكا معه بالسلاح ثم نقل الثلاثة إلى المستشفى مباشرة.
وفى سياق متصل وصف رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل الانتخابات باللحظة الحاسمة والحرجة والتاريخية، وقال لدى الإدلاء بصوته: إن هذا اليوم سيؤسس لدولة ليبيا الجديدة، معتبرا أن ما تشهده ليبيا دليل على الالتزام بالوعود المتعلقة بتداول السلطة، وحيّا جميع من وقف في الداخل والخارج مع الثورة الليبية حتى انتصارها.
وبدوره أكد رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب أن الانتخابات تسير بشكل جيد، وأشار إلى وقوع بعض الحوادث البسيطة التي يمكن أن تحدث في أي مكان،على حد تعبيره.
إنجاز رائع
وعلى صعيد المراقبين وصف ايان مارتن المبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا فى تصريحات صحفية هذه الانتخابات بالإنجاز الرائع، وقال: إن البعثة الأممية لم تتلق أي شكاوى تتعلق بالجانب الفني لسير العملية الانتخابية، لافتاً إلى أن هناك قلقاً بالنسبة للشأن الأمني.
وفى نفس السياق قال النائب الألماني ألكسندر غراف لامبسدورف الذي يرأس وفد المراقبين الأوروبيين المكون من 21 مراقبا، إنه "يوم تاريخي بالنسبة لليبيا"، وأضاف أن مراكز الاقتراع التي تمكن وفده من زيارتها كانت منظمة بشكل جيد والإجراءات تنفذ حسب القانون، كما أن الناخبين كانوا منضبطين وشاع جو من البهجة في أنحاء البلاد.
بدوره قال قائد الفريق جون ستريملو الذى بعث به مركز كارتر ويتكون من 32مراقبا: إن ما أنجزته الحكومة الليبية في 11 شهرا فحسب "أمر رائع"، مضيفا "ينبغي أن يشعر الشعب الليبي بالفخر لأنه تمكن من تحقيق كل تلك الإنجازات في هذا الوقت القصير"، غير أن الموقف ليس مشجعا بهذه الدرجة في شرق البلاد.
وعلى صعيد المراقبة الإفريقية قال عصام شرف رئيس بعثة مراقبة الاتحاد الإفريقي للانتخابات الليبية، ان نسبة المشاركة وصلت فى بعض اللجان التى زارها وفد المراقبين 65% وفى لجان أخرى الى 85%.
إشادة دولية
وعلى صعيد ردود الفعل الدولية إزاء أول عملية انتخابية فى ظل أجواء أمنية غير مشجعة هنأ الرئيس الامريكى باراك اوباما الشعب الليبي وقال فى بيان له أمس السبت إن الناخبين خرجوا في جميع أنحاء ليبيا لممارسة حرياتهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس، وشارك معظمهم في الانتخابات للمرة الأولى في حياتهم، وقد أدلوا بأصواتهم لممثليهم في المؤتمر الوطني العام التي تؤدي إلى المرحلة التالية من الانتقال في ليبيا".
وأضاف أن الولايات المتحدة ستساهم كشريك في المرحلة التي يعمل فيها الشعب الليبي على بناء مؤسسات مفتوحة وشفافة، واستتباب الأمن وسيادة القانون والنهوض بالفرص، وتعزيز الوحدة والمصالحة الوطنية، مشير ان هناك العديد من التحديات التى تواجه الدولة الليبية.
ومن جهتها رحبت كاترين آشتون -المفوضة السامية للشئون الخارجية والأمن لدى الاتحاد الأوروبي- بالانتخابات الليبية واعتبرتها يومًا تاريخيًا وبداية عصر جديد من الديمقراطية في ليبيا.
وقالت آشتون في بيان مشترك مع ستيفان فول -نائب رئيس المفوضية الأوروبية والمسئول عن توسيع سياسة الجوار الأوروبية: "لقد جرت الانتخابات في مناخ من الحرية، حيث أقبل الليبيون على التصويت من أجل تقرير مستقبلهم بأسلوب اتسم بالنظام والكرامة وذلك بالرغم من أن التقارير قد تحدثت عن بعض حوادث العنف المنفردة".