شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ما بين القديسَين والبطرسية.. لماذا لا يصدّق الشعب بيانات النظام!

ما بين القديسَين والبطرسية.. لماذا لا يصدّق الشعب بيانات النظام!
أثار الإعلان السريع الذي أدلى به عبدالفتاح السيسي عن منفذ تفجير الكنيسة البطرسية العديد من علامات الاستفهام والافتراضات والتكهنات المتباينة، كان الشك والارتياب عاملاً مشتركًا بين معظمها، خاصةً وأن العديد من وسائل الإعلام

أثار الإعلان السريع الذي أدلى به عبدالفتاح السيسي عن منفذ تفجير الكنيسة البطرسية العديد من علامات الاستفهام والافتراضات والتكهنات المتباينة، كان الشك والارتياب عاملاً مشتركًا بين معظمها، خاصةً وأن العديد من وسائل الإعلام المحسوبة على النظام كانت قد أعلنت عن أن المنفذ امرأة دخلت إلى الكنيسة وبحوذتها حقيبة تحمل القنبلة، ثم ظهر السيسي ليعلن عن أن المنفذ شاب يبلغ من العمر اثنين وعشرين عامًا، فأثيرت التساؤلات: كيف وصل الشاب إلى مكان مخصص للنساء وهو ممنوع داخل الكنيسة؟ ثم كيف عبر بحزام ناسف من الأبواب؟ ثم ماذا عن تصريحات ذويه بأنه خارج البلاد.. الخ 
لماذا يشك الشعب في روايات النظام؟
يرى الدكتور عمرو عبد الرحمن سياسي أكاديمي، أن التاريخ جزء لا يتجزأ من هذه المسألة، فمنذ الخمسينيات والنظام العسكري دأب على الكذب على الرأي العام فيما يخص أحداث العنف، لكن للأسف لا يظهر ذلك إلا بعد سنوات عندما تظهر مذكرات أحد المشاركين في الأحداث.
ويستطرد: هناك شهادة تاريخية شهيرة لأحد “الضباط الأحرار” في ثورة 1952م المصرية، هو خالد محيي الدين، بأن جمال عبد الناصر هو الذي افتعل تفجيرات عام 1954م، في القاهرة، لإلهاء الناس عن حقيقة ما يجري من السطو على السلطة والدولة المصرية، بالإضافة إلى شهادة أحد الضباط الأحرار وهو حسن التهامي بأن عبد الناصر كان مدبرًا لحادث المنشية عام ١٩٥٤م، ليتمكن من الإطاحة بخصومه السياسيين من الإخوان المسلمين وكسب تعاطف الشعب، ويؤكد أن الشعوب لا تقتنع بمثل هذه الحقائق إلا بأدلة دامغة مثل هذه الاعترافات. 
وفي السياق ذاته يقول نبيل الفولي كاتب صحفي مصري مهتم بالشأن السياسي، أوصلت إدانة حبيب العادلي بارتكاب جريمة “القديسين” قبيل طوفان 25 يناير 2011م، إلى الجماهير المصرية رسالة- من المفترض أنها واضحة جدًا- مفادها أن مبارك ونظامه كانوا يتاجرون بدماء الشعب، ويفتعلون أحداث الفتنة الطائفية، وأنهم لكي يحققوا هدفًا -مثل التغطية على أزمة أو قرار أو قانون ما أو للتخلص من استحقاق أو آخر- كانوا مستعدين للعبور إلى ذلك على جسر من دماء المواطنين مسلمين ومسيحيين
ثم كانت أحداث ماسبيرو التي ثبت تورط الحيش المصري فيها بما لا يدع مجالا للشك.
من جانبه يقول الإعلامي حمزة زوبع، من أراد أن يعرف أسباب شك الشعب في روايات النظام حول الأحداث والنظر لها بعين الريبة، فليتذكر بيان الداخلية حول تفجير مديرية أمن القاهرة واتهام محمد بكري هارون بأنه منفذ التفجير، رغم أنه كان معتقلاً لدى وزارة الداخلية وقت وقوع الحادث، وليتذكر أيضًا اتهام فلسطينيَين في حادث تفجير مديرية أمن المنصورة، وهما حسن سلامة ووسام عويضة، الأول استشهد في عام ٢٠٠٨م، والآخر معتقل لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ  ١٩٩٦م، ويقول: ما بين لفافة بانجو خالد سعيد وتفجير القديسين يستطيع الجميع الوصول إلى الحقيقة.
المسيحيون ليسوا استثناء
من جانبه يرى د. أحمد سمير أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم، أن المسيحيين في الحالة المصرية ليسوا استثناء في هذا الأمر، فالنظام لا يهمه ديانة المستهدف بقدر الاستفادة من الموقف وتوظيفه لصالحه، فالدولة التي تستهدف المسيحيين أحيانًا هي تلك الدولة التي تفتح معتقلاتها على مصارعها لكل من يعارضها مسلمًا كان أو مسيحيًا، ويؤكد: لقد أصبح المسيحيون في مصر على قناعة تامة أن مساندتهم ووقوفهم إلى جانب النظام منذ انقلاب الثالث من يوليو، لم ولن يكون شفيعًا لهم لدى هذا النظام طالما أنه في حاجة لإيذائهم أو التآمر عليهم، وأنهم مثلهم مثل غيرهم من طوائف الشعب مستهدفون طالما أن النظام يريد ذلك.
فرصة للتلاحم من جديد
ويرى نبيل الفولي أن الجريمة التي وقعت في الكاتدرائية فرصة لوصل اللحمة الوطنية المصرية، وجمع الأصوات المخلصة بعيدًا عن مسوِّقي بضاعة النظام ومزوري الحقائق وتجار الدماء البريئة من المسلمين والمسيحيين، مؤكدًا أنه لن يستقيم حال المسيحيين ولا المسلمين في مصر إلا حين يدرك الفريقان أن الاستبداد خصم لهما معًا، ولا يصلح أن يكون نصيرًا لأحدهما على الآخر.
 ومع أخذ عبد الفتاح السيسي للأمر على عاتقه شخصيًا في إعلان اسم منفذ تفجير الكنيسة المرقسية يظل لسان الشعب ناطقًا بالسؤال الأهم: كيف أصدقك ولماذا؟!

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023