تحرص دول الخليج خلال الفترة الحالية على توطيد علاقتها مع اثيوبيا، وزيادة حجم الاستثمارات الخليجية بها، ما اصاب النظام المصري بتخوفات، في ظل توتر العلاقات المصرية- السعودية..
قطر واثيوبيا
غادر وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، مساء امس الاثنين، العاصمة المصرية، بعد حضوره الاجتماع الوزاري للجامعة العربية، متوجها إلي إثيوبيا، وفق مصدر أمني بمطار القاهرة.
أوضح المصدر الأمني ذاته، أن وزير الخارجية القطري توجه إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على متن طائرة خاصة، دون مزيد من التفاصيل.
ووصل وزير خارجية قطر القاهرة، الأحد، لحضور اجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن أحداث مدينة حلب السورية، الذي انتهى مساء الاثنين، قبل سفر الدبلوماسي القطري.
وكان مصدر إثيوبي مطلع قال، في وقت سابق، إن وزير الخارجية القطري سيصل إلى العاصمة أديس أبابا، مساء الاثنين، في أول زيارة له إلى إثيوبيا منذ تعيينه في منصبه في 27 يناير الماضي.
وقال المصدر، إن بن عبد الرحمن سيلتقي خلال الزيارة، التي لم يعرف مدتها، الرئيس ملاتو تشومي، ورئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين، ووزير الخارجية ورقني جبيوه.
واتفقت إثيوبيا وقطر على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية الكاملة بعد مرور أكثر من أربع سنوات من إقدام حكومة أديس أبابا على قطع علاقاتها مع الدوحة، بدعوى أن الأخيرة “تنتهج سياسة معادية” لها، وهو ما اعتبرته الدوحة في حينها “مزاعم وادعاءات ليس لها أساس من الصحة”.
كان قطع العلاقات على خلفية احتفاظ قطر بعلاقات جيده مع إريتريا، التي تتهمها الحكومة الإثيوبية بدعم الجماعات المسلحة المناهضة لها.
الموقف السعودي
وصل مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي، أحمد الخطيب، يوم الجمعة الماضية الى العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، وزار سد النهضة ، وقالت مصادر رافقت المسؤول السعودي في زيارته، إن الخطيب، كان في استقباله مدير مشروع سد النهضة، سمنجاو بقلي، كما أنه أجرى مشاورات مع وزير الخارجية الإثيوبي ورقنه جبيهو.
وأكد التليفزيون الإثيوبي الرسمي أن مستشار العاهل السعودي التقى، الجمعة الماضية، رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، وأنه جرى خلال اللقاء الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة.
من جانبه، دعا ديسالين، السعودية إلى دعم مشروع سد النهضة ماديًا والاستثمار في إثيوبيا، وأكد رغبة بلاده في التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة والطرق والكهرباء والزراعة، فضلًا عن التعاون في مجال السياحة، فيما قال الخطيب: إن السعودية وإثيوبيا لديهما إمكانات هائلة ستمكن البلدين من العمل معًا لتعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بينهما، وأشار، خلال لقائه مع وزير الخارجية الإثيوبي، إلى أن المستثمرين السعوديين يرغبون في العمل بإثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة.
وتتجاوز الاستثمارات السعودية في إثيوبيا 12مليار ريال سعودي من 2011 حتى 2015
الإمارات شريك في سد النهضة
يوم 1 يونيو 2013، وجه المتحدث الرسمي للحكومة الإثيوبية “بريخيت سمؤون”، شكره “العميق” لكل من الإمارات وإسرائيل لدعمهما بناء سد النهضة.. وهو كلام نقلته حرفيًا جريدة “العلم” الإثيوبية عن “سمؤون”! وانتقد وزير الري الأسبق، د. محمود أبو زيد، الاستثمارات الإماراتية الضخمة في إثيوبيا، والداعمة لاستكمال بناء سد النهضة.
وفي ديسمبر من عام 2015، اعترف وزير الاقتصاد الإماراتي، سلطان بن سعيد المنصوري، بأن استثمارات بلاده في إثيوبيا تبلغ ثلاثة مليارات درهم (816.6 مليون دولار).. وأشار إلى أن الإمارات تولي أهمية لتعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إثيوبيا، وقال “إن السوق الإثيوبية تتمتع بموارد طبيعية غنية، وتوفر فرصًا واعدة للاستثمار في عدد من المجالات والقطاعات”.
وأضاف المنصوري، خلال استقباله وفداً وزارياً من الحكومة الاثيوبية، أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين في تنامٍ مستمر، “إذ سجل إجمالي حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نحو 788 مليون دولار خلال 2014”.
أسباب التقارب السعودي الأثيوبي
يبدو ان للسعودية مصلحة في سد النهضة، بسبب استثماراتها الزراعية في اثيوبيا والسودان، وحاجتها للماء، حيث كشفت تقارير أن السعودية بدأت منذ عام 2008 في التوجه لاستثمارات زراعية في أراضي إفريقية وخاصة إثيوبيا، مدفوعة بالاستهلاك الكبير للأرز الذي يحتاج إلى الكثير من المياه لزراعتها.
ويستثمر السعوديون ما يغطي 800 ألف فدان في إفريقيا، وبحسب تقديرات ستاندارد بنك مؤخرا تستثمر السعودية 70% من مجموع الاستثمار العالمي في الزراعة بأفريقيا.
وتقترب السعودية من أزمة غذائية لأنها لا تزرع، وسكانها يستهلكون الكثير من الغذاء، وتنتج السعودية الدواجن المحلية ما يقرب من 800 ألف طن أقل من استهلاكها في عام 2012، بينما يبلغ عجزها في انتاج الدقيق نحو 1.800.000 طن والذرة 1.880.000 طن وفقا لستاندارد بنك، والسبب ندرة المياه في السعودية، والاستهلاك العالي للمياه الذي تزايد أكثر من الضعف منذ عام 2006.
وضاعفت السعودية استثماراتها في مجال الزراعة في السودان العام الماضي إلى 50%، وذلك مكافأة لها على مشاركتها في “عاصفة الحزم”.
وذكر موقع “المونيتور” ان زارة الري في مصر أعدت تقارير رفعتها إلى الرئاسة تعبر عن قلقها من استخدم السودان حصته كاملة من مياه النيل بسبب الاستثمارات الزراعية.
ووقعت السعودية مع السودان في 3 نوفمبر 2015 على أربع اتفاقيات، تبلغ قيمتها 2 مليار وربع المليار دولار لتمويل ثلاثة سدود على النيل شمال السودان.
وتذكر تقارير أن السودان لديها 200 مليون فدان معد للزراعة، لم تستثمر فيها زراعيا سوى 30 مليون فدان.
وتحدث تقرير في موقع “زيهابيشا”، المهتم بالشأن الإثيوبي، عن ملياردير ينادونه في أثيوبيا بالشيخ واسمه محمد حسين العمودي، إثيوبي المولد سعودي الجنسية، يبيع المحاصيل الزراعية إلى السعودية، وتستورد السعودية مليون طن من الأرز.
ونشر موقع “بلومبرج” أن شركة أثيوبية يمتلكها محمد العمودي “السعودية ستار للتنمية الزراعية” تخطط لاستثمار 100 مليون دولار في مزارع الأرز غرب أثيوبيا.
المكايدة السياسية
دخلت العلاقات السعودية – المصرية مرحلة اخطر من “المناكفات” والضربات القوية “تحت الحزام”، في نقله نوعية من الحملات الإعلامية الشرسة المتبادلة، الى الدخول في تحالفات اقتصادية وسياسية مع الخصوم الإقليميين.
وترى مصر التقارب السعودي الاثيوبي المتزايد تهديدا لها، ويصب في مصلحة تعزيز التوجهات الاثيوبية، التي تهدد الامن المائي المصري، وحصتها من مياه نهر النيل على وجه الخصوص.
هذه “الهجمة” الدبلوماسية والاستثمارية السعودية تأتي في وقت تتوتر فيه العلاقات المصرية السعودية، والمصرية الاثيوبية، الأولى بسبب التقارب المصري مع سورية وايران، والثانية بسبب قلق الحكومة المصرية من تأثيرات سد النهضة على حصة بلادها من المياه.
إبراهيم يسري يهاجم التحرك العربي
وعن الموقف العربي مع اثيوبيا، أدان السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق، التحركات العربية، قائلا إنه رغم خلافة مع نظام الانقلاب، لكنه لم يستطع فهم زيارة مستشار الملك سلمان وتليها زيارة وزير قطري لإثيوبيا ووصف البعض هذه الزيارات بكيد النساء”.
وأضاف: “ولكني صدمت ككل المصريين فقد تفاءلت بتولي الملك سالمان بل وطالبته بقيادة العرب والوقوف أمام حملة إبادة السنة ومشروع كيري لافروف في المشرق، كذلك حملت وما زلت كل تقدير لدبلوماسية قطر وحرفيتها وإنحيازها للحق العربي لكني لم أفهم سبب زيارة الوزير القطري والدخول مع السعودية في مشروعات استثمارية مع اثيوبيا التي تعطش شعب مصر وتدمر وجوده”.
وأردف: “بالطبع كنّا نعلم أن سد النهضة يبنى بأسمنت من مصانع مستثمر سعودي يدعي العامودي وأن الإمارات لها أيضًا استثمارات في اثيوبيا ولكن بعد مؤامرة سد النهضة توقعنا أن يقف العرب مع شعب مصر رغم خلافاتهم مع النظام المصري ومن المؤكد أن ضعف مصر كان وما يزال يسبب لشعبنا العربي خسارة جمة، والسؤال هنا هل بلغت السياسة العربية حد السذاجة لتطبيق كيد النساء على مصر لكي تدور عليهم الدوائر فيقولون كلنا يوم أكلت مصر”.
وتابع: رفعت دعوى لإلغاء اتفاق سد النهضة، ولكني أشعر وكأن العروبة قد وقعت في مقتل بالسعي لإفشال تدمير الشعب العربي في مصر بالتعاون مع إثيوبيا جريًا على منهج السياسة المصرية”.
واختتم: “أملي أن تعيد دول الخليج النظر في دعم إثيوبيا وأوغندا قبل أن يسطر التاريخ نهاية العرب كما يخطط دونالد ترامب علنًا وأوباما وكلينتون من وراء ستار ولن تكون حلب هي الوحيدة في عالمنا من المحيط الي الخليج بل ستصبح أكبر مدننا حلبًا أخري.. متى الخلاص من السياسة العربية القبلية الساذجة؟”.