تزامنًا مع حالة تراجع الدولار عالميًا، تناولت الصحف المصرية هذه الحالة بحملة إشادة بإجراءات حكومة شريف إسماعيل. فتحت عناوين متشابهة لـ”استقرار الدولار في الأسواق وتوقعات بانخفاضه إلى 15 جنيهًا”، أرجعت الصحف تراجع العملة الخضراء إلى فضل أداء الحكومة وسياساتها، فيما هناك ثلاثة أسباب خارج نطاق الجنيه المصري “المعوَّم” أجبرت الدولار على التراجع.
شهدت أسعار صرف الدولار منذ أمس (السبت) انخفاضًا جديدًا، بعدما أعلن البنك المركزي عن هبوط الدولار إلى أدنى مستوى له منذ 30 يومًا؛ إذ سجل الدولار 17.93 جنيهًا للشراء مقابل 18 جنيهًا للبيع.
بينما عرض بنك “المصرف المتحد” أسعار صرف بلغت 17.50 جنيهًا للشراء مقابل 17.60 جنيهًا للبيع، وعرض “مصرف أبو ظبي الإسلامي” 17.60 جنيهًا لشراء “الأخضر” و17.70 جنيهًا للبيع.
وعرضت السوق السوداء، التي شهدت (ركودًا) كبيرًا، متوسط أسعار بلغ 17.85 جنيهًا للشراء مقابل 18 جنيهًا للبيع، وفقًا لمتعاملين بها.
توقف الاستثمارات الصينية
قال الخبير المصرفي أحمد آدم، في تصريح لـ”رصد”، إن السبب في انخفاض سعر الدولار هو توقف الشركات الصينية عن العمل لمدة شهر؛ بسبب إجازة رأس السنة في الصين، التي تبدأ من 15-1 إلى 15-2.
وتابع: “تعيش الصين إجازة سنوية تمتد حتى نهاية الشهر الحالي تقريبًا؛ ما يعني أن المستوردين ليست لديهم حاجه ضرورية لشراء الدولار بغرض استيراد سلع من الخارج؛ ما يعني أن هناك ركودًا مؤقتًا اضطراريًا في نشاط المستوردين بسبب إجازات الصين، أكبر مورد لمصر”.
وأضاف آدم أن الدولار سيعود مجددًا؛ فنحن لم نغير سياسة الاستيراد، ومصر تستورد حوالي 85% من احتياجاتها من الخارج، والأغلب يكون من الصين، موضحًا أن الشركات في الصين ستبدأ عملها من الأسبوع المقبل، متوقعًا زيادة جديدة في أسعار الدولار.
وأكد آدم أن الانخفاض في سعر الدولار مقابل الجنيه مؤقتٌ ولأيام معدودة، محذرًا من المبالغة في التفاؤل بعد الارتفاع الذي شهده الجنيه.
ترحيل الأرباح
ورأى الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن الانخفاض المفاجئ للدولار في الأيام الماضية يعد أمرًا مؤقتًا وغير مؤثر أو معبر عن حالة الاقتصاد؛ فنحن في موسم عطلات رسمية، صاحَبَه تقفيل الميزانيات للشركات، وترحيل الأرباح، وتوقف التجارة بسبب الأعياد.
وتوقع “عبده” عودة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه مرة أخرى خلال منتصف فبراير الحالي ليقترب من الـ20 جنيهًا؛ خاصة مع عدم وجود تحسن في مصادر النقد الأجنبي الأربعة، وهي “إيرادات قناة السويس، تحويلات المصريين في الخارج، الاستثمار الخارجي، السياحة”.
تراجع عالمي
هوى الدولار الأميركي مقابل العملات الأخرى منذ الثلاثاء الماضي ليتجه صوب أسوأ أداء له في شهر يناير خلال 30 عامًا، بعد أن علّق الرئيس دونالد ترامب على قيام دول أخرى بخفض قيمة العملة وتحدث مستشاره التجاري عن اليورو.
وقال “ترامب” خلال اجتماع مع الرؤساء التنفيذيين لعدد من كبرى شركات صناعة الدواء اليوم إن قيام دول أخرى بخفض قيمة عملاتها دفع المزيد من صُنّاع الدواء إلى نقل الإنتاج للخارج، ودعا الشركات إلى زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة.
وأجّجت التصريحات التوقعات بأن الإدارة الأميركية الجديدة تحاول دفع الدولار إلى التراجع، وذلك بعد ساعات من قول المستشار التجاري لترامب “بيتر نافارو” لصحيفة فايننشال تايمز إن ألمانيا تستخدم اليورو “المسعر بأقل من قيمته الحقيقية بكثير” لكسب ميزة على حساب الولايات المتحدة وشركائها في الاتحاد الأوروبي.
ومنذ تعويم الجنيه ظهرت بعض الأزمات المرتبطة بأسعار السلع وتوفرها؛ أبرزها نقص عدد كبير من الأدوية في الصيدليات، بما في ذلك أدوية علاج أمراض السرطان، إضافة إلى أدوية أساسية مثل الأنسولين والتيتانوس وحبوب منع الحمل.
وارتبط مستوى معيشة المصريين بقيمة الدولار؛ حيث انعكس ارتفاعه على موجة غلاء في أسعار السلع الأساسية، فضلًا عن إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة؛ مثل زيادة أسعار الوقود وإقرار قانون القيمة المضافة.