يثير الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستمرار غضب من حوله، وما دامت معاقل في الحكومة الأميركية تختلف معه وتعارضه فلن تتوقف أبدًا التسريبات التي تخرج إلى العالم من الإدارة الأميركية الحالية. وبتفصيل أكثر دقة، لا يوجد ما يمكن عمله على الإطلاق لوقف مثل هذه التسريبات والتصدي لها، بحسب تقرير نشرته مجلة “بوليتيكو” الأميركية.
ويعتبر التعبير الأكثر دقة لهذا الوضع هو قول الصحفي الراحل جيمس ريستون: “أحبُّ أن أذكر القراء بأن الحكومة هي السفينة الوحيدة المعروفة التي تسرب من أعلى”.
وتقول “بوليتيكو” في تقريرها إن أول تسريب شهدته إدارة دونالد ترامب كان بعد أربعة أيام فقط من تولي ترامب منصبه رئيسًا أميركيًا بشكل رسمي؛ حيث شهد يوم 24 يناير الماضي تسريبًا من قبل كاتب يعمل في مجلس الأمن القومي حول مشروع تنفيذي تحت مسمى “الاحتجاز والاستجواب للمقاتلين الأعداء” لبعض الموظفين في الأمن القومي، واحتل هذا التسريب الصفحات الأولى لأبرز الصحف الأميركية.
قد يكون هذا التسريب في حد ذاته عاديًا وغير مثير للدهشة؛ لكن المثير وراءه هو دلالة هذا التسريب، الذي جاء وكأنه يخبرنا أن هناك مزيدًا من التسريبات القادمة وأن الأمر لن يتوقف طالما استمر ترامب في منصبه، بحسب المجلة الأميركية نفسها.
يدّعي التسريب، الذي اطلع عليه الصحفيون الأميركيون، ضرورة مراجعة سياسة عهد أوباما التي أصدرت قرارًا بإغلاق سجون اعتقال سرية تعرف باسم “المواقع السوداء”، تقوم فرق الاستجواب فيها بتعذيب السجناء.
وعلى الرغم من أن وزير الدفاع جيمس ماتيس ومدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو يعارضان بشدة إعادة أساليب التعذيب في وكالة الاستخبارات المركزية؛ فإن ترامب صرح في وقت سابق أنه يؤمن بفاعلية التعذيب في الحصول على معلومات مفيدة تساهم في حماية الأمن القومي الأميركي.
وجاء رد فعل البيت الأبيض على هذا التسريب عاديًا وخاليًا من أي أدلة تقوي موقف ترامب وإدارته؛ حيث اكتفى المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر في يوم 25 يناير الماضي بالادعاء أن هذه الوثيقة لا تنتمي إلى البيت الأبيض، وأن الإدارة الأميركية لا تملك فكرة عن مصدر هذه المعلومات، بحسب تقرير “بوليتيكو”.
وتضيف المجلة الأميركية أنه إذا كان التاريخ قد علّمنا شيئًا فيما يتعلق بالتسريبات الحكومية فهو أنها أسهل وسيلة لخلق معارضَة مباشرة؛ لذلك يجب أن يكون ترامب متأكدًا أنه طالما استمر في إثارة غضب كل من حوله -بما فيهم نسبة كبيرة من إدارته- بقراراته المجنونة، فلن تتوقف هذه التسريبات، وأنه سيكون أول من يدفع ثمنها؛ لأنه هو المستهدف الأول من التسريبات.