اعتبر رجاء المرغني، وكيل نقابة الصحفيين الأسبق، حكم سجن النقيب يحيى قلاش وسكرتير النقابة السابق جمال عبدالرحيم (عضو المجلس الحالي) ومقرر لجنة الحريات السابق خالد البلشي رسالة تهديد للمجتمع المدني في مصر ومؤسساته، وتحديدًا العمل النقابي والنقابات المهنية.
وأشار إلى أن السياق العام الذي جاء فيه الحكم يكشف كمّ الضغوط التي تمارس في هذا الإطار، سواء بالأحكام القضائية بالسجن أو التهديد به أو بالأحداث الأمنية وما جرى من اقتحام نقابة الصحفيين وما يتعرض إليه المحامون أيضًا وما تعرضت إليه الدكتورة منى مينا الأمين العام لنقابة الأطباء والدعوى القضائية ضدها.
وأضاف المرغني في تصريحات خاصة لـ”رصد” أن “الرسالة المقصودة التي يبعثها هذا الحكم وباقي الأحداث المشار إليها عبارة عن رسالة تخويف للمؤسسات والجماعات المهنية، ومحاولة غل يدها عن المشاركة في قضايا الوطن وهمومه؛ خاصة إذا كان المحكوم عليهم قادة نقابيين ومنتخبين من الجمعيات العمومية لنقاباتهم ولهم دورهم وإسهاماتهم الوطنية. وكل هذا يعطينا صورة مهزوزة، بل مخيفة عن مستقبل العمل النقابي في مصر؛ خاصة إذا ارتبط ما يجري بقضية تتعلق بأرض الوطن ومعاقبة من ساهم فيها على هذا النحو”.
كما أشار المرغني إلى وجود لوبي يستهدف الاستيلاء على القرار النقابي والدخول بالنقابات تحت عباءة السلطة وتطويعها وجعلها في جبهة الموالاة للسلطة، وحرمان أي صوت معارض من أي موقع نقابي أو التعبير عن رفضه لسياسات ما، وجاءت انتخابات الصحفيين مؤخرًا وما أفرزته من نتائج في هذا السياق، وكانت المواجهة بوضوح بين تيار الاستقلال الذي حاول الحفاظ على استقلال النقابة، وبين تيار الموالاة الذي يحاول إخضاع النقابة إلى السلطة.
حقيقة الرسالة
واعتبر “المرصد العربي لحرية الإعلام” الحكم على نقيب الصحفيين السابق ورفاقه رسالة ترهيب جديدة للوسط الإعلامي بشكل عام والصحفي بشكل خاص، والتأكيد أنه لا أحد من الإعلاميين بمنأى من الملاحقة والتأديب مهما علا شأنه، ولو كان نقيبًا أو وكيلًا أو سكرتيرًا عامًا لنقابة الصحفيين.
ودعا المرصد الجماعة الصحفية إلى أن تفهم الرسالة على حقيقتها وتتحرك لمواجهتها بكل الطرق المشروعة؛ حتى لا تفهم السلطة أن سكوت الصحفيين علامة قبول ورضا بما فعلته مع نقيبهم، وهو ما يمنحها جرأة إضافية لمزيد من الملاحقة للصحفيين والصحف والقنوات.
هذا بالإضافة إلى الانتقام من النقابة، ممثلة في نقيبها ووكيلها وسكرتيرها العام؛ بسبب دورها في الدفاع عن حرية الصحافة وعن كرامة النقابة، والذي ظهر بشكل واضح في الجمعية العمومية غير العادية مطلع مايو الماضي، وهي الجمعية التي حملت رأس النظام المسؤولية عن جريمة اقتحام النقابة وطالبت باعتذار رسمي عن ذلك.
ولفت المرصد إلى أن الحكم يُعد عقوبة للنقابة بسبب احتضانها لعديد من الفعاليات النقابية والشعبية المعارضة للسلطة أو المطالبة بحقوق ومطالب فئوية، وتحولت سلالمها إلى منبر وحيد لأصحاب المظالم للتعبير عن رأيهم.
وطالب المرصد جميع النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية في مصر وخارجها والاتحاد الدولي للصحفيين بتحرك لإنقاذ نقابة الصحفيين المصرية وحرية الصحافة في مصر مما تتعرض إليه من قمع وإجبار السلطات المصرية عن كف يدها عن نقابة الصحفيين.
مرحلة حرجة طبيًا
وعلى صعيد نقابة الأطباء، أمر النائب العام بإخلاء سبيل الدكتورة منى مينا بكفالة ألف جنيه عقب التحقيق معها في ثلاثة بلاغات مقدمة من وزير الصحة ورئيس جامعة القاهرة جابر نصار وأحد المحامين بتهمة تكدير الأمن والسلم الاجتماعيين ونشر الفزع والرعب بين المواطنين ونشر أخبار كاذبة، وذلك في تصريحها بأن أحد الأطباء أخبرها بوجود تعليمات من وزارة الصحة باستخدام الحقن “السرنجات” أكثر من مرة.
وقالت منى مينا في تحقيقات النيابة العامة إنها تحدثت في أحد البرامج عن نقص الدواء في مصر وأزمة تعويم الجنيه وما ترتب على ذلك من ارتفاع سعر الدواء، موضحة أن الدولة كان عليها توفير احتياجاتها من الدواء المستورد قبل التعويم.
وأشارت إلى أنها تلقت استغاثة من أحد الأطباء عن طريق رسالة نصية على هاتفها قال فيها إن “خرطوم المحلول يستخدم 24 ساعة للمريض الواحد، والسرنجة تستخدم مرتين للمريض نفسه، وليست كما نقلها الإعلام لأكثر من مريض”.
وأردفت: “أحد وكلاء وزارة الصحة صرح بما قلته فتم عزله من منصبه، بينما وصلنا إلى مرحلة حرجة في رعاية المجتمع وتوفير الدواء”، مستطردة: “في حالة الطوارئ يجوز استخدام السرنجة مرتين للمريض نفسه بعد تعقيمها، وليس لأكثر من مريض، وأنا ألتمس العذر للمستشفيات في ذلك بسبب نقص الإمكانيات، وهذا لا يعد وضعًا مثاليًا؛ ولكنه يجوز ولا يشكل خطرًا كبيرًا”.
كما نفت منى مينا أن يكون قولها لتجميل أي سوء نية، مستدركة: “لو كان حديثي يحمل سوء نية لما التمست العذر للمستشفيات في استخدام السرنجة مرتين للمريض نفسه، لكنني قدمت استغاثة في البرنامج حتى يتحرك المسؤولون سريعًا لحل أزمة نقص الدواء؛ خاصة أن نقابة الأطباء لها دور في حماية أعضائها ومراجعة سياسات الوزارة، ولكون وزارة الصحة قطعت كل طرق الاتصال مع النقابة التي حاولت التواصل معها لمناقشة أزمات الصحة والدواء.
وقدمت “أمينة الأطباء” خلال التحقيقات مستندات تفيد بمخاطبة النقابة وزارة الصحة وتواصلها معها لحل هذه الأزمات؛ إلا أن الوزارة لم تتفاعل مع ذلك، فيما رجح المصدر إحالتها إلى المحاكمة، خاصة بعد إخلاء سبيلها بكفالة مالية، وبعد الاستماع إلى أقوال محامي مقدمي البلاغات.
اتهام محامين بإهانة القضاء
أما بخصوص نقابة المحامين، فأودعت محكمة جنايات المنيا برئاسة المستشار معوض محمد محمود اليوم حيثيات حكمها في قضية محاميّي مركز مطاى بشمال المحافظة المتهمين بإهانة القضاء والصادر بحقهم حكم بالسجن خمس سنوات وعددهم ثمانية.
وذكرت المحكمة في حيثيات الحكم، عبر 22 صفحة، أسبابه ومرافعة الدفاع والأسانيد التي استندت إليها المحكمة في إصداره بالحبس خمس سنوات بحق ثمانية محامين حضوريًا وغيابيًا في جلسة 12 مارس الجاري.
وقال محمد الكسار، عضو نقابة المحامين عن محافظة المنيا، إن نقابة المحامين بالمنيا ستطعن على الحكم أوائل الأسبوع القادم بعد التصديق عليه.
وقضت محكمة جنايات المنيا الأسبوع الماضي بتخفيف الحكم من السجن المؤبد إلى السجن خمس سنوات بحق ثمانية محامين، وهم إبراهيم الدسوقي ومحمد سيد وعاطف حسن وخلف ثروت ومحمد حسن وعبدالناصر محمد ومحمد حامد ومحمود محمد، لاتهامهم بإهانة القاضي أحمد فتحي جنيدي، مقيم الدعوى، الذي أقر بالتصالح وقدم مذكرة تفيد ذلك أمام هيئة المحكمة أثناء نظر الجلسة في حضور سامح عاشور نقيب محامي مصر.