شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أخطأت يا سيادة الرئيس – فهمي هويدي

أخطأت يا سيادة الرئيس – فهمي هويدي
  التصريحات التي نقلت على لسان الرئيس محمد مرسي بعد زيارته للسعودية جانبها التوفيق، وتبعث على القلق بأكثر مما تبعث على...

 

التصريحات التي نقلت على لسان الرئيس محمد مرسي بعد زيارته للسعودية جانبها التوفيق، وتبعث على القلق بأكثر مما تبعث على الارتياح. أمس الأول (السبت 14/7) نسبت إليه صحيفة الشرق الأوسط السعودية قوله إن مصر تقف على مسافة واحدة من الفصائل الفلسطينية، لاسيَّما في الخلاف بين حركتي فتح وحماس. ولست أعرف مدى دقة التصريح، لكنى لاحظت أنه لم يكذب، الأمر الذي يدعوني إلى اعتماد صحته، حتى إشعار آخر على الأقل.
 
أصابني الكلام بالاستياء لسببين، أحدهما أن الموقف المصري التقليدي المستمر حتى الآن اعتاد على أن يتحدث عن «المسافة الواحدة» في حين أنه كان منحازا بالكامل ضد حماس بل ومتآمرا على قطاع غزة الذي تديره الحركة. علما بأن أى طفل صغير حتى لو لم يكن فلسطينيا بوسعه أن يكذب حكاية المسافة الواحدة بمجرد أن يعرف أن الرئيس السابق كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل. وهذا التكذيب تحفل به الكتابات الإسرائيلية، التي مازالت تتحسر على أيام الرئيس السابق ورجاله الذين كانوا شديدي الحماس للقضاء على حماس في غزة، حتى أن وزير الداخلية الأسبق عوزي برعام نشر مقالة في صحيفة «إسرائيل اليوم» (بتاريخ 2/2/2011) قال فيها إن ترحيب اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات وذراع مبارك اليمنى بالحرب على حركة حماس والإخوان المسلمين تفوق بكثير على الحماس الإسرائيلي والأمريكي. وكان يوسى ميلمان معلق الشؤون الخارجية في صحيفة هاآرتس نشر مقالة في 19/12/2009 قبل سقوط نظام مبارك، تحدث فيه عن اللواء عمر سليمان ــ رجل المسافة الواحدة! ــ ووصفه بأنه الجنرال الذي لم يذرف دمعة واحدة خلال حملة الرصاص المصبوب (المقصود اجتياح قطاع غزة).
 
إنني أفهم أن يتحدث الرئيس عن أهمية المصالحة الوطنية، وضرورة الاحتشاد للدفاع عن حقوق الفلسطينيين التي تهدر كل يوم تحت وطأة التوسع الاستيطاني. لكنني لا أفهم كيف يتساوى القائمون بالتنسيق الأمني مع إسرائيل مع ضحايا ذلك التنسيق، وتحتفظ مصر بمسافة واحدة مع الاثنين. واستغرب ألا تفرق مصر بين الذين يراهنون على المقاومة وأولئك الذين يراهنون على استرضاء إسرائيل وتملق الولايات المتحدة.
 
إن مصر الثورة لا ينبغي أن تكون محايدة بين الحق والباطل في الملف الفلسطيني، ذلك أن الحياد في هذه الحالة يعد انحيازا ضمنيا للباطل، فضلا عن أنه يصبح ابتذالا لمصطلح المسافة الواحدة، التي لا تكون إلا بين ندَّين يرفعان رايات الحق وتتفاوت اجتهاداتهما في كيفية تحصيله.
 
يبرز قلقي من التصريح الذي نسب إلى الرئيس مرسي أنني قرأت مقالة نشرتها صحيفة الحياة اللندنية في 4/7 الحالي لأحد الكتاب السعوديين كان عنوانها: ماذا يريد الخليجيون من مرسى الإخوان؟ (يقصد الرئيس مرسى). وفي المقالة تحدث الكاتب عن أربعة ملفات رئيسة، يطلب الخليجيون من حكومة الإخوان أن تتبنى موقفا إيجابيا منها (من وجهة النظر الخليجية) وكان الملف الرابع يتحدث عن ضرورة الحفاظ على «مسافة واحدة وعدم الانحياز لأحد طرفي الخلاف القائم في الساحة الفلسطينية بين فتح وحماس.
 
لا أستبعد أن يكون الأمر محض مصادفة أن ينظر كلام الأكاديمي السعودي في 4/7، ثم يتردد مضمونه على لسان الرئيس المصري في 14/7 بعد زيارته للسعودية، لكن المصادفة لا تلغي الشعور بالتوجس والقلق من لغة الخطاب التي تمنينا أن تتغير بعد الثورة، بحيث تكون معبرة عن أشواق الشعوب ومنحازة إلى حقوقها، بأكثر من تعبيرها عن مصالح الأنظمة واستراتيجيات الدول الكبرى.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023