أثارت تصريحات رئيس لجنة شئون الأحزاب المستشار عادل الشوربجي، الجدل مجددا حول مستقبل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية والتي طالب بحلها من بعض الأشخاص والجهات في مقابل تمسك مسؤولو هذه الأحزاب بها؛ كونها نشأت طبقا للدستور والقانون.
الحل للجميع
ومؤخر جاءت تصريحات رئيس لجنة شئون الأحزاب لتصب في هذا الاتجاه حيث أكد أنه سيتم حل جميع الأحزاب القائمة على أساس ديني في مصر قريبًا.
جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية له ببرنامج «ستوديو البلد» المذاع على قناة «صدي البلد» أمس الأحد قائلا« أن اللجنة أحالت منذ فترة أوراق عدد من الأحزاب الدينية إلي النائب العام، إثر ورود مجموعة من الشكاوى بخصوصها».
ولفت إلي أنه لم يصدر أي رد من النيابة العامة حتي الأن حول الأمر، نتيجة استمرار تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا.
وأشار الشوربجي إلى أن أحد قيادات حزب البناء والتنمية «طارق الزمر » تم فوزه بمنصب رئيس الحزب، موضحًا أن هذا ما يوجب إيقاف الحزب عن العمل وفقا للإجراءات القانونية حيث تم إدراجه علي قوائم الارهاب.
وأضاف :أنه سيتم التقدم لمحكمة القضاء الإداري بالتهم والشكاوى، وإذا ثبتت سيتم حل الحزب والتحفظ علي أمواله.
وأوضح أنه سيتم حل أي حزب قائم علي أساس ديني، بصرف النظر عن أعضائه لأنهم متغيرون وفق قوله، مؤكداً أنه من المتوقع صدور أحكام قريباً بحل تلك الأحزاب بما فيها حزب النور والبناء والتنمية.
6 أحزاب امام النائب العام
ومؤخرا قامت لجنة شئون الأحزاب السياسية بتقديم أوراق 6 أحزاب دينية للنائب العام لإعداد تقرير بشأنها حول ما إذا كانت هذه الأحزاب قد خالفت شروط التأسيس المنصوص عليها في قانون الأحزاب السياسية، خاصة بعد أن تلقت اللجنة بلاغات تتهم هذه الأحزاب بالمشاركة في أعمال إرهابية طبقا لصحيفة «صوت الامة ».
وتقوم النيابة العامة المصرية، بإجراء تحقيقات موسعة مع عدد من الأحزاب المحسوبة علي التيار الاسلامي، للتأكد من صحة البلاغات التي تتهمها بالتورط في أعمال عنف داخل القاهرة، خلال المرحلة الأخيرة وذلك علي خلفية بلاغا تم تقديمه للجنة شئون الأحزاب، طالب بتجميد نشاط حزب «البناء والتنمية»، الذي يعد الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وذلك بعدما تم انتخاب «طارق الزمر» رئيساً له خلال المؤتمر العام الذي عقده الحزب لانتخاب رئيسه بتاريخ 15 مايو لماضي.
حيث أكد عادل الشوربجي، رئيس لجنة شئون الأحزاب، أن اللجنة أعدت مذكرات بشأن 6 أحزاب، وهى «النور والوسط والاستقلال وغد الثورة والوطن والبناء والتنمية»، وأرسلتها للنيابة للتحقيق فيها.
البناء والتنمية الضحية القادمة
ويأتي حزب البناء والتنمية في صدارة المشهد بعد فوز الدكتور طارق الزمر، برئاسة الحزب، والذي تم إدراجه على قائمة الإرهاب التي أصدرتها «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، مؤخرا حيث بات مصير الحزب مهددًا من قبل النظام الحاكم، وسيكون من السهل التضييق على الحزب، الذي وُصف رئيسه بالإرهابي.
وهناك عدة سيناريوهات يمكن للحزب أن يستخدمها إذا ما أوشكت لجنة شئون الأحزاب السياسية على اتخاذ قرار الحظر، أولها تغيير رئيس الحزب، وفصل الأعضاء المتواجدين خارج مصر، وفصل الحزب عن الجماعة.
وبحسب المذكرة التي تقدم بها طارق محمود، المحامي بالنقض والدستورية العليا، إلى المستشار عادل الشوربجي رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية، بات اتجاه اللجنة يسير نحو تجميد نشاط الحزب.
وقالت المذكرة، أن «انتخاب طارق الزمر، القيادي بالحزب والهارب خارج البلاد والمطلوب في العديد من قضايا التحريض على الدولة ومؤسساتها، من خلال تآمره مع جهات أجنبية وأجهزة مخابراتية تعمل على إسقاط مؤسسات الدولة من خلال زعزعة الاستقرار والأمن الداخلي، وإثارة الفتنة والاضطرابات داخل البلاد، يؤكد التوجه الإرهابي لأعضاء هذا الحزب الداعم لجماعات إرهابية تورطت في ارتكاب أعمال عنف ضد المصريين» – حسب المذكرة.
وأشارت إلى أن ذلك يتعارض كليًا مع مواد الدستور التي تحظر قيام الأحزاب على أساس ديني، وكذلك يتناقض مع ما اشترطه القانون رقم 40 لسنة 1977 في مادته الرابعة التي تشترط لتأسيس الحزب واستمراريته، عدم تعارض قيادي الحزب وسياساته مع مقتضيات حماية الأمن القومي المصري، والحفاظ على الوحدة الوطنية.
وطالب المحامي، الذي قدم المذكرة، بتجميد نشاط حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، واصفًا وجوده بأنه يهدد للأمن القومي المصري والوحدة الوطنية، من خلال الأفكار المتطرفة التي ينشرها، في الوقت الذي تحارب فيه الدولة المصرية الإرهاب الأسود والمحرضين عليه.
حملة موجهة
وفي تعليقه علي مجمل ما تم تناوله في هذا السياق قال عبد الحميد بركات نائب رئيس حزب الاستقلال وأحد الأحزاب المدرجة ضمن قائمة الحل: إن حزب الاستقلال لا يزال قائما ويعمل بشكل طبيعي ولم نتلق أي قرارات في هذا السياق من أي جهة ونمارس نشاطنا دون توقف والواقعة الوحيدة التي استهدفت الحزب كانت قرار رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي في 2014 بحل الحزب باعتباره الجناح السياسي لتحالف دعم الشرعية، ولكن لم يتم تفعيل القرار ولم يتم إخطارنا به بشكل رسمي.
أاضاف بركات في تصريحات خاصة لـ «رصد»: ما يجري الأن هو حملة موجهة ضد أحزاب بعينها خاصة أنها تحمل مرجعية اسلامية مثلها مثل باقي الأحزاب الأخرى التي تحمل مرجعيات مختلفة سواء ماركسية أو علمانية وخلافه وبالتالي لا يكون هذا مبررا لحلها طالما التزمت بالقانون والدستور وطبقت قانون تنظيم الأحزاب.
وأشار بركات إلي أن اتهامات الزمر باطلة ولم يتم إثباتها حتي الأن ولا يمكن معاقبة حزب في شكل شخص لو فرض جدلا صحة هذه الاتهامات ولكن يتم إقالته من رئاسة الحزب ويحل شخص محله.
أما الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد بان فيقول أن «فضاء السياسة في مصر ضيق سواء للأحزاب الدينية أو غيرها، فلا يوجد انفتاح سياسي كافٍ تعبر فيه الأحزاب عن نفسها، أو تمارس من خلاله شكلا من أشكال المنافسة السياسية»، مضيفا «الأزمة في مسارات السياسة المغلقة وليس في المنافسة، وأنا أرى أن الديموقراطية تصحح نفسها بنفسها، وعلى كل حزب فتح مساره بنفسه ومن ثم التوسع بعد ذلك –حسب بان ».
وبخصوص أزمة الأحزاب الدينية قال بان في تصريحات صحفية «أنها تكمن في أن القانون لم يفرق بين شروط التأسيس وطبيعة الممارسة السياسية، وأوضح أن «كل الأحزاب الدينية قدمت برامج تجاوزت عوائق التأسيس حيث دفعت ببرامج مدنية ليس لها صبغة دينية وحصلت على الإشهار».
دعاوي للحل
وفي مايو 2016 تم رفع عدة دعاوى قضائية لحل الأحزاب الدينية في مصر بزعم أنها أنشئت على أساس ديني عقب ثورة 25 يناير 2011، بالمخالفة للدستور الذي يحظر إنشاء أحزاب على أساس ديني.
في المقابل يدافع مسؤولو هذه الاحزاب عن وجودها، ويقولون إنهم أسسوها على أساس القانون والدستور، ويمارسون عملهم بشكل طبيعي.
وتشمل قائمة الأحزاب الاسلامية في مصر، أحزاب الحرية والعدالة والذي تم صدور قرار بحله سابقا، وهو الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور المعبر عن الدعوة السلفية، بالإضافة لحزب البناء الممثل للجماعة الإسلامية، وتضم القائمة أحزاب الوسط والاستقلال والفضيلة والوطن والنصر والأصالة والإصلاح والنهضة والتحرير المصري.