شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

اللواء عمر سليمان.. أزمة قلبية أم أزمة في الخلية؟ – طارق أبو غزالة

اللواء عمر سليمان.. أزمة قلبية أم أزمة في الخلية؟ – طارق أبو غزالة
  طالعتنا وسائل الإعلام المقروءة و الالكترونية خلال اليومين الماضيين بالخبر التالي:

 

طالعتنا وسائل الإعلام المقروءة و الالكترونية خلال اليومين الماضيين بالخبر التالي:
"المصدر – وكالات – صحف – قال الإعلامي السوري فيصل القاسم إن مصادر موثوقة تنفي وفاة نائب الرئيس المصري السابق اللواء عمر سليمان في الولايات المتحدة، وتؤكد مقتله في تفجير دمشق الأخير الذي استهدف مسؤولين سوريين وأودى بحياة وزير الدفاع ونائب الأسد.
وأوضحت تلك المصادر أن نقل اللواء سليمان لأمريكا كان محاولة لإنقاذ حياته؛ لكن دون جدوى.
ونقل عن أحد شهود العيان بمستشفي كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية بأن جثة عمر سليمان وصلت الى المستشفى متفحمة. 
وكشفت مصادر من أسرة سليمان أن مقربين منه رفضوا طلب قيادات أمنية بتشريح الجثة للكشف عن سبب الوفاة المفاجئ." ا.هـ
 
انتشر الخبر كالنار في الهشيم على صفحات الفيس بوك و تغريدات موقع تويتر. ولا يهمني أن أناقش مصدر الخبر إنما سأناقش معقولية الخبر حسب قاعدة ابن خلدون الذهبية التي تقول في الأخبار التي لا ينبني عليها فعل شرعي ننظر إلى متن الخبر فإن كان الخبر يستحيل عقلاً رددناه مهما كان سنده ومصدره.
ومتن الخبر كما ذُكر يتحدث عن مقتل اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المصري السابق و رئيس المخابرات العامة المصرية سابقا في عملية التفجير في دمشق والتي أودت بحياة كبار قادة خلية الأزمة في سوريا والتي تبناها الجيش السوري الحر. ويتابع الخبر فيقول إن اللواء سليمان نُقِل إلى مستشفى كليفلاند في الولايات المتحدة في محاولة لإنقاذ حياته ثم و نقلاً عن "شهود عيان" يعلمنا الخبر أن جثة اللواء وصلت إلى المستشفى "متفحمة".
 
فلو سلمنا جدلاً أن اللواء عمر سليمان كان ضمن أفراد خلية الأزمة المجتمعين في دمشق يخططون للقضاء على الثورة السورية فإن ذلك يعني ضرورة أن الرئيس المصري الدكتور مرسي وقادة المجلس العسكري في مصر على علم بمشاركته في ذلك لأن رجل بوزن اللواء سليمان لا يمكن له أن يتحرك بمفرده و بمعزل عن القيادة ما يعني انحيازتلك القيادة للنظام السوري وهو الأمر الذي ينافي كل ما صدر عن الرئيس المصري و المجلس العسكري الذي أقل ما يقال فيه أنه وقف على الحياد في المسألة السورية كما أنّ ذلك ينافي تاريخ اللواء سليمان الكاره بشدة للرئيس السوري بشار الأسد حيث يستحيل معه التفكير أنه سيقوم  يوما بمساعدته ضد الثورة التي قامت لخلعه سيما أن نظام دمشق كان من أول و أشدّ الشامتين عند خلع الرئيس مبارك و نائبه اللواء سليمان.
 
ومع ذلك سسنسلِّم أن اللواء سليمان غيَّر قناعاته من القيادة السورية وصفح عن شماتة خلت وتمكن دون علم القيادة المصرية من الوصول إلى دمشق للمشاركة في أعمال خلية الأزمة ضد الثورة السورية فكان من سوء حظه أن باغته القدر في ذلك الاجتماع.   وأمام هذا السيناريو نكون أمام عدة احتمالات تبدأ من عملية نقل اللواء سليمان إلى أميركا من دمشق في محاولة لإنقاذ حياته الأمر الذي يستلزم أيضاً أنه كان علي قيد الحياة عندما غادر دمشق ثم وبعد رحلة ستستغرق ما لا يقل عن 17 ساعة طيران نفاجأ أن جثة اللواء سليمان تصل إلى كليفلاند متفحمة!  
هذا الكلام يعني أن الذي صاغ الخبر صاغه دون أي اعتبار لتسلسل زمني منطقي مقنع. 
 
الاحتمال الأول: أن اللواء كان محترقا بشدة لكنه مع ذلك كان على قيد الحياة عند نقله فهذا يعني أن هناك من أخذ القرار بعدم نقل اللواء إلى أي مشفى قريب في دمشق رغم أن هذا هو المنطق الذي يتبادر إلى الذهن بداية عند محاولة إسعاف المصابين إصابات بليغة, لا أن يُفكَّر في نقلهم برحلة جوية قدرها 17 ساعة. هذا الاحتمال سيصطدم بحقيقة أن أي جثة متفحمة هي جثة ميتة لا يمكن أن تكون على قيد الحياة.
 
الاحتمال الثاني: فهو أن اللواء سليمان لم تكن إصابته من الشدة التي تحتاج إسعافاً فورياً لذلك اتخذ أحدهم قرار السفر إلى أميركا بدلاً من الذهاب إلى أي مشفى في دمشق ظناً منهم أن الوقت في صالحهم و سيصل اللواء إلى أميركا على قيد الحياة.  لكن هذا الاحتمال يعود ليصطدم بوصول جثة اللواء متفحمة إلى كليفلاند. فمن الذي أحرق الجثة حتى التفحّم؟ طبعا نسلم أن الجيش الحر لم يفعل ذلك لأنه لم يكن على متن الطائرة مع اللواء وإلا لكان "شهود العيان" قد أبلغونا بذلك عند وصول الجثمان المتفحم مع أعضاء الجيش الحر.
 
الاحتمال الثالث: فهو أن اللواء سليمان قتل من الضربة الأولى للتفجير و تفحمت بسبب ذلك جثته ولكن أحداً اتخذ قرار نقله إلى كليفلاند منعا من الإحراج أن تُكتشف "المؤامرة" التي كان اللواء و الذين هم من خلفه ضالعين فيها. لكن هذا السيناريو يصطدم بسيناريو أبسط و هو أن لو كان ذلك صحيحا لطلب نقل اللواء إلى القاهرة لا إلى كليفلاند  فستر المؤامرة في القاهرة أسهل بكثير من سترها في كليفلاند.
 
إنّ الأمر الأقرب للعقل و المنطق والصواب أن اللواء عمر سليمان كان قد شكى مؤخراً من أوجاع صدرية شُخِّص على إثرها بمرض قلبي ما لعله تضيقات في الشرايين التاجية فذهب للعلاج في مستشفى كليفلاند المصنف الأول عالميا في أمراض القلب حيث قضى نحبه تحت العلاج تماما كما يمكن لأي مريض أي يقضي نحبه تحت مبضع الجراح.
يبقى أن نقول أنه رغم أي تحليل علمي و منطقي لأي حادثة فإن هناك من سيبقى متشبثاً بنظرية المؤامرة والغرائب من الأفعال و لو أتيناه بكل البراهين العقلية والمنطقية.
 
وأخيراً نصيحة ذهبية من الرسول صلى الله عليه و سلم لمن تعوّد نقل الأخبار دون تثبّت:
 “كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع”
 
المصدر: رصد 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023