عمال اليومية أو العمالة غير المنتظمة وجهان لعملة واحدة, ويطلق عليهم أيضا الأرزقية أو السريحة أو الفواعلية, وهم من يعملون لقاء أجر يومي يحصلون عليه بمجرد انتهاء عملهم وبعدها تنقطع علاقتهم بالعمل، وليس لهم أي حقوق أو مظلة تحميهم وإذا تعطل أحدهم يوما لأي سبب من الأسباب لن يجد قوته أو قوت عياله وفي الآونة الأخيرة اتسع هذا المصطلح ليشمل فئات عديدة أخرى نظرا لغياب حقوقهم بشكل كامل، فئة عمال اليومية تقدر أعدادهم بنحو 11 مليون ومنذ اندلاع الثورة يكادون لا يجدون قوت يومهم بسببسوء الأحوال الاقتصادية والاضطرابات وتراجع الحالة الأمنية، فنجد العشرات منهم يصطفون يوميا على الأرصفة في انتظار رئيس عمال يؤمن قوت يومهم، وفي نهاية اليوم يحصلون على اليومية التي لا تتجاوز بضعة جنيهات يتلقونها بنفس راضية عائدين إلى منازلهم، وفي إحدي المجتمعات السكنية يجلس العديد من العمال على الرصيف منتشرين كالجراد في انتظار من يأتي لطلبهم لعمل ما.
فقمنا برصد نماذج مختلفة منهم فمنهم من هو قانع بلقمه عيشه القليلة قائلا "الحمد لله" ومنهم من هو ساخط على حاله وحال أهله فضلا عن حياة الخطر والترقب التي تهدده بالموت جوعا في حالة توقف سوق العمل لعدة أيام لا يجد فيها العامل حق قوت يوم أسرته، وهو ما حدث بالفعل لشهور طويلة بعد الثورة.
شكوى من قلة العمل
في البداية يقول علي عيد "50سنة": أنا بقالي 3 أيام مدخلش جيبي غير 10 جنيه وعندي 3 عيال أصرف عليهم إزاي وأعلمهم منين؟.
واشتكى الكثير من العمال بسبب قله الشغل منذ يوم 28 يناير بعد اندلاع الثورة.
أما شعبان أبو بهنس"23 سنة" فمتوسط أجره اليومي قد يصل إلى 50 جنيها وقد يرتفع في بعض الأيام إلى 200 جنيه وهذا ما جعله يرفض العمل كموظف في إحدى الشركات بأجر شهري أقل بكثير مما يجمعه منفردا.
ولكن توقف العمل منذ أحداث الثورة جعله ناقما ودخله لا يكفي سوى الأكل والسجائر.
ويقول رمضان عبد التواب "43سنة": بقالي30 سنة بشتغل صنايعى باليومية، أول ما بدأت شغل كانت يوميتى جنيه وربع، حاليا يوميتي 100 جنيه، وعندى 5 عيال"، هكذا بدأ المعلم "رمضان" حديثه "عن حاله هو وأسرته، ويقول: "بعد الثورة الحالة كانت ضنك، ومكنش في شغل خالص، بس الحمد لله أهو عايشين لحد ما تفرج من عند ربنا".
كل الأبواب مغلقة
ويلتقط طرف الحديث زميله فراج "34 عاما"، والحاصل على شهادة المعهد الفني التجاري، والذي لجأ للعمل ضمن عمال اليومية بعد غلق جميع الأبواب في وجهة وعدم قدرته الحصول على عمل مناسب اضطر للعمل "شيالا" بمواقع البناء ، أما عن اليومية التي لا تتجاوز الـ60 جنيها فهي أفضل من لا شيء.
ويقول عيد شعبان عطية "32 عاما" ولديه 3 أولادمن وأنا عيل وأنا على باب الله شيال بشتغل أي حاجة المهم أجيب قوت يومي بدل ما أمد إيدى لحد".
حتى السفر للخارج
وكنت شغال أيام مبارك في ليبيا وكان الشغل ميه ميه هناك بس ساعة الثورة ليبيا اتقفلت وأنا بطلب من الرئيس مرسي يرجع يفتحلنا السفر تاني لأن مبقاش في شغل من بعد الثورة بالكتير بروح آخر النهار بـ 20 جنيه ميكفوش العشاء حتى.
نقابة لعمال اليومية
ويطالب عمال اليومية الرئيس مرسي بإنشاء نقابة لهم وعمل كارنيهات تأمين صحي للعمال فيقول عيد شعبان مره أخرى (أنا لو قعدت أسبوع تعبان في البيت عيالي هياكلوا منين هنمد إيدينا للناس؟!!!)
وكانت "الـ10 جنيه الشهرية" هي الحل الذي توصل إليه "علي عيد" بعقله البسيط، فاستخدم تعليمه المحدود وخبرته الكبيرة في الحياة فى دراسة المشروع وكيف يمكن أن تحقق فكرته حياة أفضل له ولأسرته ولغيره من العمال.
"الفكرة عبارة عن نقابة حقيقية لعمال اليومية" هكذا بدأ "الحاج علي" حديثه عن فكرته البسيطة في تنفيذها والكبيرة في معناها، ويقول "عمال اليومية فى مصر تجاوزت أعدادهم الـ11 مليون عامل، إحنا مش هنكلف الحكومة حاجة إحنا بس عايزنها تساعدنا في تفعيل نقابة العمال، والاعتراف بعمال اليومية كعمال مسجلين بكشوف الدولة، يخصص لهم معاش وتأمين طبي ضد حوادث العمل، كغيرهم من أهل مصر، وكله من يوميتنا برده".
"11مليون عامل عدد كبير لو كلهم اشتركوا في المشروع ممكن فعلا نقدر نعمل تأمين صحي على حياتنا، والباقي يبقى فلوس متشالة لينا ولعيالنا، ممكن الشاب يقدر يتجوز، واللي عايز يجوز عياله يلاقي حاجة يتسند عليها، بدل ما احنا عايشين يوم بيوم"، يقول "علي " بأمل كبير فى حله المتواضع الذى يرى أن من شأنه تخفيف حال "عمال اليومية".
وطالب سعيد عطية "40 سنة" قائلا: أنا عاوز من الريس إللي انتخبناه يتقي ربنا فينا ويشغلنا ويشغل ولادنا أنا ابني علمته وخلص حقوق وقاعد في البيت مش لاقي شغل وبصرف عليه هو كمان.