شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ناشونال إنترست: مساعدة أميركا للسعودية تدمّر الشرق الأوسط

في محاولتها للحفاظ على الوجود الإمبريالي في العالم، تورّطت أميركا في أفعال تدميرية لصالح حلفائها؛ لذا فإنّ خروجها من الصراعات المحلية سيحررها من الفهم المتحيز لهذه الصراعات. يمكن الفهم بشكل أوضح كيف تؤثر سياسات حلفائها على سياستها الخارجية بشكل سيئ عبر نموذج السعودية، التي ترعى أميركا سياستها وتدعمها.

وتصوّر السعودية نفسها بأنها قائد معتدل للعالم الإسلامي السني ضد توسع إيران والتطرف، هذه النظرة ليس لها أساس قوي في الواقع؛ لأن أيديولوجية السعودية المعادية للشيعة تسببت في اعتبار كل تحركات إيران وراءها نظرية مؤامرة، سواء كان ذلك صحيحًا أم لا، كذلك لا يبدو أنّ العالم العربي يراها قائدًا؛ وهو ما يتضح من صراعها مع تركيا وقطر.

وأخيرًا، دعم السعودية لـ«المليشيات» المتشددة يدعو إلى التشكيك في ادّعائها بالاعتدال، ناهيك عن دعم إدارة الرئيس الأميركي الحالي للطائفية بوعدها بكثير من الدعم للسعودية؛ لعل أبرزها جاء في صفقة الأسلحة التي تقدر بنحو 110 مليارات دولار، وهو ما سيساعدها في حروبها الطائفية في المنطقة.

ويمكن رؤية النتيجة الأكثر تدميرية لسياسات السعودية في حملتها في اليمن؛ إذ تسببت أنشطتها في قتل الآلاف من المدنيين، وجلب المرض والمجاعات للملايين، ورغم رغبة عديد من الأطراف الخارجية التدخل في سوريا لأسباب أخلاقية؛ فإنّهم صمتوا بشكل غريب عن الأزمات الإنسانية في اليمن.

وبصرف النظر عن التأثيرات غير الأخلاقية لحملاتها، كان الفشل السياسي واضحًا؛ عبر تمكّن «المتمردين» من السيطرة على صنعاء، وتسع مناطق من بين عشرين؛ حتى المناطق التي تقع تحت سيطرة حكومة هادي المدعومة من السعودية لا زالت في فوضى كبرى.

ولا يعد الاضطراب اليمني أمرًا سيئًا للمدنيين فقط، ولكن أيضًا للاقتصاد الدولي؛ فأكثر من 10% من التجارة الدولية تتم عبر المرور في البحر الأحمر من قناة السويس وإليها. لذا؛ تتعرض السفن التي تمر من مضيق باب المندب إلى إطلاق نار من اليمن.

وساهم الدعم الأميركي للسعودية في حمايتها من الآثار السيئة لحملتها، وإزالة القيود من على أفعالها. فمنذ بداية تدخل السعودية في اليمن دعمتها إدارة أوباما بإعادة التزويد بالوقود في الجو، بجانب إعطائهم ذخائر متقدمة؛ رغم أن هذه المساعدات لم يكن لها تأثير قوي على القيادة السعودية السيئة، لكن كان لها تأثير اقتصادي ظهر في حفاظ الرياض على قدراتها التكنولوجية رغم الأزمة في ميزانية المملكة.

ونتيجة لذلك؛ لم تلق الدعوات الداخلية في أميركا من أجل حل سياسي ترحيبات. ومع رغبة إدارة الرئيس الأميركي الحالي في رفع مزيد من القيود من على التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن فمن المرجح أن ذلك سيساعد الرياض في الاستمرار في الوضع الكارثي الحالي.

وتتحمل أميركا عواقب الحملة السعودية على اليمن من الناحية الاقتصادية، وأيضًا عبر الدعم اللوجيستي الموسع للقوات الجوية السعودية؛ إذ وضعت الطائرات الأميركية الصنع في مقدمة الحملات ضد الشعب اليمني.

لا يبدو أن أميركا تهتم كثيرًا بالإرهاب إلا لاتهام أطراف أخرى بدعمه، وهو ما يمكن أن نراه بشكل كبير في اليمن عبر السماح لقوات القاعدة في شبه الجزيرة العربية بالقتال مع التحالف الذي تقوده السعودية. في الوقت الذي تحاول أميركا أن ترضي حليفتها، فإنها قوضت أمنها الداخلي عبر إمكانية الانتقام داخل الأراضي الأميركية لاشتراكها في حملات عسكرية خارجية.

وحتى في حالة قبول ادعاءات السعودية بشأن طموح إيران التوسعي؛ فإن الحرب في اليمن تقوّض تحركات السعودية. تعتبر «حكومة التمرد» تحالفًا ضعيفًا بين الرئيس اليمني السني المخلوع علي عبدالله صالح والحوثي عبدالملك الذي يختلف بشكل ما عن الشيعة في إيران.

وفي البداية كان الغرض من هذا التحالف زيادة قوة الناخبين المحلية. رغم ذلك، اتهم الرئيس عبد ربه منصور هادي الحوثيين بتطبيق الأجندة الإيرانية؛ على الرغم من وجود أدلة بأن إيران حذرت «المتمردين» من السيطرة على صنعاء.

ولكنّ التدخل السعودي نيابة عن حكومة هادي أعطى صنعاء كل الأسباب لدعم الهدف الإيراني في إضعاف قوة السعودية، وتمكنت طهران من التقرب من الحوثيين والموالين لصالح؛ وهي الفرصة التي ساعدها فيها التحالف الذي تقوده السعودية وأميركا بتدخلهما.

وفي الوقت الذي تسبب الدعم الأميركي للسياسات السعودية في خلق الفوضى والأعداء في اليمن، يمكن أن تتسبب السياسات السعودية التي تمولها أميركا في الشيء نفسه قريبًا في شرق السعودية والبحرين؛ إذ إن المجتمعات الشيعية في هذه المناطق تشعر بالتمييز الاجتماعي والاقتصادي.

وعندما بدأت ثورة سلمية في البحرين في 2011، تدخلت قوات الأمن السعودية للحفاظ على النظام السني؛ ما أدى إلى حبس الآلاف من المنشقين واتهام المعارضة الليبرالية بالمشاركة في الأعمال الإرهابية الإيرانية.

وبرؤية الوضع، ساعدت أميركا والسعودية في تحوّل تظاهرات سلمية إلى انتفاضة مسلحة جاءت بسبب السياسات الأمنية السعودية، وبفضل صفقة الأسلحة للسعودية، والدعم الدبلوماسي للبحرين؛ فإن الشعب البحريني والشيعة في شرق السعودية يريان أميركا على قدم المساواة مع النظام نفسه.

ونظرًا لأن احتياطات البترول تقع على طول ساحل الخليج الفارسي بجانب مقر الأسطول الأميركي الخامس في البحرين، يثير ذلك القلق الكبير؛ خاصة في حالة تطور الوضع ليصبح حربًا أهلية شبيهة بالوضع اليمني.

ويقول الباحث في جامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية التقدمية «فالي نصر» إن عدد الشيعة في المنطقة كبير. رغم ذلك، تحالفات أميركا في المنطقة مع السنة فقط؛ ونتيجة لذلك تبنّت الإدارة الأميركية سلوك هذه الأنظمة الطائفية بأن أيّ سياسة شيعية منظمة بالضرورة تابعة لمؤامرة إيرانية.

ومثلما تبنّت أميركا القضية الفرنسية في فيتنام؛ ما أدى إلى حرب مكلفة كان يمكن تجنبها، وكذلك الموقف البريطاني في إيران؛ ما أدى إلى ثورة مناهضة لأميركا بعد عقدين، تتيح واشنطن الآن للسعودية كتابة سياستها بشكل يضر مصالح الشعب الأميركي.

ويمكن لأميركا عبر فرض قيود أن تشجع حلفاءها على تبني سياسات أكثر عقلانية تجاه دولهم المجاورة. يمكن للتهديدات بإنهاء الدعم الأميركي أن يجبر هذه الدول أن تغير من نهجها، كما حدث في أزمة قناة السويس سنة 1956 عندما رفضت الانضمام إلى الغزو الإسرائيلي الفرنسي لمصر، بدلًا من ذلك استخدم الرئيس دوايت إيزنهاور الضغوط المالية والدبلوماسية لقبول وجود قوات حفظ سلام في سيناء؛ ما أدى إلى منع حرب بين قوات الناتو والسوفيت.

من السجل التاريخي يمكن أن نرى أنه يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا قياديًا في العالم عندما تستخدم القيود في سياستها، وتقيس بدقة كل قوة تستخدمها بدلًا من دعم الحلفاء من دون أي مراجعات؛ ما يضرّ بأميركا وحلفائها ويساعدهم على التحرك دون الخوف من العواقب المحتملة.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023