قدم وزير داخلية الاحتلال الإسرائيلي أرييه درعي، الخميس الماضي، طلبا رسميا للمستشار القضائي لحكومة الاحتلال، أفيحاي مندلبليت، بسحب الجنسية من المفكر العربي «عزمي بشارة»، ويعتبر هذا الطلب هو الأول من نوعه منذ إقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ولم يخف وزير داخلية الاحتلال أياً من أسباب الملاحقة وقرار سحب المواطنة عن المفكر بشارة، بل حوّل هذه الأسباب السياسية إلى ما سماه شبهات، لارتكاب مخالفات ضد أمن دولة الاحتلال، ومساعدة دول عدوة والتعاون مع منظمات إرهابية.
ويتهم الاحتلال الإسرائيلي «بشارة»، حين كان نائبا في الكنسيت الإسرائيلي (البرلمان/ 1996- 2007) بـ«التخابر مع دولة عدو في زمن الحرب، ومساعدة دولة عدو والتعاون مع منظمات إرهابية».
جدير بالذكر أن سلطات الاحتلال لم تقوم بسحب الجنسية من أي مواطن بمن فيهم مواطنون يهود وعرب أدينوا بتهم أمنية خطيرة.
وتأتي هذه الخطوة، بالاعتماد على التعديل الخاص الذي أدخله الكنيست الإسرائيلي بشكل رسمي ونهائي في مارس من العام الحالي، على قانون المواطنة، خصيصاً لحالة المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، بعد محاولات سابقة بدأت منذ عام 2007، بعد خروج بشارة للمنفى، وعلى أثر حملات تحريض عنصري ودموي ضده، لتبرير سحب المواطنة منه.
وقد تم تفصيل القانون المذكور، بشكل واضح لحالة المفكر عزمي بشارة، على الرغم من أن الملف الأمني الذي لفقه الاحتلال له، ظل ملفاً واهياً ولا حقيقة فيه، سوى أنه كان ستاراً لملاحقة سياسية محضة، كان الاحتلال بحاجة لستار قانوني يبررها به، وتجلى ذلك على نحو خاص، في التعديل الذي يتيح اتخاذ هذه الإجراءات ضد بشارة، في غيابه، علماً أن المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تحظر سحب الجنسية أو المواطنة من أي مواطن، وإبقاءه بدون أي جنسية أو مواطنة.
وكانت ملاحقة بشارة، قد ازدادت وتعاظمت وتيرتها وأدواتها، بعد فشل محاولات منعه من الترشح للكنيست، منذ انتفاضة القدس والأقصى، والانسحاب الإسرائيلي من لبنان في عام 2000، ومن ثم بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، بفعل المواقف التي أعلنها بشارة، وعلى رأسها حق الشعوب المحتلة بمقاومة الاحتلال، ورفض الانصياع لرواية الاحتلال، ورفض اعتبار سورية ولبنان دولتين عدوتين، أو القبول بشروط حكومة الاحتلال بطلب إذن من السلطات الأمنية والسياسية قبل زيارتها.
ويتزامن هذا الطلب الإسرائيلي الجديد مع الحملة الأخيرة ضد بشارة، خاصة أن الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف، وتحديدا في العامين الأخيرين عن التحريض ضده خصوصاً بعد اندلاع هبة القدس قبل عامين، بسبب تصريحاته ومواقفه المتكررة المحذّرة من سياسة الاحتلال في تكريس تقاسم زماني ومكاني في الأقصى، من جهة، ومواقفه المؤكدة على حق الشعوب، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال ورفضه.