نشرت «شبكة الجزيرة» تقريرًا عن الدور القطري في إتمام محادثات السلام بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، بعد تصريح مسؤول مطلع لوكالة «فرانس برس» أنّ قطر لعبت دورًا رئيسًا في تسهيل محادثات السلام بين المسؤولين الأفغان والحركة عبر فتح مكتب تمثيل دبلوماسي لها في الدوحة.
ولفتت الشبكة إلى التناقض الإماراتي في موقفها من إتمام السلام، كشفته الرسائل المسربة من بريد السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة.
خيبة أمل
جاءت تصريحات المسؤول اليوم الثلاثاء عقب سلسلة تسريبات رسائل بريد إلكتروني لدبلوماسيين إماراتيين تلفت إلى أنّ وزير الخارجية الإماراتي أصيب بخيبة أمل لتفضيل المسؤولين الأميركيين الدوحة على أبو ظبي لاستضافة مكتب التمثيل الدبلوماسي.
مضيفًا أنّ افتتاح المكتب بشكل غير رسمي في يونيو 2013 سمح بتطور المحادثات بين الجانبين، بحسب المسؤول الذي يتخذ من الدوحة مقرًا له.
وبشأن كيفية تحقيق السلام، صرّح مسؤول آخر في الحركة لـ«شبكة الجزيرة»، رفض ذكر اسمه، بأنّهم أجروا مناقشات مع دبلوماسيين وصحفيين ومحللين لكيفية تحقيقها، مضيفًا أن «مؤتمر باجواش للعلوم والشؤون الدولية، المعني بالتقليل من خطر النزاعات المسلحة، عقد اجتماعًا في الدوحة في 2016 حضره جميع الأطراف لمناقشة كيفية تحقيق السلام».
هذا بجانب عدد آخر من مؤتمرات السلام عقدت في الدوحة بوساطة مسؤولين قطريين، نوقشت فيها عديد من القضايا.
وبحسب تصريحات المسؤول، لم يكن هذا المؤتمر جزءًا من الدور الرسمي بين مسؤولين من أفغانستان وباكستان والصين والولايات المتحدة بهدف رسم خارطة طريق للسلام؛ لكنه كان على قدر كبير من الأهمية، لافتًا إلى عقد اجتماع منفصل بين طالبان والصحفيين الأفغان نوقشت فيه أفكارهما بشأن السلام.
تناقض إماراتي
في سياق متصل، علّق المسؤول في الحركة على مطالب التحالف الذي تقوده السعودية ضد قطر واصفًا إياها بـ«الظالمة»، وأنّ اللجنة الرباعية لا تتهم قطر بدعم الإرهاب.
ولفتت شبكة «الجزيرة» إلى محاولة هذه الدول تضييق الحصار أكثر على قطر باتهامها باستضافة جماعة أفغانية مسلحة. لكن، على الجانب الآخر، أظهرت رسائل للبريد الإلكتروني المسربة أنّ دبلوماسيين إماراتيين ضغطوا على مسؤولين أميركيين حتى تستضيف أبو ظبي اجتماعات المكتب.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس الاثنين أنّ الرسائل المسرّبة من البريد الإلكتروني للسفير يوسف العتيبة تناقض الحملة ضد قطر بزعم دعمها للإرهاب.
وقال السفير الإمارتي لمسؤول أميركي في رسالة مسربة إنه «وصلته رسالة غاضبة من وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان يشكو فيها من أنّ حركة طالبان عقدت اجتماعها في قطر وليس الإمارات»، مضيفًا أنه تلقى اتصالًا آخر منه يعبّر فيه عن غضبه لأنه لم يخبرهم.
رسالة نفاق
الصحيفة حصلت على رسالة بريد إلكتروني أخرى بتاريخ 12 سبتمبر 2011 يشكّك فيها مسؤول إماراتي من موقف الولايات المتحدة بشأن موقع مكتب طالبان.
وكتب الدبلوماسي محمد محمود الخاجة لـ«جيفري فيلتمان»، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدني سابقًا، أنّ «هناك مقالًا في صحيفة لندن تايمز يقول إن الولايات المتحدة تدعم إنشاء سفارة لطالبان في الدوحة»، ويضيف في رسالة أخرى مشيرًا إلى ابن زايد: «يقول صاحب السمو الملكي إننا كنا تحت الانطباع بأن أبوظبي كانت خيارك الأول وهذا ما تم إعلامنا به».
تأتي هذه التسريبات برعاية مجموعة تطلق على نفسها «جلوبال ليكس»، التي قالت لـ«نيوزويك» إنّ الرسائل الأخيرة أكبر دليل على نفاق الإمارات في أزمة قطر.
وكان مكتب التمثيل الدبلوماسي لحركة طالبان جزءًا من جهد موسّع بقيادة الولايات المتحدة لتسهيل محادثات السلام في أفغانستان، وليس لدعم أيديولوجيتها أو المجموعة نفسها، ووافقت قطر على استضافته قبل أربع سنوات بمباركة أميركية.
وتزامن إرسال البريد الإلكتروني مع سعي إدارة أوباما في 2011 لإتمام محادثات السلام، في خطوة نحو سحب قوات حلف الناتو من البلاد، التي انسحبت بالفعل في 2014؛ لكن دون تحقيق السلام.
أثار فتح المكتب حينها غضب الرئيس الأفغاني آنذاك حامد كرزاي؛ لتصنيفها «سفارة غير رسمية لحكومة المنفى»، منهيًا المحادثات الثنائية مع الأميركيين ومهددًا بمقاطعة أي إجراءات سلام قادمة؛ خاصة بعد رفع علم «إمارة أفغانستان الإسلامية»، وهو اسم البلاد تحت حكم طالبان، وأزيل حينها.