شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الدبلوماسية الموازية.. ولايات ومدن أميركية تتحرك ضد «ترامب»

عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، بادر حاكم ولاية كاليفورنيا «جيري براون»، أحد أقوى المدافعين عن الاتفاقية، بالذهاب إلى بكين، والتقى بالرئيس الصيني «شي جين بينغ» لبحث إمكانية تعاون كاليفورنيا مع الصين لمكافحة تغيير المناخ والحد من الانبعاث الكربوني.

هذه الزيارة، بحسب صحيفة «ناشيونال إنترست»، بدت شكلًا ومضمونًا كأنها زيارة لرئيس دولة وليس ولاية أميركية. ولم تكن زيارته هذه الأولى من نوعها في الزيارات دون الاستعانة بوزارة الخارجية؛ وهو ما يشكّل نقلة في الطرق الدبلوماسية التقليدية. كيف؟

قالت الصحيفة إنّ «مدنًا وولايات أميركية، بما فيها نيويورك، أنشأت في وقت مبكر من السبعينيات مكاتب لتعزيز التجارة والاستثمار في الخارج، وكثيرًا ما ترعى رحلات ترويج التجارة إلى البلدان الأجنبية؛ مثيرة بذلك جدلًا قليلًا. لكن، في السنوات الأخيرة، توسع النشاط الدبلوماسي دون الرئاسة إلى ما هو أبعد من التجارة، شاملًا قضايا سياسية أكثر إثارة للجدل تتخذ موقفًا مناهضًا للسياسة العامة للدولة؛ واتفاقية المناخ أكبر دليل على ذلك؛ إذ تحرّك حكام ولايات ومدن في الولايات المتحدة وأوروبا والبرازيل لاتخاذ خطوات بشأنها بعيدًا عن حكوماتهم».

وبالرغم من الإنجازات التي تحققها هذه السياسات المنفردة، تخاطر هذه الطموحات العليا للقادة المحليين بالتنافس مع دبلوماسية الدولة القومية التقليدية بدلًا من تكميلها، وهذا ينطبق بشكل خاص علي الولايات المتحدة؛ إذ أصبحت الدبلوماسية دون الرئاسة في الآونة الأخيرة تثير ثقلًا موازيًا لإدارة ترامب.

وتحدثت الصحيفة عن الرسائل التي بعث بها الحاكم الديمقراطي من ولاية فرجينيا «تيري مكوليف» والجمهوري «ويليام إيسا هاتشسينسون» إلى أوروبا الشهر الماضي لطمأنتهم بشأن سبل التعاون التجاري، وأن الأميركيين لن ينسحبوا من التجارة الدولية، مضيفة: «لكن، على الرغم من ذلك؛ فإنها ضمانات ضعيفة مقابل الضمانات الرئاسية للبيت الأبيض».

ولفتت الصحيفة إلى أنّ حزءًا من المشكلة التي تواجه هذه الولايات والمدن الأميركية يتعلق بالدستورية؛ ففي عام 2012 قضت المحكمة الأميركية العليا بأنّ الولايات لا يجوز لها أنّ تمرر قوانين أو تعقد اتفاقات لها تأثير عرضي أو غير مباشر على الشؤون الخارجية، وهي المنطقة المخولة فيها الحكومة الاتحادية أو الفيدرالية؛ وهو ما يعني -بحسب الصحيفة- أنّ هذه الاتفاقيات الأخيرة التي أبرمها حكام الولايات ضعيفة بطبيعتها. وهو ما يعني أنّ الاتفاق الذي عقده حاكم كاليفورنيا مع الرئيس الصيني ضعيف وأميركا غير ملزمة به.

في الوقت نفسه، حذّرت دائرة أبحاث الكونجرس مؤخرًا من أنّ تصريح الهيئة التشريعية لهاواي بدعم اتفاق باريس قد يثير قضايا دستورية، موضحة أن بلدانًا أخرى غير الولايات المتحدة أثيرت فيها القضايا نفسها؛ ككندا التي حذرت في 2014 مؤسسات من عقد اتفاقيات من شأنها أن تتخطى حدود صلاحياتها إلى صلاحيات الدولة.

وقالت الصحيفة إنه على الصعيد العملي، تفتقر معظم التحركات الموازية أو التي تتحرك دون الدولة إلى الخبرة والموارد اللازمة لمعالجة القضايا الدولية المعقدة؛ فاتفاق مثل الذي عقدته ولاية كاليفورنيا سيشكل تنفيذه تحديًا حقيقيًا لها.

فعلى الرغم من محاولة كاليفورنيا لربط سوق الكربون مع مقاطعة كيبيك الكندية لرفع أسعار الكربون في الإقليمين، لا تزال الأسعار تتراوح بين 13 و17 دولارًا للطن، وفي اتفاقها مع الصين ستواجه مشاكل أخرى تتطلب تدخلات على مستوى الدولة.

وأوضحت أنّ رؤساء البلديات والمحافظين وغيرهم من القادة المحليين في حاجة إلى مواصلة العمل عبر الحكومات الرسمية لبناء الدعم للمبادرات العالمية، مؤكدة أنّ «السياسات البديلة» أكثر فعالية عندما تكون مكملة لتلك التي تنتهجها الدولة ،بدلًا من أن تحل محلها؛ ففي حالة اتفاقية المناخ والجدل المثار بشأن انسحاب واشنطن منها من الممكن أن يضغطوا من أجل إقامة شركات للطاقة النظيفة والحث على الاستفادة من التكنولوجيا الأميركية في هذا المجال والعمل على زيادة الصادرات.

وختمت الصحيفة مقالها بأنّ الحكومة عليها الاعتراف بجهود حكام ولاياتها الذين يعملون على إصلاح ما يرونه من أخطاء. لكن، على الرغم من ذلك، لا يمكن للجهود الدبلوماسية الموازية أنّ تكون بديلًا عن الدبلوماسية الرسمية أو التقليدية للدولة.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023