«إذا كان هناك تحالف غير مكتوب بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل فجميع الاختيارات على الطاولة، كما قال الرئيس الأميركي وهيلاري كلينتون؛ فالسجن دون محاكمة، والإعدام خارج نطاق القانون، وانتهاكات حقوق الإنسان، والفساد، والحكم العسكري؛ كل هذه الخصائص تنتمي إلى جميع الدول العربية تقريبًا وإسرائيل في الأراضي التي تحتلها».
هذا ما دوّنه الكاتب البريطاني روبرت فيسك، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة «إندبندنت» البريطانية، في مقال له تناول مستجدات الأزمة الخليجية وتداعياتها الخارجية.
وفي السادس من أغسطس الجاري، اتخذ الكيان الصهيوني إجراءات أولية لإغلاق مكاتب قناة «الجزيرة» في القدس المحتلة؛ لادعاء أنها «تحرّض على العنف وضد إسرائيل»، وقال وزير اتصالات الاحتلال «أيوب القرا»: «لقد أسسنا خطوتنا على تلك التي اتخذتها دول سنية لإغلاق مكاتب القناة في بلادها»، وفقًا لقرار المملكة والإمارات والبحرين ومصر بمحاصرة قطر منذ الخامس من يونيو الماضي ومطالبتها بإغلاق القناة، إضافة إلى 12 مطلبًا آخر لإعادة العلاقات معها.
من دون رومانسية!
تحدّث روبرت فيسك عن مستجد الأزمة الخليجية والتطبيع السعودي الإسرائيلي، وهو المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة، قائلًا إنه «عندما تطلب السعودية وإسرائيل غلق قناة الجزيرة الفضائية القطرية فيجب أنها تفعل شيئًا صحيحًا. ولكن، لا تكن رومانسيًا جدًا في هذا الموضوع؛ فعندما يمرض السعوديون الأثرياء، كان من المعروف أنهم يسافرون إلى تل أبيب على طائراتهم الخاصة لتلقي العلاج في أرقى المستشفيات في إسرائيل، وعندما تقلع المقاتلات السعودية والإسرائيلية إلى الهواء، يمكنك التأكد من أنها سوف تقصف اليمن أو سوريا».
وأضاف أنه عمل غريب عندما يرتبط رفع السعوديين وتيرة قمع وسائل الإعلام بدعم من «منارة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان: إسرائيل ونتنياهو وحكومته»، قائلًا إنّ «نتنياهو اتّهم منذ وقت طويل قناة الجزيرة بالتحريض على العنف في القدس؛ خاصة في تقاريرها عن هجمات القتل الأخيرة في القدس، ولكن كل صحفي أجنبي في إسرائيل وخارجها تجرّأ على انتقادها في وقت أو آخر اُتُّهم بالتحريض ومعاداة السامية وغيرها من الأكاذيب».
ويقول روبرت: «وجدت أنا شخصيًا أن تقارير الجزيرة من إسرائيل مثيرة للشفقة جدًا، لقد كانت تتودد وتُبجّل بوضوح عندما ظهرت مذيعتها القطرية التي أعربت للمتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية على الهواء عن تعازي قناتها في وفاة أرييل شارون، وهو المسؤول عن مذبحة صبرا وشاتيلا التي وقعت في عام 1982 وأدت إلى مقتل 1700 فلسطيني؛ مع ذلك اتخذ أيوب القرا موقف زملائه العرب نفسه».
ويضيف: أما بالنسبة إلى كونها «مؤيدة للإرهاب» كما قال الوزير الإسرائيلي فيجب أنّ نسأل: لماذا صدّر العرب الخليجيون مقاتليهم وأموالهم إلى الإسلاميين الأكثر شراسة في الشرق الأوسط؟ ولماذا لم تقصف «إسرائيل» هذه المخلوقات «الخبيثة» نفسها؟ بل نسأل: لماذا أعطت «إسرائيل» العلاج بالمستشفيات للمقاتلين الجرحى من «جبهة النصرة» وتنظيم «القاعدة»؟
التحالف «الخليجي الإسرائيلي»
ثاني ما علق عليه روبرت فيسك في الأزمة الخليجية ومن مظاهر التطبيع السعودي الإسرائيلي: العلاقة مع إيران، فقال: عندما يشير الملك سلمان، أو بالأحرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بإصبعه على أن إيران أكبر تهديد لأمن الخليج، يمكنك أن تتأكد من أن نتنياهو سيفعل بالضبط وعلى وجه التحديد الشيء نفسه. ولكن، يحل «أمن الخليج» بطبيعة الحال محلّ «الأمن الإسرائيلي».
ويضيف: «كما يجب ألا ننسى أن الرئيس الأميركي ونظامه الغريب هما أيضًا جزء من الكونفدرالية السعودية الإسرائيلية المناهضة للشيعة. ترامب أبرم صفقات مبيعات أسلحة بـ350 مليار دولار مع السعوديين، وموقفه من إيران وكراهيته للصحافة والتلفزيون في العالم يجعلانه جزءًا حميمًا من التحالف نفسه».
قمع الحقيقة
يختتم روبرت فيسك مقاله بأنّ مع مساعي نتنياهو لإغلاق مكتب الجزيرة في القدس، وولي العهد السعودي لإغلاق مكتب الجزيرة في قطر؛ فإنّ بوش فعلًا قصف مكاتب الجزيرة في كابول وبغداد، وقررت تيريزا ماي إخفاء تقرير حكومي عن تمويل «الإرهاب»؛ خشية أن يُزعج السعوديين، وهذا هو السبب الذي أخفاه توني بلير في تحقيق أجرته الشرطة البريطانية بشأن الرشوة المزعومة من السعودية قبل عشر سنوات.
ويضيف: لكن، لا يزال هناك إسرائيليون شرفاء يطالبون بدولة للفلسطينيين، وهناك سعوديات متعلمات جيدًا يعترضن على «الوهابية المظلمة» التي تأسست عليها مملكتهن، وهناك الملايين من الأميركيين من البحر إلى البحر لا يعتقدون أن إيران عدوهم ولا السعودية صديقتهم؛ إلا أنّ مشكلة اليوم في الشرق والغرب أنّ الحكومات ليست أصدقاءنا، هم مضطهدونا، أو أسيادنا، ويقمعون الحقيقة وحلفاء للظالم.