ساعات قليلة ويحل عيد الأضحى المبارك هذا العام وسط حالة من الغلاء تسيطر على الأسواق المصرية، نتج عنها حالة من الركود في معظم السلع، أبرزها اللحوم، والتي تعتبر هي العنصر الرئيسي في عيد الأضحى، حيث ينتظر الفقراء بالعام من أجل الحصول على اللحوم.
وشهدت أسعار اللحوم هذا العام ارتفاعات متتالية خلال فترة زمنية قصيرة لتصل إلى أسعار غير مسبوقة لم تشهدها السوق المصرية سابقا، حيث وصل سعر كيلو اللحمة إلي 150 جنية لأول مرة في تاريخ مصر.
وضربت حالة من الركود أسواق اللحوم الحية (خراف وعجول وأبقار) مقارنة بمناسبة نفسها في العام الماضي، وهو ما أرجعه تجار الماشية إلى غلاء الأعلاف والانتقالات والرعاية والأجور والتي اثرت سلبا في أسعار الأضاحي وارتفعت بها عاليا عن متناول المواطنين، وأدى إلى حالة من الإحجام عن شراء اللحوم الحية.
الفقراء محرومون من اللحمة
وفي ظل الارتفاع الجنوني في أسعار الأضاحي هذا العام، الذي تضاعف عن أسعار العام الماضي، حيث وصل سعر الخروف إلي 8 الآلاف جنيه، فيما وصل سعر العجول إلى 25 ألف جنيه، أحجمت الكثير من العائلات متوسطة الدخل عن الأضحية هذا العام، في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها.
وقال محسن محمد أحدى المواطنين، أنه يشترك مع أسرتة كل عام في الأضحية في عجل، حيث أن عددهم 5 أشقاء، وأنه يتم توزيع اللحوم على الفقراء في القرية، ولكنه لن يضحي هذا العام مثل الكثير من أسر القرية بسبب الأوضاع الاقتصادية.
وأضاف في تصريح لـ«رصد» أنه اشترى عجل العام الماضي، بـ8 الآلاف جنيه، وأنه ذهب العام الحالي لشراء عجل للأضحية، وجد أن سعرة وصل إلى 25 ألف جنية، مما يعني أن الزيادة وصلت إلي الضعفين.
وأوضح أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها العائلة، والارتفاع الجنوني في جميع الأسعار، جعلته يتخلى عن الأضحية التي كان يواظب عليها كل عام، مشيرا إلى أنه لا يعرف كيف سيمر هذا العام على الفقراء، في ظل إحجام الكثير من الأسر عن الأضحية هذا العام.
عزوف عن الشراء
«السنة دي مفيش لا بيع ولا شراء وقليل ما نبيع أضحية».. بهذه الجملة الصغيرة علق محمد الصغير (جزار) على حالة السوق، مؤكدًا أن الأسعار المرتفعة دفعت الناس لعدم الشراء بكثافة كعادة هذه الأيام التي تسبق العيد، لافتًا إلى أن أسعار الخراف تبدأ من 65 جنيها للكيلو والخروف الواحد يبدأ سعره من ثلاثة الآف جنيه، بينما لحم الغنم يبدأ من 65 جنيها للكيلو الواحد.
وأكد الصغير أن تكلفة الأضحية إلى أن تصل للمستهلك ارتفعت بسب ارتفاع أسعار الأعلاف والأجور والمواصلات، وهو الأمر الذي يتحمله المستهلك زيادة في سعرها.
الأوقاف تحث المواطنين على الأضحية
ودعت وزارة الأوقاف، في خطبة الجمعة المقبلة المقررة على الأئمة بتاريخ 18 أغسطس، أغنياء مصر إلى شراء صكوك الأضاحي، وذلك بعد انخفاض حصيلة جمع أئمتها للصكوك هذا العام.
وجمعت الأوقاف هذا العام 1000 صك فقط، بحسب تصريح الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بالوزارة، يقدر ثمن الصك الواحد 1500 جنيه أي بمعدل مليون و500 ألف جنيه، وهو رقم قليل مقارنه بحصيلة العام الماضي التى بلغت 13 مليون جنيه علما بأن قيمة الصك كانت تقدر 1200 جنيه والقائمين على عملية جمع الصكوك لم يتعدوا 70 إماما على مستوى الجمهورية.
وللتغلب على قلة حصيلة صكوك الأضاحي، دعت الأوقاف ساكني المناطق الراقية التي يكثر فيها الأغنياء ويقل فيها الفقراء إلي شراء الصكوك، موضحة أنها أفضل وانسب لهم لأنه يؤدي إلي وصول الأضحية إلي الأكثر استحقاقا في المناطق الأكثر احتياجا بصورة منظمة.
وطالبت الوزارة عبر خطب الجمعة الماضية الأغنياء، بضرورة تحرى الدقة والأمانة في الجهة التى ينيبونها عنهم في توزيع لحوم الأضاحي، وأن تبادر هذه الجهات بذبح الأضاحي في الوقت المخصص لها شرعا، وأن تبادر بسرعة توزيعها وإلي مستحقيها.
وقالت الأوقاف: «ما أجمل أن يجمع المستطيع الموسر بين الأمرين الذبح توسعة على أهله وشراء الصكوك توسعة على عامة الفقراء في المناطق المحرومة والأكثر احتياجا».
عزوف عن التبرع للمؤسسات الخيرية
وشهدت مصر عزوفا كبيرا عن التبرع لصالح المؤسسات الخيرية بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنين جراء ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن بعض السلع الاساسية وفرض المزيد من الضرائب.
وظهرت تجليات هذا العزوف في إعلان تليفزيوني لجمعية الأورمان الخيرية، دعت فيه المصريين إلي شراء صكوك الأضاحي بالتقسيط على 12 شهرا.
واستندت الجمعية في إعلانها، على فتوى لدار الإفتاء المصرية أكدت، أن شراء صك الأضحية بالتقسيط جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، ولا يؤثر ذلك في قبولها عند الله تعالى ولا في حصول الأجر والثواب عليها.
واستشهدت الإفتاء بفتواها بما أخرجه الدارقطني في «سننه» عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ».
وقالت الإفتاء إن الشراء بالتقسيط في معنى الاستدانة، ورغم الإشارة إلى ضعف الحديث الشريف، إلا أنها أوضحت أن معناه صحيح، وأن الضعيف يُعمَل به في فضائل الأعمال.