تعددت الرؤى الإسرائيلية لقرار جماعة الإخوان المسلمين بترشيح احد أعضائها للمنافسة على منصب رئيس مصر، ففيما رآه البعض قدرة من الجماعة على التعاطي المدروس للمعارك السياسية، اعتبره آخرون مصدر قلق كبير لإسرائيل وتهديد لوجودها باعتبار أن مرجعيته وموقفه من إسرائيل سيشكلان خطرا مستقبليا على المشروع الصهيوني إذا ما قورن بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
فإعلان الجماعة لترشيح أحد أعضائها أربك حسابات إسرائيل وأبطل مخططاتهم لاستقطاب الرئيس القادم تجاهها، لأن الشاطر لديه عقيدة راسخة بأن إسرائيل أعداء، رغم إعلان الجماعة التزامها بكل الاتفاقات التي وقعتها مصر حتى "كامب ديفيد" التي تعتبر أساس السلام في المنطقة، فتقديم الجماعة لمرشح عدل كل التوقعات المسبقة بالنسبة لمستقبل الدولة.
فتحت عنوان "سيطرة مزدوجة" كتب " ايلي افيدار" مقالا بصحيفة "معاريف" الأربعاء جاء فيه:" وقع شيء في مصر، ففي خطوة دراماتيكية للغاية منذ سقوط حكم مبارك، أعلن الإخوان المسلمون عن ترشيح المليونير محمد خيرت الشاطر للرئاسة، وسرق الإعلان الأوراق وعدل كل التوقعات المسبقة بالنسبة لمستقبل الدولة، نحن نقف أمام حدث سيغير مستقبل الشرق الأوسط، السيطرة المحتملة لممثلي الإسلام السياسي على المجلس الأدنى والسلطة التنفيذية في مصر على حد سواء
وأضاف الشاطر، مهندس في مهنته وأب لعشرة جمع ماله بالتجارة، كان الممول الأساسي للإخوان المسلمين، وقد زج في السابق في السجن على يد عبدالناصر والسادات أيضا بسبب نشاطه في الحزب، اختياره ليس صدفة ويأتي لعرض وجه معتدل للغرب، محللون وصحافيون يقدرون بان الشاطر ذو نزعة الحداثة (بما يعنيه اسمه من مهارة وذكاء) يقود عملية التغيير التي يحدثها الأخوان المسلمون بحيث تعتبر الحركة قوة سلطوية شرعية.
في 8 فبراير الماضي ظهر الشاطر في برنامج "بلا حدود" على فضائية الجزيرة وتعرض للهجوم بسبب صمت "الإخوان المسلمين" في ضوء الفوضى والقمع العسكري في مصر، وأوضح الشاطر بأنه بعد سنوات في الخفاء، فان الإخوان يعنون ببناء قوة سياسية وأن في نيتهم تعزيز مكانة مجلس النواب والديمقراطية، ولكن لا ينبغي الوقوع في الخطأ، مثلما أدى فوز الإخوان في الانتخابات للبرلمان بان يتطلعوا إلى الرئاسة، فان السيطرة على منصب رئيس الدولة نهايتها تغيير تطلعات "الاخوان" بالنسبة لمستقبل مصر
وأوضح إن الميزان بين الجيش والقوى الإسلامية يجتاز الآن هزة شديدة، يخيل أن الجيش استغل حتى النهاية الائتمان الجماهيري الذي حصل عليه بعد الثورة، والآن توجد شكوك جدية حول قدرته على قيادة الفترة الانتقالية حتى ثبات الحكم الجديد بنجاح، من جهة اخرى، بفضل فوز الحركات الإسلامية في الانتخابات يشعر "الإخوان بان في وسعهم احتلال مزيد من الأهداف.
وأشار إلى أن دراما أخرى كثيرة بان تقع في علاقات مصر مع الغرب، وبالأساس مع الولايات المتحدة، فالعالم العربي، كما يبدو، لا تشغل باله إمكانية حكم إسلامي في القاهرة ولكن الأمريكيين الذين أداروا ظهرهم لمبارك باسم التطلع إلى الحرية والديمقراطية، سيتعين عليهم أن يتخذوا القرارات بشأن مستقبل الدعم العسكري والاقتصادي لمصر، السلوك الغافي للبيت الأبيض حتى الآن في ضوء الأحداث غير المسبوقة في القاهرة لا يبشر بالخير من ناحيتنا، واختتم بالقول "الوضع الراهن في مصر تغير بحيث لا يمكن التعرف عليه، فقد نشر الإخوان الحجارة على لوحة الشطرنج وهم الآن يهددون بحسم المباراة.
أما المحلل السياسي "بشمات ابشالوم" المحاضرة في الجامعة العبرية فنشر مقالا تحت عنوان "الإخوان المسلمون: براغماتية أم قوة؟" نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الثلاثاء جاء فيه:" إن ظهور ترشيح خيرت الشاطر ممثلا لحركة الإخوان المسلمين لرئاسة مصر يتناقض مع تصريح الجماعة السابق بأنها لن ترشح مرشحا للرئاسة من قبلها، وليس هذا تصريحا معلنا بأن الحركة ترى نفسها أنها ستدبر وتحدد وحدها صبغة مصر، بل خطوة مطلوبة من جهتها في مواجهة الظروف التي تواجهها".
وأضاف:"خلال العقود الثلاثة الأخيرة عملت حركة الإخوان بقوة لتكون قوة شرعية في الجهاز السياسي المصري، ولم يثنها قمع نظام مبارك لها وهو قمع اشتمل على اعتقالات جماعية لقادة الحركة وأعضائها ومنهم الشاطر، عن التمسك بالتوجه الحذر الذي يمتنع عن مجابهة السلطة.
ومع ذلك تصبح البراغماتية محدودة حينما يصبح معناها فقدان القوة، فالمواجهة المكشوفة مع الجيش بسبب مطالب الإخوان بتعيينات جديدة في المجلس الوزاري المصغر، والاختلاف في صياغة الدستور وتحديد مقدار الرقابة المدنية على الجيش، كل ذلك أوجب على الإخوان أن يعملوا ويحصنوا قوتهم.، وهناك عامل آخر حثهم على هذا القرار وهو الخوف من نجاح مرشحين إسلاميين للرئاسة ولا سيما نجاح د. عبد المنعم أبو الفتوح الذي كان عضوا في الإخوان سابقا والذي حظي بشعبية كبيرة بسبب المواقف الليبرالية التي عبر عنها وتسامحه مع قوى أخرى.