سلّطت صحيفة «ذا ميدل إيست آي» الضوء على أبرز المواجهات الدبلوماسية التي شهدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع؛ بدءًا من تهديدات ترامب، الذي وصف بأنه «رجل الصواريخ» بإبادة كوريا الشمالية، إلى نكت «نتنياهو» التي وصفت بالسخيفة، والمعارك الدبلوماسية بين قطر والسعودية.
وبحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، لم تحظى اليمن أو سوريا باهتمام بالغ في الجمعية العامة، سوى بعد التعليقات القصيرة التي وصفت الوضع هناك، وطالبت بعض الأطراف بمحاكمة السعوديين على جرائمهم هناك.
ترامب رجل الصواريخ
وقالت الصحيفة إنه على مر السنين، استضافت الجمعية العامة للأمم المتحدة بعض اللحظات البارزة في المسرح السياسي، وكان الحدث الرئيسي هذا العام هو خطاب الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» لأول مرة، حيث هدد «رجل الصواريخ»، بحسب وصف الصحيفة، كوريا الشمالية بالإبادة.
وتعهد ترامب بـ«القضاء التام»، على الأمة الآسيوية التي يبلغ عدد سكانها 26 مليون نسمة جنبا إلى جنب مع زعيمها الصامد «كيم جونج اون»؛ مما جعلها أكبر العناوين الرئيسية للجمعية العامة، كما وصف «نتنياهو» في الجمعية العامة، كلمات ترامب عن الاتفاق النووي الإيراني بأنها الأكثر جرأة، في إشارة إلى أن ترامب سوف ينسحب من الاتفاق مع إيران، وهو الأمر الذي جعل الشرق الوسط محور الحديث في الأمم المتحدة.
أصدقاء البطريق الصغير «نتنياهو»
الأشهر الأخيرة كانت صعبة بالنسبة لـ«نتنياهو»، حيث يختتم مدته بقضايا فساد يواجهها، كما تواجه زوجته «سارة» لائحة اتهامات باستهلاك 100 ألف دولار على الطعام فقط، في حين يكثر خصومه داخل وخارج إسرائيل.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الضغوط التي يواجهها قد يكون لها أثرها على خطابه «الملتوي» أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي استغرق 25 دقيقة، إلى جانب شجاعته الأكثر اعتيادية للدلالات المؤيدة لإسرائيل ولوم العدو الإقليمي الاعتيادي إيران.
وبالنسبة لمن لا يعرف، يفكر زعيم حزب الليكود، مع مندوبين اسرئيليين، بالقيام برحلة إلى القارة القطبية الجنوبية؛ بسبب «الوحي غير المحتمل» بأن الطيور السابحة والتي تمتلك أجنحة ولا تطير – البطاريق- ، «مؤيدون متحمسون لاسرائيل»، وقال نتنياهو، أمام الجمعية العامة، «الآن أنتم تضحكون، لكن البطاريق لا تواجه أي صعوبة في أن ترى أن بعض الأشياء تظهر بلون الأسود أو الأبيض، وتعتبر صحيحة أو خاطئة».
«نتنياهو» كان مخطئا في الجزء الأول.. فالجمهور لم يضحك، ثم بعد ذلك، عبر عن غضبه من إدانة الأمم المتحدة لاسرائيل، عبر وكالاتها، وذكر نتنياهو أسطورة التنس الأمريكية «جون ماكنرو» وأثره على لهجة نيويورك غير المعقولة في قراءة خط اللاعب الرياضي: «لا يمكنك أن تكون جادا!، ثم أخيرا تغزل أمام الجمهور الضئيل في الأماكن المقدسة في اسرائيل، وقال إنه لإثبات ذلك، يمكنكم الاطلاع على الكتاب المقدس، وأوصى الجمهور بالقراء فيه ولو لمرة في الأسبوع.
بالنسبة لبعض الوفود الحاضرة لاجتماع الأمم المتحدة، لم تكن نكت «نتنياهو»، جديرة بالاهتمام، بينما أثار ثناؤه على الرئيس الأمريكي بعض الاهتمام، والذي بدأها بالإشادة بزيارته التي أجراها للقدس في مايو الماضي، وقال «عندما لمس الرئيس حائط المبكى، فقد لمس قلوبنا إلى الأبد»، ووصف خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأكثر جرأة، والأكثر شجاعة، من أي دولة وقفت تحت سقف الأمم المتحدة.
لكن لم يكن «نتنياهو» هو الزعيم الوحيد الذي أشاد بترامب، فقبل محادثاته مع نظيره الأمريكى يوم الأربعاء، قال الرئيس الفلسطينى «محمود عباس»، إن التزام «ترامب» بالسلام فى الشرق الاوسط سيساعد فى تحقيق «صفقة القرن» في المنطقة.
أسبوع جيد لقطر
يذكر أن قطر، حصلت على دفعة أخرى من الصدع الذى استمر 108 يوم، مع اربعة جيران فى مقر الأمم المتحدة هذا الأسبوع، فأولا، استخدم الأمير الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» منصبه في مهاجمة المملكة العربية السعودية وزملائها في الحصار، وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء، كان ينظر إلى وقته مع ترامب كإشارة إلى أن الولايات المتحدة لن تعطي أولوية لحليف خليجي على آخر.
واتهم الشيخ تميم من منبر الأمم المتحدة، جيرانه باستخدام الحصار ومنع الغذاء والدواء عن شعبه، «لزعزعة استقرار» قطر والحصول على امتيازات سياسية، وقال «ألا يندرج هذا تحت مفهوم الإرهاب؟».
وفي وقت مبكر من الأزمة، كان «ترامب» جنبا إلى جنب مع الرياض ودعا قطر بـ«ممولة الإرهاب»، لكنه عمل بعد ذلك كوسيط للخروج من الأزمة، وقبل اجتماعه مع الشيخ تميم، قال للصحفيين إن النزاع «سيحل بسرعة كبيرة».
فيما قال الشيخ تميم، إن «تدخل واشنطن سيساعد كثيرا»، وقد يكون ذلك صحيحا، فهذا الأسبوع، قالت صحيفة «بلومبرج» إن ترامب تحدث إلى السعوديين والإماراتيين عن خططهم لاستخدام القوة العسكرية ضد قطر في وقت سابق في مواجهة.
يقول محللون، «من الواضح أن أولئك الذين يعارضون قطر كانوا يبحثون عن دلائل تشير إلى أن ترامب سيرمي الشيخ تميم تحت الحافلة، لكن من الواضح إلى الآن أن الولايات المتحدة تحاول حل الأزمة بطريقة لا تضع اللوم على أي طرف».
فيما قال «جوناثان كريستول»، وهو باحث في معهد السياسات العالمية، ان الرياض مهما كانت، فإن المزيد من الدول تشعر بالقلق إزاء التطرف السعودي المنتشر، أكثر من قلقها حول الإرهاب الممول من قطر».
صفقة إيران النووية ذات النصف عمر
يبدو أن الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 يتلاشى بشكل أسرع من «نظير» مشع، حيث وصف ترامب الاتفاق «بالحرج» خلال خطابه أمام الجمعية التى تضم 193 دولة، وقال للصحفيين إنه قرر بالفعل ما اذا كان سيتحرك لسحب الولايات المتحدة من الاتفاق، ولكنه لم يوضح بالتفصيل.
ومن المقرر أن يقدم تقريرا إلى الكونجرس الأمريكى بحلول 15 أكتوبر حول ما إذا كان سيتم التصديق على ان ايران التزمت بجانبها في الاتفاق، أم لا، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إعادة فرض الكونجرس عقوبات على إيران وتفكيك الصفقة.
فيما قال الرئيس الإيراني «حسن روحاني»، إن «الاتفاق الدولي لا ينبغي أن يتم سحبه» من قبل «المستجدين في السياسة»، في انتقاد واضح لترامب.
وقد حث «نتنياهو»، الذي دأب طويلا على مهاجمة الصفقة خلال ولاية اوباما، على «إصلاحها أو إعادة ترسيمها»، وعلى الرغم من الدبلوماسية المحمومة بين وزير الخارجية الأمريكية «ريكس تيرلسون» ونظيره الإيراني «أحمد جواد الظريف»، إلا أنه من غير الواضح أي طريق سيسلكه «ترامب» في هذا الشأن.
ارتفاع الدوحة وسقوط الرياض
المملكة العربية السعودية، وهي واحدة من الدول ذات الثقل في الشرق الأوسط، وتلعب عادة دورا بحجم الملك في الجمعية العامةن وكان مبعوثها الأعلى هذا العام وزير الخارجية «عادل الجبير»، حيث حافظت الرياض على مستوى أقل من المعتاد.
حضر «لبجبير» جلسات حول إراقة دماء الروهينجا في ميانمار، والحرب الأهلية في سوريا، والتقى مع نظيره البريطاني «بوريس جونسون»، وغيرها من الجلسات، وقال عاملون في الأمم المتحدة، إن سياسة الجبير الخارجية لم تخلق أرضا خصبة للسعوديين هذا العام.
وتواجه الرياض غضبا متناميا، بسبب حربها التي تشنها في اليمن، وانضمت إلى قائمة «دول العار»، التي أصدرتها الأمم المتحدة عن الجماعات المسلحة التي تضر بالأطفال.
وقالت «دراجيكا ميكافيكا»، من جماعات الضغط، التي تراقب أوضاع الأطفال وسط النزاعات المسلحة، إن السعودية تهتم بسمعتها وبنيت سردية أوضحت خلالها أنها تعالج الآن المخاوف المتعلقة بالضحايا المدنيين خلال حربها في اليمن.
وأضافت، أن إدانة الرياض لارتكاب انتهاكات فى اليمن فى الأمم المتحدة سيكون جدير بالثناء، لكنه قد لا ينتج تأثير حقيقي، وأضافت أيضا «من المحتمل أن لا يثبط داعميها ومورديها على نحو خطير، في بريطانيا والولايات المتحدة».
وتواجه السعودية أيضا مرمى النيران بالقضية المرفوعة ضدها في المحاكم الأمريكية، بأنها تقف وراء هجمات 11 سبتمبر، وقالت «تيري سترادا»، التي توفي زوجها في الهجمات، إن إمكانية الضغط على دول البترودولار قد تضاءلت، مضيفة أن أموالهم لم تعد تشتري لهم التأثير في واشنطن كما كان في السابق، ومضيفة «أتريد أن تعرف لماذا؟ لأنهم مذنبون والأمر ليس سرا بعد الآن».
في مكان آخر في الجمعية العامة للأمم المتحدة
كان هناك الكثير من الإجراءات الأخرى، المتعلقة بالشرق الأوسط، حيث وافق مجلس الأمن هذا الأسبوع على انشاء وحدة تحقيق تابعة للأمم المتحدة لجمع أدلة ضد مقاتلين من تنظيم الدولة فى العراق لارتكابهم جرائم حرب وإجراء محاكمات إبادة جماعية فى المستقبل.
في وقت سابق، استهدفت رئيس الوزراء البريطاني «تيريزا ماي» في الفيسبوك وجوجل وغيرها من عمالقة وسائل الاعلام الاجتماعية، وحثتهم على إزالة بسرعة «المحتوى الإرهابي» من الإنترنت، ووقف تحميله في المقام الأول.
وكان الرئيس التركي «رجب طيب اردوغان»، استخدم أيضا خطته في التحذير من ان استفتاء استقلال كردستان في شمال العراق هذا الشهر يمكن أن يؤدي إلى نزاعات جديدة في المنطقة.
أما فيما يتعلق بليبيا، كان الدبلوماسيين متفائلين، بشكل غير عادي، وكشف مبعوث الأمم المتحدة «غسان سلام» عن خارطة طريق لكسر الجمود السياسى فى الدولة الواقعة فى شمال افريقيا والتى تحكمها ثلاث حكومات متنافسة ولم تشهد سوى القليل من الاضطرابات منذ انتفاضة عام 2011.
على الرغم من حجم المعاناة الإنسانية التي تنتجها، كانت الصراعات في سوريا واليمن غائبة بشكل ملحوظ عن شفاه العديد من المبعوثين هذا الأسبوع. ومع احتمال ضئيل في تحقيق اختراقات دبلوماسية في أي من الحروب، يبدو أن قادة العالم ركزوا على صداع أكثر إلحاحا.