شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ميدل إيست مونيتور: التحالف الإسرائيلي الجديد مع الأنظمة العربية كارثي ولن يستمر

شاهدتُّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدار العامين الماضيين يبتهج في مرات عديدة بسبب تنامي الدفء والتعاون بين حكومته والأنظمة العربية. قبل أسبوعين، في مناسبة السنة اليهودية بوزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، قال إنّ «ما يحدث حاليًا مع الدول العربية لم يشهده تاريخنا أبدًا»، كاشفًا أنّ التعاون بين «إسرائيل» والدول العربية الآن يشهد «سبلًا متعددة ومستويات مختلفة».

شبه التحالف الذي تحدث عنه نتنياهو بدأ بعد الربيع العربي؛ بسبب الخوف المشترك من الثورات الشعبية والتوسع الإيراني. فإذا بالأنظمة الملكية العربية والأنظمة الديكتاتورية تهرع صوب «إسرائيل» لهدف واحد: الحفاظ على وجودها بعد أن خلُصت إلى أنّ مصلحة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط آخذة في التلاشي، وأن أميركا لم تعد مستعدة لحمايتهم في مواجهة الانتفاضات الشعبية وتوسعات إيران. ويعد التحالف العربي الإسرئيلي طعنًا في الظهر للفلسطينيين.

وبحسب «ميدل إيست مونيتور»، فقد اقترحت الأنظمة العربية في عام 2002 «مبادرة السلام العربية»، عارضة تطبيع العلاقات مع «إسرائيل» مقابل انسحابها الكامل من الأراضي التي احتلتها في عام 1967، مع تسوية تفاوضية بشأن قضية اللاجئين. واعتمدت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي هذه المبادرة، التي ستفتح الباب أمام «إسرائيل» لتقوية العلاقات مع 57 دولة عربية ومسلمة؛ تشمل لبنان وسوريا وإيران. وأُسقط شرط اللاجئين فيما بعد، وأعادت جامعة الدول العربية اعتماد هذه المبادرة في عام 2007 وهذا العام أيضًا.

ومع الغياب الحقيقي لأيّ ضغط دولي سياسي على «إسرائيل»، ينظر الفلسطينيون دائمًا إلى العلاقات المشروطة بين العالم العربي و«إسرائيل» على أساس حل الدولتين؛ باعتباره نافذتهم الوحيدة في المفاوضات. وهذا هو السبب لأن يأتي التحالف والتعاون الجديدين بين «إسرائيل» ودول عربية بشكل فظيع وكارثي على حساب قضية فلسطين والفلسطينيين.

حدّد نتنياهو وقادة الاحتلال الإسرائيلي أولويتهم: السلام مع الدول العربية التي «ستؤدي فيما بعد إلى السلام مع الفلسطينيين». وإذا كانت «إسرائيل» في حالة سلام مع الدول العربية فلا يوجد حافز لقادتها للانسحاب من الأراضي المحتلة. والأكثر من ذلك أنّ نتنياهو نفسه، الذي احتفل في الشهر الماضي بالذكرى الخمسين لاحتلال «إسرائيل» الضفة الغربية، تعهّد بألا يخلي أيّ مستوطنة هناك: «نحن هنا للبقاء إلى الأبد، هذا ميراث أجدادنا، هذه أرضنا».

تحالف هشّ

إضافة إلى ذلك، لا يمكن للأنظمة العربية أن تهتم أكثر من ذلك بالفلسطينيين. لقد أرادت إقامة علاقات مع «إسرائيل» لمدة طويلة لأسباب أنانية وذاتية تمامًا، وأحيانًا كوسيلة للقتال للأميركيين، لكنهم كانوا يعلمون أنّ السبيل الوحيد لتفادي الغضب الشعبي سيكون بدفع اتفاق سلام للفلسطينيين. ومنذ عام 2002 حتى الآن، خفّضت الدول العربية مطالبها فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية؛ كل ذلك في سبيل التطبيع مع «إسرائيل». وكان مستوى هذا التنازل عن حقوق الفلسطينيين جليًا حينما اقترحت دول الخليج في وقت سابق من هذا العام تقرّب الروابط الكاملة مع «إسرائيل» إذا اجتمعت الحكومة بشكل جزئي لبناء المستوطنات وخففت القيود التجارية المفروضة على قطاع غزة، حسبما نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال».

ويبدو أنّ نتنياهو وأصدقاءه يشعران بسعادة مفرطة لتعزيز العلاقات مع دول عربية دون أن يقدموا أيّ تنازلات أو يدفعوا أيّ ثمن. ولئن كان هذا بالتأكيد إنجازًا كاملًا من وجهة النظر الإسرائيلية، فنبرة نتنياهو عندما يتكلم عن التعاون بين «إسرائيل» والدول العربية تدعي اعتقاده بأنه من بنى علاقة دائمة وغير قابلة للكسر معها؛ غير أنّ الواقع يقول إنّ هذا التحالف هش وسيظل قصير الأجل، على عكس ما يقول.

الطريق الثوري

وقع خلاف بشكل حقيقي بشأن اتخاذ «الحلفاء العرب» الإسرائيليين نهجًا مختلفًا تجاه القضية الرئيسة لتحالفهم؛ ألا وهي إيران. وبينما كان القادة الاحتلال الإسرائيلي يصعّدون من نبرة الخطاب المناهض لإيران، ويضغطون على العاصمتين واشنطن وموسكو ضد الوجود الإيراني في سوريا، وظهر أنّ حكومتي السعودية والإمارات وافقتا على هذه المسألة. وواقعيًا، يتّضح أنهما أكثر مرونة في التعامل مع الواقع السياسي من حيث حقيقة أن إيران لاعب إقليمي رئيس، إلى حد أنّ دول الخليج تحاول إصلاح العلاقات مع طهران والمحور الشيعي. فعلى سبيل المثال، طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قيادة وساطة مع طهران.

إضافة إلى ذلك، حتى لو كان تحالف الاحتلال الإسرائيلي مع العالم العربي لا زال قائمًا، فالأنظمة نفسها ربما لن تظل باقية؛ وإذا تعلّمنا شيئًا واحدًا من الربيع العربي فهو أنّ الأنظمة الديكتاتورية والأنظمة القمعية، التي اُعتُبرت في الماضي ذاتًا مصمتة لا يمكن قهرها، أظهرها الربيع العربي على حقيقتها؛ فهي أضعف بكثير مما كان يمكن أن يتصور الفرد.

وتقول دراسة للثورات السياسية إنّ الثورات العربية لم تنته بعد. بل إنّ القوى المناوئة للثورة في كل بلدان الربيع العربي تقريبًا مجرد مرحلة للثورة على المدى الطويل. إنّها المرحلة التي تجلب مزيدًا من الدعم الشعبي، ومزيدًا من النضج، ومزيدًا من الإصرار على الطريق الثوري.

في غضون جيل، وربما أقل، ستندلع ثورات عربية؛ وليس مرجحًا هذه المرة أنّ تفشل، وتتوقع بحوث أكاديمية بالفعل أنها ستطغى على المنطقة بأسرها؛ حتى الملكية الخليجية.

وستؤدي هذه الثورات إلى حكومات ديمقراطية وممثلة للشعب العربي، الذي ما زال يرفض أي تطبيع مع «إسرائيل»؛ بل ويقيس وطنيته في مستوى العداوة تجاه الدولة الصهيونية. وبالتالي؛ لا أعتقد أنّ التحالف سيذهب بعيدًا ما دام أنه يفتقر إلى موافقة شعبية.

الحل الوحيد

إذا أرادت «إسرائيل» إقامة علاقات حقيقية وطويلة الأجل وفعّالة مع العالم العربي والإسلامي فالسبيل الوحيد للمضي قدمًا هو إعطاء الفلسطينيين حقوقهم؛ على الرغم من أنّ مبادرة السلام العربية لحل الدولتين مع مبادلات لأراضٍ أو حل دولة واحدة مع حقوق متساوية لجميع المواطنين.

في رأيي، ليس هناك بديل؛ فالقادة الإسرائيليون أصبحوا معروفين بفكرهم القصير الأجل، ولكنّ التفكير الطويل الأجل والمنطق البسيط يقولان إنك لا تستطيع الحفاظ على العلاقات مع الدول العربية، ولا يمكنك الحفاظ على الشرعية الدولية لهذه المسألة بينما تحتل فلسطين ولا تزال تضطهد الفلسطينيين قائمًا.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023