أفادت تقارير أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لديه نوايا للتراجع عن القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة الأميركية للخارج، على الرغم من أن الولايات المتحدة تبيع فعليا الأسلحة إلى بلاد أخرى وتتحدث التقارير عن أرقام قياسية لتلك المبيعات، فيما يخطط ترامب لإجراء هذه التغييرات، في وقت ما من هذا الخريف، وفقا لتقارير «بوليتيكو». وبذلك يرجح الخبراء احتمالية قيام إدارة ترامب بتغذية الصراعات الراهنة، وإشعال مزيدا من صراعات جديدة في جميع أنحاء العالم، وفقا لصحيفة «نيوز ويك».
ووفق ما ترجمته «شبكة رصد» قال الدكتور «براندون فاليريانو» رئيس دونالد برين للسياسة المسلحة في جامعة مشاة البحرية، إن « بيع الأسلحة وعملية سباق التسلح كانتا سببا قويا في بدء الصراعات وانتشارها وتصعيدها».
وأضاف دكتور فاليريانو قائلا إن «الأسلحة المتطورة تعطي للدول الثقة والقدرة تمكنها من إشعال وتغذية عداوات وعمليات كراهية بشكل مستمر، وسينتج عن هذا التوسع في تعزيز نقل وبيع الأسلحة آثاراً مدمرة على المجتمع الدولي، وستوفر جذور الشر التي ستنقض على جميع أنحاء العالم».
ولكن تبدو إدارة ترامب تضع أمام نصب أعينها المكاسب الاقتصادية لزيادة مبيعات الأسلحة، بينما تغض الطرف عن التأثير الأوسع الذي قد يحدث ويؤثر في العالم، فيقول «أليسون بيتلاك» مدير برنامج نزع السلاح التابع للرابطة الدولية للمرأ من أجل السلام والحرية، إن «وجود الأسلحة يعني دائما تفاقم الصراع، ولا سيما في أماكن الصراع القائم بالفعل أو التوتر المتصاعد، إن إدارة ترامب تتعامل على أساس أن الأرباح، وليس الناس، هي الأكثر أهمية بالنسبة للحكومة، بينما الانعكاسات الخطيرة لذلك ستشعر بها الشعوب التى تعيش فى الدول والمدن الغارقة بالاسلحة».
وأكد مجلس الأمن القومي لـ «بوليتيكو» على أن ترامب قام باستعراض سياسات الولايات المتحدة المتعلقة بمبيعات الاسلحة وأنه يعمل على رفع القيود عن قدرة الشركاء على المنافسة في التسلح، وبشكل عام، يعمل ترامب على تسهيل بيع الأسلحة الأمريكية إلى مشترين دوليين، وأيضا إعادة النظر في لوائح التصدير المتعلقة بتكنولوجيا الطائرات بدون طيار، بغية تجديدها.
وقال الدكتور «مايكل هورويتز» أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا، للصحيفة إن « زيادة رغبة الولايات المتحدة في تصدير طائرات بدون طيار إلى البلدان المسؤولة، يهدف إلى النهوض بالأهداف الأمنية الأمريكية لبناء القدرات العسكرية لدى حلفاء الولايات المتحدة» وأضاف أن « الصادرات الامريكية من الأسلحة تجعل من المحتمل ان تستخدم الدول المستوردة، طائراتها بدون طيار بطريقة تتسق مع قانون الحرب، وذلك بسبب التدريب والدعم الملازم لصادرات الولايات المتحدة للطائرات بدون طيار».
لذا يمكن الحديث عن بعض المزايا في مسألة زيادة صادرات الطائرات بدون طيار، لكن في المقابل يعتبر الحد من القيود المفروضة على صادرات الأسلحة في الخارج بمثابة منحدر خطر من وجهة نظر أوسع نطاقا، وكانت الولايات المتحدة منذ زمن، هي المصدر الأول لتصدير الأسلحة في العالم، وقد اعتمد ترامب على هذه الحقيقة بطريقة ضخمة منذ دخوله البيت الأبيض.
في حين لم تكن إدارة أوباما متحجرة عند عقد إتفاقيات دولية لشراء الأسلحة، لكن ترامب على استعداد أن يناقض سابقه على نحو كبير وتاريخي، ووفقا لبيانات حديثة عن مبيعات الأسلحة، فإن الأشهر الثمانية الأولى من عام 2017، ضاعف ترامب تقريبا القيمة الإجمالية لمبيعات الأسلحة الأمريكية، إلى 48 مليار دولار، مقارنة بنفس الفترة من عام 2016 التي كانت تحت إدارة باراك أوباما.
علاوة على ذلك، قد يصبح ترامب متورطا في جرائم حرب بسبب بعض مبيعات الأسلحة التي قام بها بالفعل واستخدمت في هذا النطاق. ففي اليمن، على سبيل المثال، اكتشف مؤخرا أن قنبلة أمريكية الصنع استخدمها التحالف الذي تقوده السعودية في إضراب الشهر الماضي الذي أسفر عن مقتل مدنيين، بينهم أطفال. من الممكن أن تكون هذه القنبلة بيعت عبر صفقات تمت في ظل إدارة أوباما، ولكن النقطة الأبرز والأهم هي إصرار ترامب الجلي على بيع المزيد والمزيد من الأسلحة، بما يمكننا من القول أنه يزيد من إمكانية تحملة لمسؤولية بعض الفظائع التي ترتكبها دول أخرى.
وقال مدير برنامج منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «رائد جرار» لـ «نيوزويك» إن « بالنظر إلى الانتهاكات المفزعة لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط، يتصاعد قلق بالغ إزاء إمكانية خفض القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة الأمريكية في الخارج» وتابع جرار «هناك أدلة دامغة على أن العديد من المشترين للأسلحة الأمريكية في الشرق الأوسط، مثل السعودية ومصر وإسرائيل، يشاركون بالفعل في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي».
وقال «جرار» إن « قرار خفض القيود المفروضة على مبيعات الاسلحة العالمية من قبل الولايات المتحدة سوف تعتبره الحكومات الأجنبية بمثابة ضوء أخضر لمواصلة سحقها لحقوق الانسان».
والسبب تحديدا في وضع قيود على مبيعات الأسلحة هو في المقام الأول يهدف إلى تجنب إشعال الصراعات والحد من إمكاني انتهاك حقوق الإنسان وإبعاد الأسلحة عن أيدي الحكام الدكتاتوريين، وفي هذا الصدد قال «فاليريانو» للصحيفة إنه « يجب إعطاء الأسلحة فقط للدول المسؤولة والحذرة في استخدام الأسلحة» ويتسائل «هل نحن على قناعة بأننا قادرون على الثقة في تلك الأنظمة التي تحصل على هذه الاسلحة لتكون دقيقة وحريصة؟ ».
في الماضي، انتهت رحلة الأسلحة التي باعتها الولايات المتحدة لحكومات أجنبية، إلى أيدي الإرهابيين، مثل داعش، لأن أمريكا لم يكن لديها لوائح وقواعد صارمة، وبناءا على ذلك، يصبح مؤكدا أن القيود المرتاجعة أمام بيع الأسلحة هو يمثل خطورة كبيرة جدا.
وتعتمد خطة ترامب لتخفيف القيود على بيع الأسلحة، على الدعايا باحتمالات توفير فرص عمل محلية كبيرة، ولكن يظل السؤال هل يستحق الأمر كل تلك الفوضى التي من المحتمل أن تحدث في الخارج؟ .. ومما يشعل حدة المخاوف المحيطة بهذه الخطوة حقيقة أن إدارة ترامب تُسقط أيضا أعدادا قياسية من القنابل على أهداف أمنية في الشرق الأوسط، الأمر الذي أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد الضحايا المدنيين بالمقارنة مع فترة إدراة أوباما.