عبرت تصريحات وزير الخارجية، سامح شكري التلفزيونية، مساء الأحد الماضي، التي تحدث فيها عن احتمال زيارته العاصمة التركية أنقرة، وترحيبه بـ«انخفاض وتيرة الهجوم الرسمي التركي» على مصر، عن تطور ملحوظ في تعامل النظام المصري مع تركيا بعد نحو 4 سنوات من القطيعة السياسية، التي لم تنل من تطور وتنامي العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.
وعلى الرغم من فرض الحكومة المصرية إجراءات صارمة على مواطنيها المسافرين إلى الأراضي التركية، وتتبّعهم أمنيا بحجة احتمال تورطهم في أعمال الإرهاب أو الانتماء لجماعات إسلامية، على رأسها «الإخوان المسلمون»، وذلك بعد تخفيض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين في نوفمبر 2013، إلا أن المناطق الحرة الصناعية المصرية ما زالت وجهة جاذبة للمستثمرين الأتراك، وهم بدورهم محل ترحيب من الحكومة المصرية التي يعاني اقتصادها من انسحاب الاستثمارات الأجنبية وضعف العملة المحلية.
طرحت تصريحات شكري تساؤلات عديدة في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية حول احتمال أن تكون بمثابة المغازلة، لبدء مرحلة تقارب جديدة بين البلدين.
وقال مصدر دبلوماسي مصري في وزارة الخارجية لـ«العربي الجديد»، إن تصريحات شكري تعكس رغبة مصرية في «تحييد ملف التعاون الاقتصادي والاستثماري وحمايته من أي تأثيرات محتملة، عن المواقف السياسية المتوترة بين البلدين»، كاشفا عن «وجود مفاوضات بين شركات مصرية حكومية ومستثمرين أتراك للمشاركة في بعض المشاريع الضخمة في العاصمة الادارية الجديدة وإنشاء مصانع في المناطق الصناعية الجديدة في قناة السويس وميناء الإسكندرية».
وللمستثمرين الأتراك حاليا 205 مصانع في مصر بحجم استثمارات تجاوز 2.5 مليار دولار، وأعطت الحكومة المصرية الضوء الأخضر لرجال الأعمال المصريين المتعاونين مع تركيا لبذل جهود أكبر في جذب المستثمرين، وأضاف المصدر أن الحفاظ على المصالح الاقتصادية القائمة هو الهدف الأول حاليا لحكومة السيسي؛ للحد من ظاهرة انسحاب رؤوس المال، والتي ضربت بقوة بعض الأنشطة الاستثمارية والصناعية.
وعلى الرغم من أن الملف الاقتصادي يأتي على رأس أولويات مصر، إلا أنه ليس الوحيد، بحسب المصدر، الذي ذكر أن هناك اتصالات سرية بين القاهرة وأنقرة حول القضية الفلسطينية والمصالحة بين حركتي فتح وحماس وإدارة قطاع غزة، وأن مصر تؤدي دورا فعالا في إطلاع تركيا على خططها المشتركة مع الإمارات لإدارة الملف الفلسطيني.
أما الملف الثالث فيتعلق بأزمة حصار قطر، وأوضح المصدر أن السعودية ومصر باتتا تريان ضرورة عدم توسيع نطاق الخلاف مع قطر ليشمل دولاً أخرى، إذ تستقر الرؤية السعودية، خصوصا بعد الزيارة التي قام بها الرئيس التركي السابق عبدالله جول إلى الرياض الشهر الماضي، على أن الظروف التي تمر بها المنطقة لا تتحمل مواجهة مع تركيا بسبب مساندة الأخيرة لقطر. وبالتالي فالخيار الوحيد هو فصل المواقف والحفاظ على التهدئة مع أنقرة، والاحتفاظ بالموقف التركي كملجأ محتمل لأداء دور الوساطة غير المباشرة لحل الأزمة.