أثارت الأزمة التي اندلعت بين الجزائر والمغرب، على خلفية تصريحات وزير الخارجية المغربي عبد القادر مساهل، والتي اتهم فيها المغرب اعتماد استثماراتها على تبييض أموال الحشيش في البنوك، الملفات الغير توافقية بين البلدين.
وتعمق التصريحات الأخيرة من الأزمة التي تعرفها البلدين منذ ما يقرب من 50 عاما، والتي تشهد تصعيدا مستمرا على أثر الخلاف حول ملف «الصحراء الغربية»، والذي يرى سياسيون أنه الدافع الاساسي وراء التصرف الغير دبلوماسي الذي وقع فيه الوزير، إلا أن البعض أشاروا إلى أن التدفهور الاقتصادي الذي يمر به البلد النفطي، واستدعاء النموذج المغربي خلال المؤتمر الاقتصادي دفع الوزير إلى مثل هذه التصريحات.
خروج عن العرف الدبلوماسي
واتهم وزير الخارجية الجزائري، المغرب بتبييض الأموال الناجمة عن الاتجار بالمخدرات في بنوك موجودة في عدد من الدول الأفريقية، وأطلق تصريحات حول شركات النقل المغربية، قال فيها إن «رحلات نحو دول أفريقية لا تقوم فقط بنقل المسافرين».
جاءت التصريحات على هامش مشاركته في الجامعة الصيفية لمنتدى رؤساء المؤسسات، ردا على رجال أعمال، قالوا إن المغرب نموذج يحتذى به في الاستثمار، مؤكدا أن « الذين يقولون إن المغرب له وجود اقتصادي مخطئون، لأن الحقيقة هي أنه لا وجود لأي استثمار».
ومن جانبها أعلنت الرباط عن استدعاء القائم بأعمال السفارة الجزائرية في المغرب، تنديدا بـما وصفته «التصريحات غير المسؤولة» لوزير الخارجية الجزائري، واستدعاء سفيرها في الجزائر للتشاور.
واعتبر عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن مساهل خرج عن اللباقة المفترضة في رئيس دبلوماسية دولة مستقلة، «عندما أسهب في قذف المغرب بتهم تبييض الأموال في إفريقيا، وإيكال تهم خيالية لمؤسسات اقتصادية».
ردود فعل غاضبة
وأثارت التصريحات غضب المغرب، ليس على المستوى الحكومي فقط، بل ساد المجتمع المغربي بأكمله عدم رضا، عن موقف الجزائر من الجارة الشقيقة، ودفعت أيضا إلى تبرأ ساسة وإعلاميون جزائريين مما أعلنه مساهل.
وأعربت الخطوط الملكية المغربية عن شجبها للافتراءات الصادرة عن وزير الخارجية الجزائري بشأن نقل «غير الركاب»، مؤكدة أن الشركة معترف بها دوليا، وتعمل وفق أرقى معايير تنظيم النقل الجوي العالمي.
وأكدت الخطوط الملكية المغربية في بيان لها أنها تعتزم فرض احترام شرفها، وشرف 4000 متعاون معها و7 ملايين مسافر، من بينهم مليونا مسافر افريقي، باللجوء الى جميع الوسائل القانونية المتاحة.
وعبر أستاذ الإعلام والاتصال أحمد شوتري في تصريح ل«أصوات مغاربية» عن خطورة التصريحات التي أطلقها الوزير الجزائري، موضحا أنه «في تاريخ العلاقات بين البلدين كانت هناك تصريحات دبلوماسية أدت إلى نشوب حروب بسبب الأخطاء الدبلوماسية، وأتأسف لأن تصل العلاقات إلى هذا الحد من التوتّر، وإلى هذه الدرجة وهو تصعيد مشترك لا يخدم مصلحة الشعبين، ولا البلدين».
وعلق الناشط الحقوقي الجزائري، صالح حجاب «كجزائري، أتبرأ من هذا الموظف و من عيّنه و من كل الترهات التي قالها على المغرب الشقيق. ما قاله مساهل لا يخرج الا عن شخص زاطل/خابط/مخرف.»
ورأى الإعلامي الجزائري قادة بن عمار، إن مساهل غير مؤهل دبلوماسيا، وقال عبر تغريدة له، «يتعمدون تعيين أشخاص غير مؤهلين وبائسين جدا في منصب وزير الخارجية للقول إن العهد الذهبي للدبلوماسية الجزائرية توقف عند بوتفليقة !»
وقال الكاتبب الصحفي،عبد القادر بن مسعود «الديبلوماسية الجزائرية في انحطاط رهيب .. وما قاله مساهل اليوم .. لا يمثل لا الدولة الجزائرية ولا الشعب الجزائري إطلاقًا».
الصحراء الغربية السبب الأساسي للتصعيد
وأرجع عدد من المحللين السياسيين، التصريحات التي اطلقها الوزير، إلى عدة عوامل داخلية وخارجية، تشترك فيها بلاد المغرب المعربي، كان أبرزها النزاع حوال «الصحراء الغربية»، والتي تسببت في إغلاق الحدود البرية بينهما منذ عام 1994.
وتأتي الأزمة الحالية، في أعقاب سياق إقليمي، له علاقة بأزمةا لصحراء الغربية، حيث أول زيارة يقوم بها إلى المنطقة المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء، هورست كولر، والتي جاءت تصريحاته، غير متوافقة مع الموقف الجزائري، بعد ما أكد أنه لا يتوفر على عصا سحرية لحل النزاع، وأن الحل يكمن في التفاوض ولن يكون هناك حل آخر!.
كما أن مشاركة البوليساريو في القمة الاوروبية- الإفريقية المرتقبة، تقابلها رفض دولي، وهو ما صرح بع وزير الشؤون الخارجية الفرنسي بقوله «نريد حلا توافقية والدول ذات السيادة فقط هي التي ستشارك في اجتماع الشراكة الاتحاد الأفريقي- الاتحاد الأوربي».
واعتبر المحلل السياسي المغربي أحمد نور الدين، أن ما حدث،، مؤشر جديد وخطير على العودة إلى نقطة الصفر في العلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر.
وأرجع نور الدين في مقال له بعنوان «هل تقرع الجزائر طبول الحرب على المغرب؟»، سبب الأزمة إلى «الموقف العدائي للجزائر، والساعي إلى هدم وحدة المملكة الترابية وتشجيع انفصال أقاليمها في الصحراء؛ وهو المشروع السياسي للجارة الشرقية منذ 40 سنة».
ومن جهته اعتبر رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، في تصريحات له أن «الصحراء الغربية هي قضية وخلفية التصعيد بين الجزائر والمغرب، والجزائر منذ الإعلان عن حمل السلاح ضد الفرنسيين، أعلنت عن مساندتها للمنظمات التحررية في العالم، ونحن نرى بأن الموقف بالنسبة للصحراء الغربية ثابت، لكن لا يمكن أن تدخل القضية في العلاقة بين الشعبين الجزائري والمغربي».