يبدو أن التصادم وشيك بين قوات سوريا الديموقراطية «قسد» المدعومة من الولايات المتحدة الاميركية، وميلشيات النظام السوري المدعوم من روسيا، في ظل تنافس على سيطرة الطرفين على مواقع استراتيجية في سوريا، كان آخرهم حقل «العمر» النفطي، والذي يعد الحقل الأكبر في سوريا.
سيطرة غير كاملة
وأعلنت «قسد»، أمس الأحد، سيطرتها على حقل العمر النفطي، في إطار عملية «عاصفة الجزيرة»، ضد عناصر «تنظيم الدولة»، إلا أن الإعلان يأتي مفاجئا في ظل تصريح سابق للنظام السوري، زعم فيه سيطرته على الحقل يوم السبت.
ولكن القوات الكردية، قالت في بيان لها، إن قوات النظام السوري، «توقفت على بعد 3 كيلومترات من الحقل».
واعتبر المستشار السياسي لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» السورية المعارضة الدكتور يحيى العريضي، إن الحديث عن سيطرة كاملة لأي من الطرفين سابق لأوانها.
وقال العريضي في تصريح لـ «رصد»، إن « «حقل عمر» يمتد على مساحة تزيد عن الثمانين كيلو متر؛ والسيطرة عليه ليست ثابتة للجهة هذه او تلك».
وأوضح العريضي، أن من يتحكم في الامور ليست قوات «قسد» أو «النظام» أو حتى قوى الثورة «إن كان لها تواجد»، ولكن القوى الكبرى هي من تتولى سير تلك الأمور»، لافتا إلى أن «الحقل يعد أكبر موقع نفطي في سوريا، وفي النهاية هو للشعب السوري قبل أي جهة أخرى».
أهمية «حقل العمر النفطي»
يشكل حقل العمر النفطي، أهمية كبرى، جعلته هدفًا لكل القوى المتصارعة في الداخل السوري، والقوى الكبرى الداعمة لها، فهو أكبر حقول النفط في سورية مساحة وإنتاجا، ويقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات على بعد حوالي 10 كم شرق مدينة الميادين في محافظة دير الزور، فبعد أن استطاعت مييلشيات النظام استعادة المدينة من المعارضة في 2013، خسرته مرة أخرى عندما سيطر تنظيم الدولة على الحقل عام 2014، لتنجح القوات الكردية في السيطرة عليه في 22 أكتوبر 2017.
ويجيب الكاتب السياسي السوري عبد الرحمن عبّارة، عن سؤال حول أهمية النفط السوري لواشنطن وروسيا، على الرغم من قلة انتاجه نسبة غلى الدول الخليجية، بأن «تلك الدول ترى في الحقل ما يكفي لدفع فاتورة التدخل العسكري في سوريا».
وقال عبّارة في تصريح لـ «رصد»، « واشنطن تدرك أن الانتاج النفطي السوري ليس بالكمية التي يسيل لها لعاب الشركات الأمريكية, ولكن سيطرة قسد بدعم أمريكي على حقل العمري أكبر حقول النفط السوري بلا شك هو لمنع دفع الفاتورة الروسية في سورية من خلال النفط السوري، وبالتالي جعل الوجود الروسي وجودا عاجزا عن تحقيق تقدم اقتصادي في ملف اعادة الإعمار على غرار التقدم العسكري».
وأوضح الكاتب السياسي، أن «الاستراتيجية الأميركية تسمح لأي دولة بالتدخل عسكريا في سورية، ولكنها بالطبع لن تسمح لأحد بقطف ثمرة هذا التدخل على شكل عقود اقتصادية واستثمارية طويلة الأجل تحت أي ذريعة، وهذا بالضبط ما يجعل أمريكا تحرص على السيطرة على النفط السوري».
ولفت إلى أهمية الموقع اتسراتيجيا بالنسبة لقوات سوريا الديموقراطية، بأن من مصلحتها السيطرة على منابع النفط والغاز والطرق الاستراتيجية إضافة إلى التحكم بالشط الشرقي لنهر الفرات ضمن الأراضي السورية، في سبيل إنشاء فيدرالية مفيدة في شبه الجزيرة السورية.
وكانت الميلشيات الكردية، أعلنت في أعقاب سيطرتها على مدينة الرققة، تسليمها لمجس الرققة المدني، على أن تُضَم إلى سوريا اللامركزية ضمن نظام فيدرالي يبدأ من شمال البلاد، وبهذا تسعة إلى توسيع مناطق «الإدارة الذاتية» التابعة لها.
صراع محتمل