قالت صحيفة «ذا ناشيونال» إنّ المعلومات المتضاربة عن حادثة الواحات صعّبت معرفة الجماعة المسلحة الفاعلة للهجوم؛ فمعظم المتداول مجرد تكهنات، وأعرب عبدالفتاح السيسي في اجتماعه عن أمله في المضي قدمًا في محاربة الإرهاب، على حد تعبيره، بعد الهجمات التي استهدفت الشرطة طيلة الأعوام الماضية التي تلت حكمه.
وقال البيان الرسمي لوزارة الداخلية إن عدد القتلى 16؛ لكنّ معظم المصادر الأخرى والتقارير الصحفية أكّدت أنّ العدد تجاوز الخمسين قتيلًا.
ووردت معلومات إلى الأمن الوطني أفادت بوجود تجمع للإرهابيين على بعد 135 كيلو من القاهرة، وبعد الانتقال إلى هناك فوجئت قوات الشرطة بكمين محكم؛ وهو الأمر الذي أساء إلى صورة الحكومة.
وقال رئيس الوزراء السابق «أحمد شفيق» إنّ ما حدث لم يكن مجرد هحوم كالهجمات السابقة، مثلًا على البنك الأهلي في العريش؛ بل كان عملًا عسكريًا محكمًا، نُظّم بشكل غير عادل ضد قوات الشرطة.
وعلى الرغم من الاتهامات الأولية بأن «حسم» تقف وراء الهجوم، التي تتهمها السلطة المصرية بأنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين؛ فهناك دلائل تشير إلى أن الهجوم نفذه فرع تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة في مصر.
وأصدر النائب العام المصري أمرًا للأجهزة الأمنية والنيابة العامة بالتحقيق في الحادثة، وقال مصدر قضائي مصري مطلع على التحقيقات إنّ هجوم الواحات ضد قوات الشرطة المصرية مرتبط بضابط الصاعقة السابق هشام عشماوي، وكان متوجهًا للقبض عليه في قلب الصحراء، ولا توجد دلائل تشير إلى أن المنفذين تابعين لتنظيم الدولة أو حركة حسم.
ووقع الهجوم في منطقة معروفة لدى السلطات المصرية بأنها منطقة نفوذ لحركة حسم، التي يتهمون جماعة الإخوان بأنها تابعة لها.
وبرز اسم «هشام عشماوي» العام الماضي بعد اغتيال ضابط الأمن الوطني إبراهيم عزازي بالقرب من منزله في ضواحي القاهرة في يوليو الماضي.
كما تحمّلت مجموعة عشماوي المسؤولية عن هجوم في ديسمبر 2016 أسفر عن مقتل ستة من ضباط الشرطة في كمين أمني بالجيزة، وهو هجوم أقرب إلى العاصمة القاهرة من الواحات الذي وقع يوم الجمعة.
لكنّ المختلف في هذا الهجوم استخدام أسلحة ثقيلة فيه، كما أنّ المهاجمين نصبوا كمينًا محكمًا للقوات؛ ما دفع إلى الاعتقاد بأن جماعة أخرى غير حسم تقف وراء الحادث.
وقال باحثون في شأن الإرهاب إنّ التنظيم المشتبه فيه يدعى «المرابطون»، أنشأها في «درنة» بليبيا ضابط الصاعقة السابق هشام عشماوي، الذي انضم بعد إلى جماعة أنصار بيت المقدس المسلحة النشطة في سيناء. وقال «إسندر العمراني»، مدير مشروع شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: في نوفمبر 2014 بايعت جماعة أنصار بيت المقدس تنظيم الدولة في سيناء؛ لكن عشماوي وآخرين لم يوافقوا على القرار.
وأضاف الباحث أنّ عشماوي يدرك تمامًا أوجه القصور بين مختلف فروع القوات المسلحة المصرية، وكذلك شرطة مكافحة الإرهاب. ويوم السبت الماضي احتفلت مجموعته بنجاح الهجوم على قوات الشرطة.
صدمة الإعلام والنظام
وفي الوقت نفسه، ركّز الصحفيون المصريون والأجانب على الاحتراف المهني الذي تمتعت به الجماعة المسلحة في الإعداد للهجوم وتنفيذه، وفي المقابل تقاعس قوات الشرطة.
وقال تسجيل مسرب بثته قناة «صدى البلد»، تحدّث فيه ضابط لم يكشف عن هويته، إنّ قوات الشرطة المصرية تعتمد على المظهر فقط، والإرهابيين سيهربون عندما يرون سيارتهم الجديدة، وقال الضابط في الفيديو بمستشفى الشرطة بالعجوزة إنّ إطلاق النار جاء من كل جانب، واقتيد الضباط والمجندون خارج سياراتهم.
ويُحقق حاليًا مع الإعلامي أحد موسى الذي بث التسريب؛ بزعم انتهاكه اللوائح والقوانين المنظّمة للإعلام، التي تقوم على ضرورة موثوقية المصدر، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي تخص الأمن القومي، حسبما قال طارق سعدة، وكيل نقابة الإعلاميين، التي انتقدت وسائل الإعلام التي أعلنت ارتفاع أعداد القتلى بأرقام أكثر بكثير مما أعلنتها وزارة الداخلية.
وأعلنت وسائل الإعلام، من بينها «بي بي سي»، أنّ عدد القتى من الشرطة وصل إلى 52؛ بينهم 23 ضابطًا و18 مجندًا.
وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إنه من الناحية الفنية ليس من المناسب أن يرتكب اثنان من أكبر الوسائل الإعلامية في العالم أخطاء مهنية جسيمة؛ باعتمادهما على مصادر أمنية مجهلة، في حين نشرت الجهات الرسمية المعلومات الصحيحة، بحسب بزعمه.
وقالت الصحيفة إنّ هذه التصريحات وغيرها من المحللين الاستراتيجيين تعكس الصدمة التي تعرّض إليها اللنظام المصري بسبب الهجوم.
وقال عمراني، رئيس مجموعة الأزمات الدولية، إنّ الهجوم يضع وزارة الداخلية تحت الفحص الدقيق؛ فقدرات المسلّحين فاقت قدراتها، والطريقة التي تُعالَج بها وسائل الإعلام تداعيات الحدث ترجع جزئيًا إلى أنّ معلومات الحكومة في المدة الماضية غير موثوق بها، ولأن التسريبات أكّدت أيضًا أنّ الضحايا فاقوا الخمسين، بينما الرقم في البيان الرسمي أقل بكثير.