شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«جلوباليست»: الأزمة الخليجية دفعت إلى إصلاحات قطرية مهمة

وزير الخارجية الأميركي تيلرسون في قطر

كثيرًا ما تعمل البلدان بالحكمة القائلة «رب ضارة نافعة»، وهكذا فعلت قطر في تعاملها مع الأزمة الخليجية، وتزامنها مع الضغط الناجم عن تنظيم كأس العالم 2022 الذي ستستضيفه؛ إذ دفعت الأزمة البلد إلى إطلاق إصلاحات جادة نحو النهوض عبر التغيير الاجتماعي، فأصبحت قطر أولى دولة خليجية تلغي نظام الكفالة المرهق في المنطقة بأسرها، هذا النظام في العمل يعدّ شكلًا من أشكال الرق الحديث، حسبما نشر موقع «جلوباليست».

وأضاف، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ الاتحاد الدولي لنقابات العمال أشاد في مؤتمر صحفي بإعلان قطر إنهاء نظام الكفالة، واعتبرها تقدّم إصلاحات بعيدة المدى باعتبارها «انطلاقة». وستشمل الإصلاحات، التي لم ينص عليها القانون بعد، الضمانات التي تمنع أصحاب العمل من تغيير عقود العمل من جانب واحد، وإلغاء تأشيرات الخروج، وإدخال حد أدنى للأجور، فضلًا عن إبقاء أصحاب العمل على التحكم في وثائق العمال.

قام الاتحاد الدولي لنقابات العمال وجماعات حقوق الإنسان بحملة عامة إلى أبعد مدى من أجل إصلاح ظروف العمل وإلغاء الكفالة منذ منحت فيفا قطر استضافة كأس العالم 2022 في 2010، وبالرغم من إحباط النشطاء من بطء وتيرة التغيير في قطر حينها؛ أثبت ردّ قطر على الانتقادات أنّه يمكن أن ينتج عن كأس العالم إرث حقيقي من التغيير الاجتماعي والاقتصادي.

وترى «جلوباليست» أنه على هذا النحو، تصبح قطر أولى دولة خليجية ليست ديمقراطية بالشكل المتعارف عليه تتعامل مع نقادها بدلًا من رفض الحديث معهم ومنعهم من دخول البلاد؛ وهذا النهج الأخير هو الممارسة المعتادة في معظم دول الخليج.

ومن المرجّح أن يحدد توقيت الإصلاحات الموعودة حاجة قطر إلى تجنب معاقبتها من منظمة العمل الدولية، فضلًا عن أزمة الخليج التي تدخل شهرها الخامس وتضع الدولة في مواجهة مع تحالف تقوده دولتا الإمارات والمملكة السعودية.

وهددت منظمة العمل الدولية بفرض عقوبات قاسية على دولة قطر، وهي إنشاء لجنة تحقيق؛ إذا فشلت الدولة الخليجية في التصدي بصورة موثوقة لنظام عملها بحلول الوقت الذي اجتمعت فيه المجموعة في نوفمبر، وقد لا يشكّل ذلك تهديدًا كبيرًا؛ ولكن منظمة العمل الدولية لا تنشئ مثل هذه اللجنة إلا في حالات نادرة.

وتضرب الإصلاحات المعلنة عصفورين بحجر واحد؛ إذ من المرجّح أن تقبل منظمة العمل الدولية الإصلاحات، مما يدفعها للترويج لقطر على الصعيد الدولي كمواطن دولي حسن، وهذا أمر بالغ الأهمية؛ خصوصًا في الوقت الذي فرض فيه التحالف الإماراتي السعودي مقاطعة دبلوماسية واقتصادية على البلاد.

وفي حال تنفيذ هذه الإصلاحات المعلنة من قطر، فمن شأن ذلك أن يُضعف من حملة سرية تقودها الإمارات جاهدة بغية إقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لحرمان قطر من استضافة كأس العالم في نسخته 2022.

وقال رئيس شرطة دبي، اللواء ضاحي خلفان، إنّ الإمارات والسعودية ستنهيان المقاطعة إذا تنازلت قطر عن حقوق استضافة كأس العالم؛ وهو الطلب الذي رفضته قطر.

وقال «شارون بورو»، الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي، إنّ الإصلاحات التي أعلنتها قطر تعد انتصارًا دوليًا، وتشير القوانين الجديدة إلى بدء خطوات حقيقية بغية وضع حد لاستخدام الرق الحديث وتجعل البلد دولة تفي بالتزاماتها القانونية الدولية المتعلقة بحقوق العمال، وهناك التزام حكومي واضح بتطبيق الحماية الصناعية للعمال المهاجرين.

وبينما جاء الثناء على قطر من الاتحاد الدولي للنقابات الدولية لا لبس فيه، قدّمت منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية ترحيبًا بالإصلاحات القطرية، مع التعبير عن بعض الحذر من الأمر.

وقال المتحدث باسم منظمة العفو الدولية لـ«جلوباليست» إنّه من المبكر جدًا الحكم على الأمور، وأضاف: «إننا غير قادرين على تقييم أهمية هذه التطورات إلى أن نطّلع على التفاصيل الكاملة لالتزامات الحكومة. ومع ذلك، الإصلاحات لديها إمكانات واضحة ليكون لها تأثير إيجابي على حياة العمال المهاجرين، اعتمادًا على كيفية تنفيذها».

وقال «نيكولاس ماكجهان»، خبير سابق في «هيومن رايتس ووتش»، إنّ طريق قطر نحو إصلاح وضع العمل تعثّر بوعود اُحتُفظ بها جزئيًا أو لم يوّف بها على الإطلاق، وتابع: «كل ما لدينا اليوم هو وعود، كسرت وعود قبل ذلك، وأشعر بأننا بحاجة إلى التفاؤل والانتظار حتى نرى التفاصيل الكاملة والتغييرات في القوانين ووضع إطار زمني للإصلاحات الموعودة».

وبعد أزمة الخليج، قطر لديها مصلحة قوية في الوفاء بوعودها؛ ومن شأن إصلاح أوضاع العمل أن يجعل الدولة القطرية من القرن الحادي والعشرين تحتضن درجة كبرى من التغيير، ليس مقارنة بالآخرين في الشرق الأوسط فقط؛ بل أيضًا بنفسها.

وكل هذا يمكن أن يؤدي إلى أن يصبح كأس العالم 2022، الحدث الرياضي الكبير، بمثابة حافز عظيم نحو التغيير؛ وسيحكي التراث كل ذلك.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023