سادت حالة من الغضب بين أهل النوبة بعد وفاة الناشط «جمال سرور» بسبب الإهمال الطبي في السجن بعد اعتقاله في «مسيرة الدفوف» المطالِبة بإعادة تسكينهم في أراضيهم، وتوقّع خبراء أن يصعّد الأهالي من موجة غضبهم في المدّة القادمة.
ومساء الثلاثاء، نظّم العشرات من أهالي النوبة تظاهرة غاضبة تنديدًا بوفاة جمال سرور، وأغلقوا مداخل مدينة كلابشة (شمال أسوان) ومخارجها، وقطعوا طريق أسوان الزراعي وأوقفوا خط السكة الحديد وأشعلوا النيران.
وطالب المتظاهرون بالتحقيق في وفاة «جمال» والإفراج عن المحبوسين على ذمة القضية التي ترجع إلى بداية شهر سبتمبر الماضي.
تصعيد الغضب
وعن هذا التحرك النوبي، قال مدحت الزاهد، رئيس حزب التيار الشعبي، في تصريح لـ«رصد»، إنهم «لن يصمتوا كثيرًا على ما يتعرّضون إليه من انتهاكات وقمع؛ فمبجرد مظاهرة يعتقل الأمن العشرات منهم ويموت أحدهم داخل السجون بسبب الإهمال الطبي».
واضاف أنّ «جمال سرور كان رمزًا لنضال أهل النوبة، وموته داخل السجن ودون تحقيق وزارة الداخلية أو النيابة في الواقعة رسالة إلى أهل النوبة؛ وسيكون لها رد فعل شديد ذو عواقب كبرى، خاصة وأنّ النظام يصر على معاداة الشعب».
دعم دولي
ويمتلك أهل النوبة شعبية كبرى في صعيد مصر، إضافة إلى حلقات تواصل مع منظمات حقوق الإنسان، التي من الممكن أن تكون وسيلة للضغط على عبدالفتاح السيسي؛ باعتبارهم معرّضين إلى انتهاكات عنصرية.
كما حذّر مراقبون من تحوّل النوبة إلى ولاية معزولة عن مصر، كما حدث في جنوب السودان؛ بسبب الظلم الاجتماعي.
ووجهت النيابة إلى الشباب النوبيين المحبوسين على ذمة التحقيقات اتهامات بالتحريض على التظاهر، والتظاهر دون ترخيص، وإحراز منشورات والإخلال بالأمن العام، وتعطيل حركة المرور للضغط على الدولة لتحقيق مطالبهم، في المحضر رقم 5653 لسنة 2017 إداري قسم أول أسوان.
الضحية الأولى
ويعد جمال سرور أولى ضحية من النوبيين في «معركة الأمعاء الخاوية» التي تشهدها السجون المصرية منذ نحو أسبوع؛ احتجاجًا على الحبس التعسفي وسوء المعاملة والإهمال الطبي.
واعتُقل جمال سرور مع 24 آخرين يوم 9 سبتمبر الماضي، ووُجِّهَت إليهم تهمٌ بالتظاهر وتعطيل الطرق، بعد وقفةٍ في الدفوف للمطالبة بحق العودة إلى الأرض. وقالت الحركة: «لم تسمعهم سوى سلطة الأمن العسكرية التي ألقت القبض عليهم، ولفَّقَت لهم تهمًا لطالما لفَّقَتها لكلِ ذي مطالب».
وقال «الاشتراكيين الثوريين» إنّ جمال سرور مات داخل السجن بعد أن دَخَلَ في غيبوبة سكر استمرت ثلاث ساعات، لم يتحرَّك فيها أي مسؤول لنجدته؛ بالرغم من علمهم بمرضه والأدوية التي يتناولها. ولم تساعده توسلات زملائه المُعتَقَلين للمسؤولين لإرسال سيارة إسعاف لنجدته في وقتها.
وقالت الحركة إنّ «جمال قُتِل، والقاتل معلومٌ أمامنا؛ وهو السلطات العسكرية وإهمالها المُتعمَّد الذي تسبَّب في وفاته، هو ما يجب أن يدفعنا إلى بذل مزيد من الجهد التضامني مع أبطال معركة الأمعاء الخاوية في سجون العسكر».
وأعلن ثمانية معتقلين من مسيرة الدفوف بأسوان دخولهم في إضراب عن الطعام والانضمام إلى معركة الأمعاء الخاوية في الأول من نوفمبر الجاري؛ من بينهم جمال سرور.
وقال نشطاء نوبيون إنّ لجمال سرور أنشطة خدمية داخل محافظة أسوان؛ إذ دعم الراحل مشروعًا قوميًا في قرى النوبة بعنوان «ازرع شجرة»، ومنح المحافظة تبرعات واهتم بالضغط على المحليات لتقديم خدمات للمواطن النوبي في جميع مجالس محليات النوبة في أسوان.
كما دعم كل الوقفات والمطالب النوبية، ولم يبخل لحظة في أن يكون وسط الجموع، ووقف بجرأة أمام أيّ مسؤول يحاول أن يقلل من شأن النوبة ومكاناتها، كما قال الناشط النوبي أبو عائشة كرار.