تعد العلاقات المغربية الجزائرية هي الأشد توترا في أفريقيا، وعائقا أمام «مغرب عربي كبير»، بدأت ببناء المغرب لجدار أمني على طول الحدود مع الجزائر عام 1988، واشتدت بغلق الجزائر لحدودها عام 1994، عقب أزمة التأشيرات بين البلدين.
الحدود الجزائرية المغربية
أغلقت الجزائر الحدود منذ 1994 ردا على قيام المملكة المغربية بفرض تأشيرة دخول على الجزائريين من جانب واحد، بالإضافة إلى اتهام المغرب للمخابرات الجزائرية بالوقوف وراء هجوم مسلح استهدف فندقا بمراكش في 24 أغسطس 1994، وقالت إنه بهدف تسليم قيادات في الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية، كانت موجودة على أراضيها.
وقدم مؤخرا المغرب عشرات الدعوات للجزائر من أجل فتح الحدود، الدعوات التي تعتبرها الجزائر «غير جدية».
دعوات مستمرة لفتح الحدود
تجددت المطالب بفتح الحدود بين المغرب والجزائر، وإنهاء أكثر من 20 عاما من العزلة بين البلدين، في دعوة تبنتها جماعة الإخوان بالمغرب، يتم من خلالها تجاوز الخلافات بين الطرفين.
وانطلقت الدعوات الأخيرة من مدينة مغنية الحدودية، عندما ألقى عبد المجيد مناصرة، رئيس حركة مجتمع السلم، كلمة في تجمع سياسي عقده بمدينة، قال فيها، «نحن في مدينة مغنية الحدودية تمنينا أن تكون الحدود مفتوحة، فليس من المعقول أن تبقى الحدود مغلقة رغم إدراكنا بالمشاكل. صحيح نحمي حدودنا ونحصنها ولكن لا يعني ذلك غلق الحدود».
لم تكن الدعوة هي الاولى من نوعها، فسبقها دعوات مغاربية عديدة، اتهمتها السلطات الجزائرية بغير الجدية، كانت أحدهم من منظمة العمل المغاربي دعت فيها لفتح الحدود بين البلدين
وفي يوليو الماضي، وقع عدد من المثقفين والأدباء والاكاديميين، على نداء «من أجل فتح الحدود المغربية الجزائرية لبناء مغرب كبير موحّد وبدون حدود»، طالبوا خلاله بتنفيذ توصيات مؤتمر وحدة المغرب العربي بطنجة عام 1958، ولفتوا فيه إلى أملهم ألاّ يكون هذا النداء مجرد صيحة في واد، وأن يحظـى من لــدن المسؤوليــن وأصحاب القرار بالعناية والاهتمام.
إلا أن الجزائر تتجاهل تلك الدعوات المستمرة، وتصر على موقفها بحل عدد من الملفات العالقة، ومن ثم التفكير في فتح الحدود بين البلدين.
الموقف الجزائري دعا مجلة إيكونوميست إلى انتقاد الجزائر واتهامها بـ «توسيع وتعميق الهوة»، لافتة إلى أن المنطقة الحدودية الجزائرية – المغربية، كان بالإمكان ان تصبح محورا للنمو ويتضاعف بالتالي أداء اقتصاد البلدين.
وقالت المجلة أن البلدين الجارين كان بإمكانهما أن يكونا ضمن الاقتصادات الكبرى بالشرق الاوسط، لو تم تنفيذ مشروع اتحاد المغرب العربي.
ملفات علقت فتح الحدود
الحادثة التي تسببت في غلق الحدود، تحجب خلفها عدد من الملفات التي تعكر العلاقة بين الجزائر والمغرب، لتدخل البلدين في حرب باردة، مليئة بالتصريحات العدائية والتنافسية التي لا تسهم في تقدم، وتدفع بالأزمة إلى الهاوية.
وتتبلور الملفات الجوهرية محل الازمة في 3 أزمات كبرى، هو ملف الصحراء الغربية المدعوم من الجزائر، والتهريب من المغرب والملف الأمني، وجبهة التصريحات العدائية.
الصحراء الغربية
القضية الأكثر نزاعا وتعمق الشرخ بين المغرب والجزائر، فمنذ رحيل الإسبان عن الصحراء الغربية، بدأ الصراع بين حركة البوليسارو، التي تتمسك بالصحراء الغربية وطن مستقل لهم، وبين المغرب، التي تصر على أنها جزء من أراضيها، في أزمة لم تعرف حلا حتى الآن.
الموقف الجزائري من الأزمة، زاد من حجم التوتر بين البلدين، حيث تقف داعمة لاستقلال الصحراء الغربية، وهو ما يرفضه المغرب، ويتهمها بالتحريض لإحداث انقسام في الرباط، في حين ترى الجزائر أنها مسألة إنهار للاستعمار ، ويجب إيجاد تسوية توافق القانون الدولي.
تدفق المخدرات
تتهم الجزائر، دولة المغرب، بفتح حدودها مع الجزائر لتهريب المخدرات، ما يشكل أزمة أمنية، تقف حائلا دون الوصول إلى حل يضمن فتح الحدود البرية.
وتصرح الجزائر دوما بأن اقتصاد المغرب يؤسس على تهريب وترويج المخدرات، كما صرح وزير الخارجية المغربي عبد القادر مساهل، واتهم المغرب باعتماد استثماراتها على تبييض أموال الحشيش وتجارة المخدرات.
وتشدد الجزائر على أن إغلاق حدودها حال دون إغراق البلاد بالمخدرات المغربية، إلا أن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بمدينة الرباط، تاج الدين الحسيني اعتبر تصريحات الجزائر «حجة خاطئة»، مؤكدا في تصريحات صحفية، أن «عمليات التهريب تزداد عندما تكون الحدود مغلقة».
ولفت الحسيني إلى أنه إذا تم فتح الحدود والسماح لمرور البضائع والأشخاص بحرية، فإنه «لن يكون هناك تهريب على الإطلاق».
التصريحات العدائية
على مدار سنوات من الحرب الباردة بين البلدين، لم تشهد خلالهما تبادل ثقافي أو تجاري، بل تبادلت السباب والتصريحات العدائية.
وتتبنى المبادرات الساعية لحل الازمة بين الأطراف إلى وقف التصريحات العدائية، وأن يكون هناك ميثاق يحكم المنابر الإعلامية التي يتم من خلالها توجيه الإهانات لدول الجوار.
وعلق مناصرة على التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، ضد المغرب قبل أسبوعين، وقال مناصرة: «رغم أننا منحازون للسياسة الخارجية للدولة الجزائرية، ولكن إذا أخطأ وزير الخارجية في أي تصريح نقول له أخطأت ولا نبرر له خطأه».
وفي إبريل وجه المغرب اتهاما للجزائر بتسهيل عبور حوالي 54 سوريا إلى المغرب بشكل غير شرعي، لترد الجزائر بالقول إن جارها يسيء إليها، لتستدعي الدولتين على أثر الازمة سفراءهما.
وتكرر استدعاء السفراء، إثر اتهامات مغربية لمسؤول جزائري بالاعتداء الجسدي على دبلوماسي مغربي في اجتماع للجنة الأمم المتحدة حول الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، ثم اتهمت الجزائر الوفد المغربي، بالتحرش بشابة ديبلوماسية جزائرية.