شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«الهاف بوست»: النهج الجديد للاستبداديين العرب.. القمع مقابل وعود الإصلاحات الاقتصادية

قوات من الشرطة تعتدي على مواطنين - أرشيفية

نشرت صحيفة «الهاف بوست»، مقالا لـ«جيمس دورسي»، الباحث المتخصص في السياسات الدولية بجامعة نانيانج التقنية في سنغافورة، حول التحولات في الشرق الأوسط، والنهج الذي تتبعه الدول العربية الاستبدادية في تلك المرحلة، من أجل الحفاظ على بقائها، موضحا أنهم يستخدمون الآن استراتيجية تقتضي بإطلاق وعود عن تغيرات اقتصادية واجتماعية، لكن في الوقت نفسه استمرار السياسات القمعية.
وتوقع «دورسي»، في مقاله، وفقا لما ترجمت «شبكة رصد»، أن تؤدي الأمور في النهاية إلى انفجار غضب المواطنين في تلك الدولة، معيدين نفس تجربة ثورات الربيع العربي، فعلى حد تعبيره «التاريخ يكرر نفسه»، في الوقت الذي تتعاظم فيه الكوارث عما كانت عليه قبل 2011، في ظل المتغيرات الإقليمية الجديدة والمواجهات الكبرى.
وأطلق دورسي، على ما يدور في الشرق الأوسط حاليا اسم «اللعبة الدائرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، لكن السؤال هو، الانتقال إلى ماذا؟
وتكمن الإجابة، في الدفع العربي الاستبدادي إلى نظام إقليمي تقوده السعودية، يستند على نسختها المحدثة للقرن الواحد والعشرين من الاستبداد، بهدف إقامة حكم مطلق، ولتحقيق ذلك، تبنى «الأوتوقراطيون – آل سعود» إصلاحا اقتصاديا مقرونا بتغيير اجتماعي لازم، يسمح لهم بتقديم السلع والخدمات العامة بكفاءة، لكنه نهج يرفض الاعتراف بالحريات الأساسية والحقوق السياسية، ومن المرجح أن ينتج نظم سياسية شاملة ومنفتحة، تكفل مصلحة جميع قطاعات المجتمع.

طموح عربي استبدادي
وفي صميم المعركة المتقلبة والوحشية والدموية والتي قد تستغرق ربع قرن من التصميم لضمان بقاء المستبدين العرب مهما بلغت التكلفة، تلعب الجغرافيا السياسية دورا رئيسيا في هذا الطموح الاستبدادي العربي، وللتعويض عن ضعفهم الكامن وعدم وجود الأسس اللازمة لهيمنة إقليمية مستدامة، يجب أن يواجهوا باستثناء مصر، إيران بشكل أساسي وتركيا بدرجة أقل.
ووصف الكاتب ما يجري، بأنه صراع «جيوسياسي»، يهيمن عليه التنافس بين السعودية وإيران، ويغطي هذا التنافس، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ ما يقرب من أربعة عقود، وساهم في تقويض الاستقرار الإقليمي تدريجيا، وغذى صعود الحركات المتطرفة والجهادية، وشجع النزعات والتعصب والتعددية وتجاوزت حدودها، إلى بلدان مثل باكستان وماليزيا وإندونيسيا؛ وتحويلها البقعة الأكثر دموية في العالم.
كما أن دولا مثل سوريا والعراق واليمن، أصيبت بندوب لأجيال قادمة، وتكافح الآن من أجل ضمان السلامة الإقليمية ضد التحديات الانفصالية والإقليمية والدينية المحتملة، وفي ظل الجهود السعودية المدعومة من الولايات المتحدة لزعزعة استقرار، عن طريق إثارةة الإضطرابات العرقية، طال دولا مثل لبنان، والتي تترجح الآن على حافة الهاوية.
وتابع، أن السكان في كل تلك الدول عالقون، على أمل أن يؤدي تنازلهم عن حقوقهم السياسية التي تنص عليها العقود الاجتماعية الجديدة التي صاغها قادتهم المستبدون، إلى زيادة فرصهم الاقتصادية. وفي بعض الدول مثل مصر تحطمت تلك التوقعات لكن في بلد مثل السعودية، كانت التوقعات غير واقعية وفقيرة إذا أديرت على كل حال، وأدى نجاح الثورة الوحشية التي قادتها السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلى قتل الآمال والطاقة التي انفجرت في شوارع المدن العربية خلال ثورات عام 2011 وأنتجت بدلا من ذلك طغاة وفوضى.
واستطرد الكاتب، أن هذا لا يعني كما حدث في الفترة السابقة لثورات عام 2011، فالغضب الشعبي والإحباط سيتقد، وكما هو الحال في الثورات، يتجاهل المسؤولون المشاعر الشعبية، ولا أحد يعرف ما إذا كانت ستنفجر، وإذا كان الأمر كذلك، فبأي شكل وما الذي سيثيره الانفجار.

تونس البداية
وبدأت الأمور بتضحية بالنفس في تونس في 2010، مما أشعل الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي حين أن التاريخ قد لا يكرر نفسه حرفيا، فبعد ستة أعوام في «ريف»، وهي منطقة متمردة شمال المغرب، التي أثيرت بوفاة الشاب « محسن فكري»، تاجر السمك، بسحقه في سيارة جمع قمامة.
تم طحن «فكري» حتى الموت داخل مكبس القمامة، بينما كان يحاول استرداد الأسماك التي صادرها الضابط منه، وأوضح أن عام على الاحتجاجات على وفاة فكري تشير إلى أن فعالية الإصلاحات الدستورية للملك محمد السادس كانت تستهدف استقطاب المتظاهرين الغاضبين، بجانب وعود باستثمار الدولة فيها لتحويلها لمركز صناعي، لكنه يدعم الثقافة البربرية التي حدثت هناك.
ونجح «ناصر زفزافي»، وهو شاب عاطل عن العمل يبلغ من العمر 39 عاما، أن يجد لنفسه قوة على مواقع التواصل الاجتماعي، بخطب نارية تدين الفساد والدكتاتورية هناك، ليس فقط للحفاظ على الاحتجاجات على قيد الحياة، لكن أيضا تشجيعا على انتشارها لأجزاء أخرى من البلد، كما شهدت العاصمة المغربية الرباط في يونيو أكبر احتجاجات ضد الحكومة منذ ثورات عام 2011.
وأورد الكاتب مقولة وزير الخارجية الإسرائيلي «شلومو بن عامي»، التي قال فيها: إن الأنظمة العربية أغلقت قنوات التعبير، وردت على الاحتجاجات بوحشية، مثلما حدث في مصر والسعودية، وإلى حد ما، المغرب، وهو أمر يجسد عدم قدرة تلك الأنظمة على الهروب من فخ الاستبداد، حتى وإن كانت الظروف الراهنة تشير إلى أن صحوة شعبية أخرى باتت وشيكة.
وقد يكون الجدول الزمني الذي وضعه «بن عامي» لتلك الانتفاضة متفائلا، لكن الرسالة الأساسية لا تزال صالحة وهي أن، «الإصلاح الاقتصادي الذي تسيطر عليه الحكومة يرغم المشاريع الخاصة على الخضوع للقطاع العام، بجانب إصلاحات اجتماعية محدودة، وتبنيه سياسات استبعادية بدلا من إدماجية، لكن ففي النهاية ستنهار تلك الخدعة.

وعود التغيير

فالأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الوقت الراهن، لديها قدرة على تحويل اهتمام الرأي العام بوعود التغيير الاقتصادي، وشبح إيران كتهديد أجنبي، ودعم الولايات المتحدة للاستبداد الإقليمي واحتواء إيران، و تأجيج التوتر العرقي والطائفي، وغيره.
وأشار إلى الخطر الذي يواجه الأنظمة المستبدة في الوقت الحالي هو الجروح الجديدة التي تصيب شعوبهم وهي بمثابة شبح يطاردهم، وقد تحولت أربعة عقود من الانتشار السعودي العالمي للمسلمين السنة لمواجهة الحلم الثوري الإيراني، إلى استراتيجية إيرانية جديدة في حربها، عن طريق ميليشيات عربية موالية لها كحزب الله والحوثيين.
وأدى الاستبداد الداخلي والمنافسة السعودية الإيرانية وسياسات الولايات المتحدة الكارثية، وغزو العراق في 2003، إلى إضعاف جميع بلدان المنطقة، وعزز جيلا كاملا من السوريين واليمنيين أصابه الإحباط والغضب، أو باختصار تدهورت علمية الانتقال في الشرق الأوسط، من أجل الاحتفاظ بسيطرة سياسية، والتي ستؤدي في النهاية بحسب دورسي، إلى نزاعات تخلق مزيدا من الفوضى، حلها يتم فقط من خلال حلول مستدامة تضمن التنمية الاقتصادية المنصفة وشفافية القانون وعدله.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023