قال خبراء إنّ فرض الإمارات حظرًا شاملًا على النساء التونسيات من دخول الدولة خطأ سياسي ويعكس العلاقات المشحونة بين البلدين، وفق ما أكدت «شبكة الجزيرة».
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، يقول المحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط «نيكولاس نو» إنّ خطوة الإمارات مثيرة للجدل، وتعكس حماقتها سياسيًا وأمنيًا، وإذا اعتقدنا أنّ هناك مخاوف أمنية من دخول النساء التونسيات الإمارات؛ فالطريقة المتعامل بها معها خطأ سياسي وحمق.
وأعلنت الإمارات أنها ستوقف قبول الركاب التونسيين القادمين من تونس، وأضاف مسؤولون أنّ القرار مدفوع بمخاوف أمنية وتهديدات إرهابية.
وبينما أصروا على أنهم يحاولون تهدئة الأوضاع، ردّ المسؤولون التونسيون بتعليق جميع رحلات الطيران القادمة من الإمارات. وتعد شركة «طيران دبي» الوطنية للإمارات؛ ويعتقد الجميع أنّ أبو ظبي، العاصمة الغنية بالنفط، هي التي تحدّد السياسة الخارجية للدولة التي يتحكم فيها ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان.
وأضاف «نيكولاس» أنّ ما حدث يبيّن بصورة واضحة أنّ الإمارات ليست دولة ديمقراطية فعليًا، بينما تونس هي الدولة الديمقراطية؛ فلديها سجل قوي في دعم حقوق المرأة، وفيها حركة نسائية قوية. أما المسؤولون الإماراتيون فلا يبدون أيّ نضج سياسي أو فطنة في التعامل مع الديمقراطية.
اعتذار علني
وطالبت تونس الإمارات بأن تعتذر علنيًا عن القرار؛ لأنّه، بحسب وزير خارجتها خميس جهناوي، يعد تمييزًا ضد المرأة التونسية.
وقال يوسف الشريف، المحلل السياسي من العاصمة التونسية، إنّ الحظر الذي فرضته الإمارات يعد ردًا مفرطًا تجاه التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين، وظهر لأولى مرة في أعقاب الثورة التونسية التي أطاحت بزين العابدين بن علي، الذي حافظ على علاقات قوية مع الإمارات.
وقبل الثورة بعام، كانت الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لتونس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد ليبيا، وتفاقمت التورات بعد أن تولى حزب النهضة التونسي (الإسلامي المعتدل) قيادة الجمعية التأسيسية التونسية، وفاز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان في 2014.
وظلّ حزب النهضة في الحكومة بعد انتخابات 2014، ولم يكن محظورًا في الإمارات كما توقع بعض. ومؤخرًا، اتخذت الحكومة التونسية نهجًا متوازنًا إزاء الأزمة الخليجية. كما إنّ حزب النهضة له علاقات قوية مع قطر، التي تعهّدت في العام الماضي بتقديم 1.25 مليار دولار للمساعدة في تعزيز الاقتصاد التونسي.
وقال «يوسف» إنّ ضعف الاقتصاد التونسي وانعدام التأثير في السياسة العالمية أجبرا البلاد على محاولة الحفاظ على موقف أكثر حيادية في المنطقة؛ فبعدما بدأت أزمة قطر، ظلّت تونس محايدة، ورفضت الانضمام إلى الإمارات والسعودية، ورفضت أيضًا الوجود في المخيم القطري أو التركي.
ومن وجهة نظر الإمارات، لم يكن هذا الوضع مقبولًا، كما قال «يوسف».
التأثير المحلي
يمكن القول إنّ الأحزاب الداخلية في تونس استفادت نوعًا ما من الحظر الذي فرضته الإمارات؛ إذ مثّل إحراجًا للرئيس، وكانت للحادث أهمية خاصة للسبسي؛ لأنّه متعلق بحقوق المرأة.
وحثّت الحركات النسائية في تونس على التعامل الجاد مع قرار حظر دخولهن إلى الدولة الإماراتية، ووصفوه بأنّه مروع وإهانة لتونس، وقالت مجموعة حقوقية تدعم قضايا المرأة إنّه لا يوجد دافع يبرر لهذا النوع من التمييز ضد المرأة.
وتأتي خطوة الإمارات في الوقت الذي تستعد فيه تونس لعقد انتخابات البلدية، وهي الأولى منذ ثورة 2011.
وعلى الرغم من الحظر المفروض على شركات الطيران، قال «يوسف» إنّه من السابق لأوانه وصف التوتر بين تونس والإمارات بأنه أزمة، مضيفًا أنّ السلطة التونسية تحاول تهدئة المواطنين الإماراتيين على أراضيها والتخفيف من حدة القرار الذي اتخذته؛ لكنّ «نيكولاس» قال إنّ المواطنين هم من يملكون تحويل القضية إلى أزمة أم لا.
وأكّد أنور قراقاش، وزير خارجية الإمارات، أنّ الحظر صدر لأسباب أمنية. وأضاف في تصريحات صحفية أنهم عقدوا لقاءً مع أشقائهم في تونس بشأن المعلومات الأمنية التي أدّت إلى اتخاذ مثل هذا القرار، مضيفًا: نحن في الإمارات فخورون بتمكين المرأة، ونحن نقدّر المرأة التونسية ونحترمها؛ لذا علينا أن نتجنّب محاولات التضليل والتشويه، غير أنّ «نيكولاس» رأى القرار يُظهر الإمارات على أنها تعمل ضد الديمقراطية وضد حقوق المرأة.