بعد غياب 20 عامًا، بدأت مصر عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة الأول من يناير 2016؛ وأظهرت مواقف مخزية، مصحوبة بأصوات شاذة وقرارات تخدم أجندات بعينها، وسط استياء عربي وإفريقي من أدائها؛ مثل مواقفها المؤيدة تمامًا لـ«إسرائيل» وروسيا ونظام بشار الأسد.
وتنتهي عضوية مصر في أهم الهيئات التابعة للأمم المتحدة مطلع يناير المقبل، على أن تتسلم الكويت عضويتها غير الدائمة أيضًا في التوقيت نفسه. وفي التقرير، نستعرض ما قدّمته مصر في هذه المدة:
1- رفض إدانة انتهاكات قوات حفظ السلام
في 11 مارس 2016، اعترضت مصر وروسيا والسنغال بشدة على اقتراح صاغته الولايات المتحدة يقضي بإعادة وحدات من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى دولها؛ عقب أن واجه أفراد منها اتهامات متكررة بالتحرش الجنسي ضد أطفال وقصّر.
وبعد الكشف عن هذه الادّعاءات، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة لجنة مستقلة لمتابعة كل ما يتعلق بالاستغلال الجنسي على يد أفراد من القوات الدولية لحفظ السلام بجمهورية إفريقيا الوسطى.
وحاولت مصر تبرير موقفها بالقول إنّ القرار يفرض عقوبة جماعية على جرائم يرتكبها عشرات من الخارجين عن النظام، واعتبر سفيرها «عمرو عبداللطيف أبو العطا» أنّ المقاربة التي يقوم عليها القرار قد يكون لها أثر خطر على معنويات القوات وتلطيخ سمعة بلدان تمد الأمم المتحدة بجنود لقواتها؛ ما عرّض مصر يومها إلى انتقادات.
2- دعم «بوتين» وخذلان حلب
في 3 مايو 2016: أكّد السفير «عمرو أبو العطا»، الذي تولت بلاده رئاسة أعمال المجلس لشهر مايو 2016، أنّ «مصر لن تدعو إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن حول ما تتعرض له مدينة حلب السورية»، التي واجهت منذ 21 أبريل 2016 قصفًا عنيفًا وعشوائيًا من طيران النظامين السوري والروسي.
وقال: «نحن لن نطالب بعقد جلسة طارئة في المجلس حول حلب، ونعتقد أن المبعوث الأممي إلى سوريا السيد ستيفان دي ميستورا سيقدم في غضون الأيام القليلة المقبلة إحاطة إلى أعضاء المجلس حول هذا الموضوع، إنني على ثقة بأن أعضاء المجلس سيصدرون منتجًا عقب انتهاء دي ميستورا من إفادته».
وعلى الرغم من ذلك؛ تبنّى مجلس الأمن في ذلك اليوم قرارًا بالإجماع بحماية المدنيين والمنشآت الطبية في النزاعات المسلحة.
3- قراران متناقضان بشأن سوريا
سلكت مصر مسلكًا غريبًا؛ بتصويتها لمشروعين متعارضين في مجلس الأمن بخصوص حلب السورية؛ إذ أيّدت مشروع قرار روسيًا، ما عرّضها لانتقادات عنيفة من السعودية وقطر، اللتان وصفتا التأييد بـ«المؤسف» و«المؤلم»، قبل أن تؤيد مصر أيضًا مشروع القرار الفرنسي المستخدمة روسيا حق النقض ضده.
واستخدمت روسيا يوم 8 أكتوبر 2016 حق النقض ضد مشروع قرار اقترحته فرنسا يدعو إلى وقف القصف في حلب؛ ما حال دون تبنيه في مجلس الأمن، الذي رفض بدوره مشروع قرار قدمته موسكو ودعمته مصر.
وبعيد ذلك، طرحت روسيا للتصويت مشروع قرار آخر يدعو إلى وقف الأعمال القتالية في شكل أكثر شمولًا، خصوصًا في حلب، لكن من دون ذكر الغارات. ورفض تسعة أعضاء من أصل 15 وصوتوا ضد مشروع القرار الروسي، بينهم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وامتنعت أنجولا والأوروجواي عن التصويت، بينما أيّدته فنزويلا والصين ومصر.
4- سحب مشروع قرار ضد «إسرائيل»
في 23 ديسمبر 2016: تبنّى مجلس الأمن قرارًا رقم 2334 حثّ على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. ونصّ القرار على مطالبة «إسرائيل» بوقف الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وبطلان شرعية إنشائها المستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967؛ وهو أوّل قرار يُمرر في مجلس الأمن متعلق بها وفلسطين منذ عام 2008.
وتقدّمت مصر بمشروع القرار يوم 22 ديسمبر قبل أن تسحبه بعد مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي المنتخب «دونالد ترامب»، الذي لم يستلم بعد منصبه رسميًا، ثم أعيد طرح مشروع القرار يوم 23 ديسمبر عن طريق دول نيوزيلاند والسنغال وفنزويلا وماليزيا، وحاز على تأييد 14 عضوًا وامتنعت فقط الولايات المتحدة عن التصويت.
ويعد هذا القرار، الذي حاولت مصر تعطيله، تاريخيًا؛ لأنّ معظم مشاريع القرارات ضد «إسرائيل» تُرفض باستخدام حق الفيتو؛ كما فعلت الولايات المتحدة 42 مرة لحمايتها. وهذه المرة الأولى التي لا تلجأ فيها الولايات المتحدة إلى هذا الحق؛ ما جعله قرارًا ساريًا، وبناء عليه تُبني القرار بعد إقراره من غالبية الأعضاء.
5- رفض إدانة كيماوي «بشار»
في 28 فبراير 2017: أعلن مندوب مصر عمرو أبو العطا أنّ القاهرة لم تدعم مشروع قرار مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على دمشق؛ لأنه خالٍ من الأدلة الحقيقة ويوجه «اتهامات جزافية»، وقال إنّ «مسوّدة القرار الدولي حول موضوع الكيميائي في سورية تجاهلت الدليل».
6- تمديد العقوبات المفروضة على السودان
أخطر موقف اتخذته القاهرة ضد السودان في أبريل 2017، عندما طلب مندوبها إبقاء العقوبات المفروضة على الخرطوم طبقًا للقرار 1591 ويحظر بموجبه بيع الأسلحة للسودان، الذي انتقد الموقف المصري، وقال وزير خارجيته «إبراهيم غندور» يومها إنّ موقف مصر «شاذ وغريب»، والخرطوم طلبت من القاهرة تفسيره عن بقية مواقفها من السودان في السنوات الماضية ودعمته في مجلس الأمن.
من جانبها، ردّت مصر على التصريحات السودانية بأنّها «تتخذ مواقفها بالشكل الذي يحافظ على مصالح الشعب السوداني».
وتنتهي عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي مطلع يناير المقبل، بعدما انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة (التي تضم 193 دولة) يوم الجمعة ساحل العاج وغينيا الاستوائية والكويت وبيرو وبولندا لعضوية مجلس الأمن الدولي لمدة عامين تبدأ في أول يناير عام 2018.
ويتألّف مجلس الأمن من 15 دولة؛ عشر بالانتخاب وخمس دائمة العضوية تتمتع بحق النقض: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا. والمجلس هو الجهة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي يمكنها إصدار قرارات ملزمة قانونًا ولديها سلطة فرض عقوبات وتفويض استخدام القوة. ولضمان التمثيل الجغرافي؛ تُخصّص خمسة مقاعد لدول إفريقية وآسيوية، ومقعد لدولة من شرق أوروبا، ومقعدان لدول من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، ومقعدان لدول غربية ودول أخرى.
وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، فمسؤولية مجلس الأمن الرئيسة هي صون السلم والأمن الدوليين، وعلى جميع الدول الأعضاء فيها الامتثال لقرارات المجلس. ومصر هي البلد العربي الوحيد الذي حصل على مقعد غير دائم بمجلس الأمن في عام 2016؛ لتخلف بذلك الأردن بعد انتهاء عضويته.