سلّطت مجلة «ديفينس نيوز» الأميركية، المعنية بالتحليلات العسكرية وتسليح الجيوش، الضوء على الأسباب التي دفعت مصر مؤخرًا إلى زياة تسليح جيشها وإبرام صفقات بمليارات الدولارات؛ موضحة أنّ المحللين «الإسرائيليين» لديهم أربعة تفسيرات مختلفة.
وقالت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ هذه التفسيرات تمثّلت في: سعي مصر نحو محاربة الإرهاب، لكنهم رأوه ضعيفًا؛ لأنّ الأسلحة المشتراة لا تستخدم في دحر الإرهاب. والثاني، سعي مصر لتكون قوة عظمى في منطقة مليئة بالاضطرابات، والثالث:توفير غطاء عسكري لروسيا في المنطقة، والرابع: رغبة مصر في الخروج من السلام الباردة مع «إسرائيل». لكنّ المحللين جميعًا استبعدوا هذا السيناريو.
وأبرمت مصر في الأعوام الماضية صفقات أسلحة أثارت تساؤلات بين الخبراء «الإسرائيليين»؛ لأنّ معظمها وقّعت في عهد عبدالفتاح السيسي. وأكثر ما جلبت: دبابات أبرامز M1 387 في 2010، و762 لغمًا أرضيًا مضادًا للحماية، ومدرعات، ونظام مضاد للطائرات من طراز S-300 VM، وطائرات ميج 29 وطائرات مقاتلة ذات محركين، وغيرها. وهناك صفقات من المنتظر أن تكتمل بحلول العام 2020.
وما ذُكر مجرد قائمة جزئية مما حصلت عليه مصر مؤخرًا، كما يقول المؤرخ العسكري في معهد القدس للدراسات السياسية والاستراتيجية «ياجيل هينكين»؛ ويرى أنّ المشكلة تكمن في تقييم البناء العسكري لمصر، لأنّ الناس يفترضون أنهم يعرفون ماذا ستفعل بها مصر، والجميع يتبنى تفسيرات مريحة للغاية؛ لكنه لا بد أن ننظر إلى عوامل.
حماية حقول الغاز
ويرى المؤرخ العسكري أنّ أحد التفسيرات الواضحة هو رغبة مصر في إظهار إحساس بأنها قوة عظمى في منطقة مليئة بالاضطرابات. ويقول قائد البحرية المصرية الأركان حرب أسامة ربيع إنّ الصفقات العسكرية تهدف إلى حماية موارد الغاز الطبيعي المصرية ومكافحة الإرهاب؛ لكنّ «ياجيل» يرى هذه التدابير مجرد رواية.
وأضاف «ياجيل» أنّ ما يقوله العسكري المصري مثير للدهشة؛ فهو يختلف اختلافًا جذريًا عن المفاهيم الإسرائيلية في حماية حقول الغاز، التي تتم باللانشات السريعة وأنظمة الصواريخ المضادة وليست عن طريق أسلحة قتالية كالطائرات الهليكوبتر والاستطلاعية وحاملة الطائرات «ميسترال» القادرة على حمل آلاف الجنود ومئات الطائرات والدبابات، وأوضح أنّ الأسلحة التي حصلت عليها مصر لا تفيد مطلقًا في حماية حقول الغاز.
وقال «أوفير وينتر»، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي، إنّ مصر تريد أن تصبح «قوة رائدة في العالم العربي»، وأبرز التفسيرات الأخرى هو سعي النظام المصري نحو تعزيز صورته.
أما السبب الثالث، الذي اقترحه «ياجيل»، فيتعلق بالعواقب الجيوسياسية الواسعة في المنطقة، ورغبة مصر في خلق ملاذ آمن للانتشار الروسي في المنطقة؛ إذ يوضع حاليًا خط الأساس لهذا التعاون، بتوقيع مصر وروسيا اتفاقًا في نوفمبر يسمح للطائرات العسكرية الروسية باستخدام قواعد مصر ومجالها الجوي.
وأضاف «ياجيل» أنّ ما فعلته مصر محاولة لتنويع مورديها للأسلحة؛ فهي تريد التخلص من الهيمنة الأميركية و«تحاول العودة إلى أيام جمال عبدالناصر، الذي كان يرى في عدم الالتزام بالقواعد حلًا أفضل»، موضحًا أنّ مصر لا تريد أن تكون مملوكة لمورّد واحد؛ ولذلك سعت في المدد الماضية إلى شراء مجموعات متنوعة من الأسلحة من فرنسا وروسيا والصين وأميركا.
الحرب.. سيناريو مستبعد
أما التفسير الرابع، والأكثر إثارة للقلق عند «الإسرائيليين»، أنّ مصر تحاول الخروج من مرحلة السلام البارد مع «إسرائيل» وجرّ البلاد نحو صراع مباشر معها؛ لكنّ «ياجيل» و«أوفير» أكّدا أنّه سيناريو بعيد المنال.
وأضاف «ياجيل» أنّ «إسرائيل» بالطبع لديها تخوّف مشروع من أنّ البعض في مصر لا يزالون يعتبرونها عدوًا؛ وهو ما يفسره شراء «إسرائيل» لأسلحة معينة، وبالرغم من ذلك لا يعتقد أنه من الممكن أنّ مصر لديها خطط مستقبلية لمواجهة «إسرائيل»؛ وإذا كانت هناك خطة فقلق «إسرائيل» جاء متأخرًا.
واستشهد المؤرخ السياسي بأنّ هذا السيناريو مستبعد؛ بسبب سماح «إسرائيل» لمصر بنشر مزيد من القوات في سيناء لـ«محاربة الإرهاب» بالرغم من معاهدة السلام، كما تجاهلت «إسرائيل» بنود حظر تعبئة القوات المصرية لتحقيق هدف مشترك، وهو محاربة تنظيم الدولة في سيناء؛ وهو قوة لا يُستهان بها.