في الوقت الذي يواصل فيه عبدالفتاح السيسي حديثه عن حجم مشروعات توسعة قناة السويس، واستثمار مليارات الدولارات في توسعتها، تواصل قناة السويس خفض رسوم عبورها، في ظل هروب السفن من العبور عبر القناة، وفي محاولة لجذب السفن إليها.
خفض الرسوم
وتواصل إدارة هيئة قناة السويس منح التخفيضات لبعض الناقلات للعام الثاني على التوالي، وعدلت نسب بعض التخفيضات، الأمر الذي اعتبره اقتصاديون دليلا على محاولات من إدارة القناة لمواجهة أزمة انخفاض عوائدها، ومحاولة وقف هروب السفن إلى الطرق الملاحية الجديدة.
ووفق بيان الهيئة، تأتي التخفيضات «تشجيعا لاستخدام مجرى قناة السويس بدلا من طريق رأس الرجاء الصالح»، المنافس الأخطر للقناة.
وبرر مسؤولو الهيئة إقرار التخفيضات «بجذب المزيد من العملاء وزيادة حجم إيراداتها (القناة) التي تأثرت نتيجة انخفاض حركة التجارة العالمية، وتراجع أسعار النفط العالمية؛ لتعوض المستهدف من إيرادات القناة بحلول 2022»، بحسب البيان.
خدعة الدولار
ونقل بيان الهيئة عن رئيسها مهاب مميش قوله إن «إيرادات القناة في 2017 بلغت 93.8 مليار جنيه بزيادة 89.5% على 2016 التي سجلت فيها العوائد 49.5 مليار جنيه».
وأضاف مميش أن حركة الملاحة في القناة شهدت «نموا ملحوظا في أعداد وحمولات السفن».
وينتقد محللون تقييم العوائد بالجنيه المصري بدلا من الدولار؛ حيث أسهم تغير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بين عامي 2016 و2017 في إظهار زيادة مبالغا فيها للعوائد، بيد أن التقييم بالدولار يكشف عن زيادتها بنسبة 5.4% فقط عام 2017 مقارنة بالسنة التي قبلها رغم التوسعات بالقناة.
في تصريحات سابقة، قال مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس والهيئة الاقتصادية لمنطقة القناة، إن الهيئة شهدت زيادة عائداتها مقومة بالدولار، بنسبة 5.4%، بلغت العائدات 5.3 مليار دولار خلال 2017، مقارنة بـ5 مليارات دولار خلال 2016، بمعدل زيادة قدره 272 مليون دولار فقط.
وشملت التخفيضات ناقلات الحاويات والبترول والصب الجافة، مع إجراء تعديلات في تلك التخفيضات لتصل إلى 75% واستمرار التخفيضات حتى نهاية العام الجاري.
التلاعب بالبيانات
ومن جانبه، قال الدكتور مصطفى شاهين، الخبير الاقتصادي، إن هناك الكثير من العوامل دفعت هيئة قناة السويس إلى خفض رسوم العبور بها، أبرزها انخفاض حركة التجارة والسفن المارة من القناة، ووجود قنوات ملاحية منافسة جديدة، وانخفاض سعر البترول، وتفضيل الكثير من السفن طريق رأس الرجاء الصالح، والذي أصبح أفضل بالنسبة لها.
وأضاف شاهين، في تصريح خاص «لرصد»، أنه أمام هذه العوامل، فقد اضطرت إدارة هيئة قناة السويس لهذه التخفيضات تحت ضغط انخفاض العوائد عما كان متوقعا عند حفر التفريعة، التي لم تحدث أثرا فعالا في إيرادات القناة خلال الفترة الماضية نظرا لتراجع حركة التجارة والسفن المارة في الأساس.
وأكد شاهين أن حديث المسؤولين داخل هيئة قناة السويس عن ارتفاع في الإيرادات، هو تلاعب في البيانات، وإذا كان هناك ارتفاع فإنه سيكون طفيفا جدا وغير مؤثر، وأنه لا يتم نشر بيانات حركة الملاحة والعوائد بشكل دوري مع أرشيف لـ10 سنوات من الحركة، كما كان الأمر بالسابق.
في المقابل، يتم نشر الأرقام بالجنيه المصري لإظهار زيادة في العوائد مقارنة بأرقام سابقة دون الأخذ في الاعتبار انخفاض الجنيه مقابل الدولار، ما يجعل الأرقام تبدو أكبر مما كانت عليه قبل التفريعة.
دراسة التخفيضات شهريًا
المهندس جبال الديب، عضو مجلس إدارة هيئة القناة الأسبق، قال إن التخفيضات تهدف لجذب الخطوط الملاحية للعبور في قناة السويس، بدلًا من العبور في طرق أخرى غير القناة.
وأوضح الديب، في تصريحات صحفية، أن التخفيضات موجودة وتتم دراستها شهريا حسب السوق العالمية وحركة التجارة العالمية، مشيرا إلى أن النسبة لا تقل عن 45% من التخفيض لناقلات البترول، معتبرا أن هذا الأمر يرجع بالفائدة على القناة، لأنه في حال عبور تلك السفن من مسارات أخرى فإن هيئة القناة تخسر أي دخل من ورائها.
وأضاف أن أصحاب الخطوط يحرصون على ما توفره القناة من خطط طويلة الأجل لجذب السفن عن طريق التخفيضات التي تصل أحيانا إلى 79%.