شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كاتب إسرائيلي لـ«هآرتس»: العرب أصحاب الأرض ويحبون الطبيعة.. لكننا نعاملهم كالصراصير!

الحدود اللبنانية الفلسطينية

تعلّم العرب كيفية حبّ الطبيعة والتكيّف معها قبل أن يتعلموا حتى القتال، ونشأت بينهما علاقة من نوع خاص، على أساس الاحترام والحب، وهم أول من بنوا منازلهم بطريقة تتكيف معها؛ بينما تنظر إليهم «إسرائيل» بطريقة عنصرية، وتعاملهم كأنهم حشرات وأعداء للطبيعة وخطر عليها، وهذه رؤية عارية تمامًا من الصحة؛ وعلى اليهود معاملة العرب مثل «البني آدمين»، لأنهم في كل الأحوال أصحاب الأرض ومن حافظوا عليها.

هذا ما بدأ به الكاتب الإسرائيلي من أصل فلسطيني «عودة بشارات» مقاله بصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية وترجمته «شبكة رصد». ويضيف: كما قال المثل العربي الفلسطيني فإن «ضراط مايكل لا يزعج أحدا»، ومايكل هو أحد كبار شخصيات قرية عربية، وكلما أبدى إشارة على أنه سيطلق ريحًا اعتاد الحضور في مجلسه على التصفيق بأيديهم لإخفاء صوت الضراط عن العابرين بجانب مجلسه، بينما كان على الناس العاديين الحاضرين في مجلسه إن أرادوا إخراج ريحهم أن يفعلوا ذلك في غرفة أخرى بعيدًا عن مايكل، وإن لم يفعلوا سيضطر مايكل ورفاقه أن يعيشوا مع ضراطهم لبعض الوقت.

في القرى، يعتاد الناس على معاملة بعضهم بعضًا وفقًا لأوضاعهم الاجتماعية. على سبيل المثال: لا يُمتن إلى رجل فقير بعكس الغني، وعلى المنوال نفسه اليهودي داخل «إسرائيل»؛ يحصل على امتنان لا يحصل عليه نظيره العربي داخل الدولة نفسها. لكن، من ناحية أخرى، اليهودي داخل الأراضي العربية لا يستطيع بناء منزل له إلا على قمة جبل؛ بشرط ألا يكون بين الناس العاديين المنبوذ منهم، ودولته على الجانب الآخر تجرّف الأراضي العربية وتخترق الطرق السريعة بين عشية وضحاها. لكن، وفقًا للمثل الخاص بمايكل، فإن «ضراط إسرائيل ليس ضارًا»، أو هكذا تتعامل الدولة اليهودية مع الأمور من جانبها بحسب رؤيتها.

فالأشجار تُقطع وتُبنى مكانها منازل واسعة لليهود، ملحق بها حديقة بالطبع، وإذا أمكن حمامات سباحة أيضًا، التي عادة ما تبقى دون استخدام، كل هذا بجانب حديقة للأطفال من أجل اللعب تستوعب على الأقل عشرة منهم، وإعداد مكان لمجالس التسوية، وملاعب تنس، وهكذا. لكن، من ناحية أخرى، فجزء من الغابة مرتبط بالعرب؛ بسبب الزيادة الطبيعية، وهم بطبيعة الحال ليسوا هؤلاء المدللين الذين يستمتعون بنوعية الحياة.

لكنّ العرب في كل الأحوال جزء من الطبيعة، وقبل أن يتعلموا كيفية القتال تعلموا بناء منازلهم بشكل يتواءم معها. وعندما يتعلّق الأمر بالجبال على سبيل المثال نجد أن أجدادهم وآباءهم بنوا منازلهم أعلى القمم الجبلية، وفقًا للطوبوغرافيا الجبلية، ولم يسيؤوا استخدام الجبل مطلق طوال تاريخهم؛ لكنهم انخفضوا مؤخرًا من قمة الجبل إلى أسفله، وهو انحدار يعبر عما يمرون به هذه الأيام.

العرب ارتبطوا بالجبل طوال تاريخهم، وكأن علاقة حب نشأت بينهما، وظلّ الجبل لديهم جبلًا، وتكيّفت منازلهم معها ومع التلال أيضًا، الكل كان سعيدًا وجميلًا، وبنوا مدرجات زراعية غاية في الجمال تسر الناظرين؛ لكنّ كلّ شيء تغيّر اليوم. والآن، يتعرّض العرب إلى الإساءة البالغة من الدولة اليهودية، خاصة القطاع فيها المسؤول عن حماية الطبيعة. وبالمناسبة، «العرب مثلنا بشر»، ومتفوقون علينا في أنهم جزء من الطبيعة؛ وبدلًا من معاملتهم بشرًا تستمر الحكومة في مضايقتهم، تضايقهم «إسرائيل» وفي الوقت نفسه تظهر ودًا تجاه الحيوانات البرية!

على مدار سنوات، عملت «إسرائيل» على منع خطط توسيع المدن العربية في فلسطين، بما فيها وادي جزرائيل المتنازع عليه، يبلغ حجمه 111 فدانًا، وتريد «إسرائيل» تخفيضه إلى أقل من 30 فدانًا. على كل حال، على العرب أن ينتظروا قدوم المسيح لتحقيق أمنياتهم، أسهل من مساعيهم لتعاملهم دولة الاحتلال بكرامة.

قبل عقود، عندما كنت أبلغ من العمر خمس سنوات أو ست، زُرت قرية والدي التي ترعرع فيها، كانت محاطة بالحجارة، وهي أحد معالمها الرئيسة. أذكر هذا جيدًا، وقريبًا عندما زرتها وجدت أنّ معالمها اختفت؛ وجدت بدلًا الحجارة أشجارًا من الصنوبر الضخمة تغطيها، لماذا تغيرت؟ لأنّ «إسرائيل» ترى أنّ العرب ضد الطبيعة؛ لذلك تعمل على محاربتهم بالطبيعة.

كان الجنرال «رافائيل ايتان» الزعيم الروحي لهذه المنطقة، ويعيش على بعد مئات الأمتار من قرية «إكسال»، ولم يكن يحب العرب، كان يقول دومًا إنهم كـ«الصراصير المخدرة داخل زجاجة»، وبجانب إكسال، سمي نفق على اسم «إيتان»؛ لتذكير العرب بمصيرهم الذي تحدده لهم دولة «إسرائيل».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023