على الرغم من أنّ الولايات المتحدة ليست لها أيّ مصلحة أمنية أو استراتيجية رسمية في تحالفها مع «إسرائيل»؛ فإنها تقف معها في جميع حروبها، وهي كلب الحراسة لها، ومستعدّة للتورط معها في الحرب المقبلة مع لبنان التي ستمزّق الشرق الأوسط أكثر مما هو ممزق.
هذا ما يراه «فيليب جيرالدي»، الخبير السابق في مكافحة الإرهاب بـ«السي آي إيه»، في مقاله بموقع «جلوبال ريسيرش» وترجمته «شبكة رصد»، ويؤكّد أنّ قليلًا من الأميركيين يدركون أنّ جيشهم يشارك كل عامين في تدريبات واسعة النطاق مع قوات الدفاع الاحتلالية، وفيها تحاكي حروب «إسرائيل» ضد جيرانها، وهناك حاليا ثلاثة آلاف جندي أميركي في «إسرائيل» للمشاركة في مناورات تتركز على مواجهة هجمات صاروخية من لبنان.
تسمى هذه المناورة «جونيبر كوبرا» وانطلقت في عام 2016، ووصفها القائد الأميركي «تيموثي راي» بأنّها تزيد من الاستعداد العسكري للدولتين، كما تؤكد على عزم الولايات المتحدة دعم «إسرائيل».
ومن المفارقات أنّ لبنان بمتلك جيشًا تدعمه واشنطن ماديًا ولوجيستيًا، وإن لم يكن على مستوى دعم جيش الاحتلال.
ما سبق يعني أنّ الولايات المتحدة تشارك في لعبة حربية مع دولتين صديقيتين، وكانت إسرائيل حذرت من أنه في أي نزاع مستقبلي ستستهدف الجيش اللبناني وحزب الله، وستعتبرهم الاثنين أعداءا.
والجانب الأكثر اهتمامًا في المسألة أنّ أميركا ليس لديها تحالف رسمي مع «إسرائيل»، وليست لها أيّ مصلحة وطنية في الانخراط في حروبها، والافتراض بأنّ الولايات المتحدة تساعد في الدفاع عنها ليس له أساس استراتيجي.
إعادة تشكيل الشرق الأوسط
وفي الوضع الحالي، تعتبر أميركا «كلب الحراسة الإسرائيلي»؛ وهو ما يتضح من افتتاح أولى قاعدة عسكرية أميركية فيها، وصفت بأنها «قاعدة داخل قاعدة»، تعمل وفقًا للتوجيهات العسكرية الاحتلالية، بجانب مليارات الدولارت من المساعدات الأميركية الموجودة تحت يد جيش الاحتلال لاستخدامها في أي وقت وتحت أيّ ظرف؛ ولذلك لا يتعلق الأمر بالأمن الأميركي أو المصالح الدفاعية.
وترتكز المناورات الحالية على محاكاة الأعمال العسكرية المحتملة في المستقبل والمعارك غير الدموية التي تقدم دروسًا للانخراط في المستقبل. والمهمة التي رسمها الكونجرس للقوات الأميركية في «إسرائيل»، ووضعت أثناء رئاسة جورج بوش، هي المساعدة في المهمة الإسرائيلية بإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
وحاليًا، تخطط «إسرائيل» لغزو لبنان، وفي سبتمبر الماضي درست احتمالية اندلاع أكبر عمل عسكري منذ 20 عامًا، وتركزت تدريبات جيشها الاحتلالي على الغزو البري للأراضي اللبنانية، وأثناءها ارتدى الجنود الاحتلاليون الزي الرسمي لقوات حزب الله، بجانب التحذيرات المتكررة من المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين بأنّ هناك خطوطًا حمراء من شأنها أن تقود «إسرائيل» هجومًا عسكريًا على إيران في لبنان وسوريا.
ذريعة للحرب
وفي الوقت نفسه، أفادت تقارير بأنّ الأدلة التي تقدّمها تل أبيب ملفقة من المخابرات الإسرائيلية، وهي ذريعة للحرب المقبلة.
وبالرغم من غياب مصلحة للولايات المتحدة في التورط مع «إسرائيل» في حرب ضد لبنان أثناء المدة المقبلة، تقف الولايات المتحدة على المسافة نفسها التي تقفها فيها «إسرائيل» من حزب الله وإيران.
غير أنّ تورط الدولتين في هذه الحرب من المتوقع أن يجلب كارثة إقليمية كما فعلت في غزوها للعراق عام 2003. ومؤخرًا، حذّر وزير النقل الاحتلالي «يسرائيل كاتس» من أنّ لبنان سيسوّى بالأرض ويعود إلى العصر الحجري إذا ما أثبت حزب الله أنه قادر على إطلاق صواريخ على «إسرائيل» من داخله.
ولا تريد «إسرائيل» القتال، بل تريد إشراك واشنطن أيضًا، وهي ليست مهمة صعبة بالنظر إلى الاجتماعات المستمرة بينهما لمناقشة أمور الأمن القومي في البيت الأبيض. وباستعراض الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في غزة ولبنان وسوريا، من الواضح أن حكومة نتنياهو مستعدة وقادرة على زعزعة استقرار المنطقة بأسرها دون أدنى اعتبار للعواقب؛ وهناك تحذريات من أنّ الحرب بين «إسرائيل» وطهران في لبنان ستطال سوريا أيضًا.
في النهاية، ترقص واشنطن على النغمة نفسها التي تعزفها «إسرائيل» لتمزيق الشرق الأوسط أكثر مما هو ممزق. ويبدو أنّ الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن «إسرائيل» حتى لو أنّ الاحتلال هو البادئ بالحرب.