في مرحلة جديدة للأزمات المهدّدة لأمنها الغذائي، كشفت تقارير للغرف التجارية أنّ مصر تفقد 37% من واردات القمح سنويًا نتيجة النقل وسوء التخزين والتلف؛ ما يزيد من حجم الفجوة الغذائية، ويضعها واحدة من كبرى الدول المستوردة للقمح عالميًا.
وطالبت الغرفُ التجاريةُ الحكومةَ بضرورة تعزيز إمكانيات تقليص حجم الفاقد منه سنويًا؛ بغرض تخفيض حجم الفجوة الغذائية، وتقليل الاعتماد على الخارج لسد احتياجاتنا منه، إضافة إلى توفير العملة الصعبة بما يؤدي إلى تحسن ميزان المدفوعات المصري.
ويعد القمح أهم محاصيل الحبوب الغذائية التي يعتمد عليها الشعب المصري في غذائه. كما إنّ مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، بنحو 50% من احتياجاتها منه.
وبالرغم من إعلان الحكومة المصرية أنّ تطبيق منظومة الخبز الجديدة وتحرير سعر الدقيق للمخابز سيؤديان إلى منع التهريب وتحقيق وفرة في ميزانية الدعم؛ أعلن وزير التموين علي المصيلحي يوم السبت أنّ مصر تستهدف استيراد سبعة ملايين طن من القمح في السنة المالية الحالية 2017-2018، ارتفاعًا من 5.580 ملايين طن في العام الماضي 2016-2017؛ بنسبة زيادة 26% على العام السابق، وفي 2015-2016 استوردت مصر 4.440 ملايين طن.
وأعلن خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية المستقيل، أنّ حجم استهلاك المصريين من القمح يبلغ 20 مليون طن سنويًا، واستوردت مصر العام الماضي (2016) 11.8 مليون طن من القمح.
وتستهلك مصر نحو 9.6 ملايين طن من القمح سنويًا لإنتاج الخبز المدعم، وقال علي المصيلحي في تصريحات صحفية إنّ «موازنة 2017-2018 تتضمن استيراد 6.2 ملايين طن قمحًا من الخارج، لكننا سنستورد سبعة ملايين طن؛ حتى يكون لدينا نحو مليون طن احتياطي قبل بداية موسم القمح المقبل».
واشترت الحكومة في الموسم الماضي نحو 3.4 ملايين طن من المزارعين المحليين مقابل نحو 5.2 مليون طن في الموسم السابق، لكنّ أرقام التوريد في ذلك الموسم، عندما بلغ الإجمالي المعلن 5.2 ملايين طن، شابتها مزاعم المبالغة وإهمال فضيحة أطاحت بوزير التموين آنذاك خالد حنفي.
وكشفت مناقصات القمح التي تجريها هيئة السلع التموينية عن التعاقد على كميات غير مسبوقة في أقل من شهر، بما يقارب 20% من المستهدف للسنة المالية 2017-2018 بأكملها؛ وسط انخفاض التوريد المحلي.
وبالمقارنة، تعاقدت مصر في يوليو من السنة المالية 2016-2017 على شراء 300 ألف طن من القمح عبر مناقصتين فقط.
انخفاض إنتاجية القمح
ويُرجع خبراء أسباب زيادة واردات مصر من القمح إلى انخفاض إنتاج القمح المحلي؛ بسبب نقص المياه المتوقع بعد بناء سد النهضة الإثيوبي.
وبالرغم من إعلان الحكومات المصرية المتتالية العمل على اكتفاء البلاد ذاتيًا من السلع الأساسية، على رأسها القمح؛ قالت دراسة أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عنّ «اقتصاديات الأمن الغذائي» في مصر من 2006 إلى 2016 إنّ نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية انخفضت؛ وارتفعت كمية العجز من محصول القمح حينها من 6.4 ملايين طن إلى 10 ملايين طن بنسبة 55.7%، وانخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي من 56.4% إلى 49.1%، وانخفض متوسط نصيب الفرد من 192.4 كجم/سنة إلى 173 كجم/سنة؛ بنسبة انخفاض 10.1%.
وكان عام 2012، الذي حكم فيه الرئيس محمد مرسي، الأقل في واردات القمح المصرية منذ عام 2007؛ إذ بلغت الواردات 8.4 ملايين طن من القمح، بانخفاض نسبته 27.9% عن العام السابق 2011، ثم زادت كميات القمح المستورد في العام الأول للانقلاب العسكري إلى 10.15 ملايين طن عام 2013، زادت إلى 11.3 مليون طن عام 2014، ثم ارتفعت إلى 11.925 مليون طن عام 2015.
وتحتل مصر المرتبة 57 عالميًا بين 113 دولة، والمرتبة الثامنة عربيًا وفقا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي عام 2016، كما تحتل المرتبة 59 عالميًا بين 118 دولة والمرتبة الثالثة عربيًا وفقًا لمؤشر الجوع العالمي.