شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«واشنطن بوست» عن انتخابات الرئاسة المصرية: مهزلة لا تحتاج دعاية

لافتات السيسي أثناء انتخابات الرئاسة - أرشيفية

أينما خطّت قدماك في مصر، تجد لافتة تطالبك بالنزول إلى الانتخابات والتصويت لصالح عبدالفتاح السيسي، وسط غياب تام للافتات منافسه الوحيد الرمزي «موسى مصطفى موسى»، الذي وصفته صحيفة «الواشنطن بوست» بـ«المرشح الغامض»، الذي أعلن قبل أسابيع قليلة أنه يؤيد السيسي.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ «موسى» لم يلقِ حتى الآن خطابًا واحدًا أو أذيع له إعلان تلفزيوني واحد، أو حتى إعلان في صحيفة؛ بينما وصل عدد أكبر تجمع لمؤيديه حتى الآن 25 شخصًا، وكان أحد أشد مؤيدي عبدالفتاح السيسي، وبذل جهودًا منسّقة لدعمه لولاية رئاسية ثانية.

وأكّد «موسى» في مقابلة مع التلفزيون الرسمي للدولة أنّه يريد مناظرة السيسي ولا يريد تحديه. وقال محمد أنور السادات، نجل شقيق الرئيس الراحل، إنّ الانتخابات المقبلة «مسرحية»، وانسحب منها؛ معترفًا بأنه لا توجد أمامه فرص للفوز في ظل المناخ الحالي.

ويرى مصريون أنّ حملات السيسي الرئاسية مجرد «مهزلة» تحدث قبيل الانتخابات، وهو الذي ألقى بمنافسيه الحقيقيين في السجن أو اعتدى عليهم أو أجبرهم على الانسحاب، وشدد قبضته على مصر بطريقة لا مثيل لها، بطريقة حتى أكثر من الديكتاتور الأسبق مبارك، الذي سمح بمجال للمعارضة؛ للتعبير عن أنفسهم، وبالرغم من ذلك زوّر الانتخابات واشترى الأصوات.

وهذا المجال هو الذي مهد لانطلاق ثورة يناير 2011، ومن ثم إجراء انتخابات ديمقراطية أسفرت عن فوز محمد مرسي، ثم جاء السيسي ليطيح به في انقلاب عسكري عام 2013 وزج به في السجن، ثم يتسلق سلم السلطة حتى الآن.

لا تكرار لعهد مبارك

ويرى محللون أنّ السيسي يعتقد أنّ إذعان مبارك للضغوط الأميركية والأوروبية وإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية في 2005 قادا في نهاية المطاف إلى الإطاحة به من الحياة السياسية؛ لذلك يسعى إلى تشديد قبضته.

وقال «إتش هيلر»، الزميل في المجلس الأطلسي، إنّه ليس من الضروري أن السيسي ونظامه على حافة الانهيار حاليًا؛ لكنه من المؤكد يشعر بالقلق بشأن الانفتاح، ولأنه يرى خطأ مبارك ويعيه جيدا فلن يسمح بهذا المجال مطلقًا.

وفي العام الماضي، كثّف السيسي من هجماته على الحريات، وحجب مئات المواقع المعارضة للنظام، وفي عهده تزايدت أعمال القتل خارج نطاق القضاء. وتقول جماعات حقوق إنسان إنّ عددًا لا يحصى من المعتقلين خلف القضبان، وهناك من اختفى ولا يعرف له أحد أثرًا؛ كل هذا تحت زعم «مكافحة الإرهاب».

كما لم يفلت الإعلام الأجنبي من قبضته؛ إذ اتهم النائبُ العامُ المصريُّ وسائل إعلامية بنشر أخبار كاذبة تهدف لتقويض استقرار الدولة وتخويف المواطنين، في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من تدابير تقشفية ساهمت في ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وانخفاض الدعم؛ ما عرّض شعبيته للخطر.

ولم تستجب حكومته لأي انتقاد غربي أو أميركي حتى الآن، وعلى عكس ذلك، دعاه الرئيس الأميركي ترامب لزيارة البيت الأبيض، ووصفه بالصديق الرائع الذي قام بعمل رائع، بينما لم يرحب به أوباما مطلقًا أثناء توليه رئاسة أميركا؛ بسبب سجل حقوق الإنسان المتدهور. وبالرغم من قرار البيت الأبيض في أغسطس الماضي بتعليق المساعدات المالية الأميركية بسبب هذا السجل؛ فخطر السيسي على مواطنيه ما زال مستمرًا.

وفي فبراير الماضي، أثار وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» مخاوف أميركا بشأن الانتخابات المقبلة، في زيارته للقاهرة، مؤكدًا رغبة بلده في إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وبعد يوم من زيارته، حثّت منظمات حقوقية أميركية وأوروبية أميركا على التدخل بشكل أكبر؛ قائلين إن الحكومة المصرية قضت حتى على الحد الأدنى من متطلبات الانتخابات النزيهة، وحثّوا الدول الغربية على وقف الدعم لمصر، بما فيها الـ1.3 مليار دولار الأميركية؛ حتى تُحسّن سجل حقوق الإنسان.

وقالت المنظمات في بيانها المشترك إنّ «على حلفاء مصر أن ينددوا فورًا بالانتخابات الهزلية بدلًا من الاستمرار في تقديم الدعم لحكومة تسببت في أسوأ أزمة لحقوق إنسان في مصر منذ عقود»؛ لكنّ الهيئة الوطنية للانتخابات وعدت بإجراء انتخابات بطريقة مستقلة وشفافة.

ومنذ ديسمبر شرعت السلطات المصرية في القضاء على جميع منافسي السيسي، وقبضت على اثنين من كبار القادة العسكريين، الفريق سامي عنان والعقيد أحمد قنصوة، وسُجنا لمخالفتهما القواعد العسكرية بترشحهما للانتخابات. بينما انسحب شفيق، رئيس الوزراء السابق والقائد السابق للقوات الجوية، ووضع رهن الإقامة الجبرية لمدة.

وانسحب محمد أنور السادات، نجل شقيق الرئيس الراحل، بعد أن واجه عقبات وتحديات؛ بما فيها رفض الفنادق استضافة مؤتمره لإعلان نيته الترشح، والحملة التي قادتها عليه وسائل الإعلام المؤيدة للسيسي، كما انسحب أيضًا المحامي الحقوقي خالد علي.

وقال السادات لـ«واشنطن بوست»: لم تكن هذه الديمقراطية التي نبحث عنها أو نتوقعها.

وبعد أيام من زيارة تيلرسون، استهدفت السلطات الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، بعد أن انتقد السيسي علنًا وحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات؛ وبعدها أدرجته الحكومة المصرية على قوائم الإرهاب، وواجهت ممتلكاته وأصوله تجميدًا.

ويقول مسؤول في حزب «مصر القوية»، رفض ذكر اسمه خشية الانتقام الأمني: في النهاية، نحن نتحدث عن نظام قمعي، والسياسة تمثّل لهم تهديدًا؛ ومن غير المعقول شروع النظام في إيهام المواطنين أنه لا يوجد بديل غيره.

مظهر لإرضاء المانحين!

أما موسى مصطفى موسى، المنافس الوحيد، الذي أعلن ترشحه للانتخابات يوم 29 يناير، قبل دقائق قليلة من إغلاق باب الترشح، فهناك تكهنات بأنّ أوامر صدرت له بترشيح نفسه؛ لإضفاء مصداقية على «الإجراءات. وقال هيلير، من المجلس الأطلسي، إنه «من دون اسم إضافي على ورقة التصويت سيصبح الأمر استفتاء؛ وهو ما لا ترغب فيه الحكومة المصرية، خاصة أمام الدبلوماسية الدولية، التي ترى أنه ليس فعلًا جيدًا».

ورفض موسى طلبات «واشنطن بوست» لإجراء مقابلة صحفية معه، نافيًا في مؤتمر صحفي مؤخرًا أنه دخل الانتخابات لإضفاء شرعية على السيسي، وقال للصحفيين إنه «يدخل منافسة عادلة وشريفة أملًا في الفوز».

وقبل أسبوعين، ظهرت لافتات انتخابية لموسى في شوارع القاهرة. لكن، معظم المصريين يرون الانتخابات المقبلة معروفة نتائجهًا مسبقًا؛ بينما يدفع محللون بأن ترشيح موسى جاء لإرضاء المجتمع الدولي، خاصة المانحيين الغربيين لمصر.

وقال محمد فتحي (42 عامًا)، مهندس زراعي، إن «موسى» مجرد دمية أتوا به لتبدو الانتخابات وكأنها ديمقراطية، وأكّد آخرون أنهم سيقاطعون الانتخابات.

محمد رمضان (42 عامًا)، نجار، أكّد أنه لا يعتزم التصويت في الانتخابات المقبلة. وبالرغم من ذلك، يؤيد السيسي؛ لمنع الاضطرابات السياسية التي تسببت في نقص الغاز والكهرباء وغيرها من المشاكل الاقتصادية، مضيفًا: نحن في حاجة لرجل عسكري؛ حتى تستمر الحياة، والنظام الحالي هو الوحيد القادر على إدارة الأمور.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023