شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كاتب لـ«واشنطن إكزماينر»: الديمقراطية الأميركية تنتج دولا شمولية في الشرق الأوسط

النازحون في العراق - أرشيفية

تستعد دولتا العراق ولبنان حاليًا لإجراء انتخابات، وسط مخاوف كثيرة من فوز «حزب الله» و«الحشد العراقي»، وكيل إيران الذي يمتلك قوة شبه عسكرية خاصة به؛ ما يفتح الباب أمام الأسئلة القديمة عن الديمقراطية في الشرق الأوسط والدور الأميركي في الترويج لها، أبرزها: هل فعلًا الديمقراطية ممكنة في الشرق الأوسط؟ وهل هي في مصلحة أميركا؟ وهل سينتج عنها انتصارات للراديكاليين؟

يسعى «كليف سميث»، مدير مشروع الشرق الأوسط في ميدل إيست فوريم، إلى الإجابة عن هذه الأسئلة في مقاله بصحيفة «واشنطن إكزماينر» وترجمته «شبكة رصد». ويضيف أنّ أوّل انتخابات عراقية في 2005 أفرزت عن حكومة شمولية، تضطهد المخالفين لها؛ بسبب نأي أميركا عن دعم الليبراليين، ووفّرت إيران دعمًا لتابيعها، بينما فضّل صناع القرارات الأميركيون الحياد؛ خوفًا من اتهامهم بالتدخل في السياسة العراقية الداخلية.

شكل آخر للديكتاتورية

ويرى «شادي حميد»، الزميل في معهد بروكنجز، أنّ أميركا لم تقدّم كثيرًا لمساعدة الديمقراطية أثناء ثورات الربيع العربي؛ على الرغم من أنّ مصلحتها الأولى تكمن في دعمها، بغض النظر عن نتيجتها؛ وهو ما لم تفعله.

وأضاف أنّ أميركا يجب أن تعامل «الإسلاميين الثيوقراطيين» الراغبين في تسلق السلطة بطريقة محايدة، وما دام اجتازوا الانتخابات بشكل ديمقراطي وجيد ودون شوائب، ونتج عنها فوزهم؛ فلا بد على الجميع أن يقبلهم.

لكنّ ما تتبعه أميركا يتعدى بكثير الخطاب الحر؛ فاللجنة المعنية بالحرية الدينية الدولية توصّلت في العام الماضي إلى أنّ أميركا تستخدم «قوانين التجديف» بشكل غير متناسب ضد الأقليات والأعضاء المخالفين في مجتمعاتٍ أصبحت الأغلبية فيها مهيأة للإساءة، كما دأبت أميركا على تبرير ترويع الأقليات العرقية والدينية والمعارضين السياسيين والإساءة لهم؛ وهذا نوع من الديمقراطية غير الليبرالية، التي تسمح بالانتخاب لكن دون إعطاء هذا الحق للأقليات والأفراد ذوي الصلة بالمجتمع المدني الديمقراطي.

أيضًا، هناك شكوك عميقة في أميركا تجاه الديمقراطيات غير الليبرالية والرغبات القوية في تحقيق الحريات الفردية وفصل السلطات. وفي هذا السياق، يؤكّد «ألكسندر هاملتون»، أحد الآباء المؤسسين لأميركا، أنّ الحرية الحقيقية ليست موجودة في أقاصي الديمقراطيات؛ لكن في الحكومات المعتدلة، موضحًا أنّ الديمقراطية في المفهوم الأميركي الليبرالي تعني شكلًا آخر من أشكال الديكتاتورية.

ومخاوف «ألكسندر» هي بالضبط مخاوف المحللين الغربيين الذين ينتظرون بفارغ الصبر نتائج الانتخابات المقبلة في العراق ولبنان. وقالت الصحفية اللبنانية المخضرمة «بريا علم الدين» إنّ «حزب الله» و«الحشد العراقي» يستغلان آليات الديمقراطية لكنهما في النهاية معاديان تمامًا للقيم الديمقراطية؛ وإذا نجحا فالجميع يثق أنهما سيتلاعبان بالقواعد الأساسية للنظام السياسي لإدامة السلطة في أيديهما، وهذه اللعنة المتعلقة بالقيم والمصالح الأميركية وديمقراطيتها الليبرالية.

على مدى العقد الماضي، أدى انتصار الأحزاب غير الليبرالية في الشرق الأوسط إلى توتر الأميركيين وخوفهم على آفاق الديمقراطية في المنطقة. على سبيل المثال: في أول انتخابات عراقية عام 2005، اشتكى السفير الأميركي السابق «زلماي خليل زاد» بمرارة -في مذكراته- من أن النظام الإيراني وفّر موارد كثيرة للجماعات الشيعية غير الليبرالية والمذهبية.

لكنّ صُنّاع السياسة الأميركيين كانوا يخشون من أن يُنظر إليهم على أنهم يتدخلون في السياسة العراقية الداخلية؛ لذلك تجاهلوا تحذيرات «زلماي» ورفضوا تقديم الدعم للديمقراطيين الحقيقيين، ويعتقد السفير أنّ هذا الخطأ أدى دورًا مهمًا في زعزعة استقرار العراق بعد انسحاب أميركا.

وعلى أميركا الحذر من التراجع والمعرفة المنقوصة بالسياسات الداخلية لكل بلد في الشرق الأوسط، وغيرها من العوامل التي تؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية تمامًا؛ وعلى الإدارة الأميركية وصناع القرار ضرورة التدخل في كل فرصة لدعم الديمقراطيات الليبرالية.

وبالرغم من ذلك، من الصعب للغاية في الشرق الأوسط الحصول على ديمقراطية ليبرالية حقيقية وسط النزاعات الأقلية الدينية والعرقية، خاصة في لبنان والعراق؛ حيث تنشط إيران هناك بقوة. ودعم الانتخابات المحلية هو الخطوة الأولى لإطلاق انتخابات أكثر أهمية وتدعم القيم الديمقراطية الحقيقية، ومن مصلحة أميركا أن تنتج هذه الانتخابات ديمقراطيات ليبرالية حقيقية لا دولًا شمولية تأتي عبر وسائل ديمقراطية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023