جاء تعهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالقضاء الكامل على ما تبقى من «فكر جماعة الاخوان المسلمين بالمدارس السعودية»، ليفتح الباب أمام التساؤلات عن أسباب ذلك العداء، حيث رأى خبراء أن الخوف من تكرار الثورات وتغيير الأنظمة وتهديد المصالح الدفاع الأساسي وراء عداء بن سلمان للإخوان.
وقال بن سلمان في مقابلة مع برنامج «60 دقيقة» على شبكة «سي بي اس نيوز» الأميركية إن «المدارس السعودية تعرضت لغزو من عناصر لجماعة الاخوان المسلمين، ولا يزال البعض منهم موجودا، ولكن في القريب العاجل سيتم القضاء عليهم نهائيا».
وردا على سؤال مقدمة البرنامج، نورا اودونيل، بشأن القضاء على التشدد في النظام التعليمي، أجاب بن سلمان قائلا: «بالطبع سنقضي على التشدد، فلا توجد دولة في العالم تقبل تعرض نظامها التعليمي لغزو من أي جماعة متطرفة».
وأكد الأمير محمد بن سلمان أن بلاده «ستقدم للعالم ما تبذله من مساع حثيثة لمواجهة التطرف» مضيفا أنه «بعد عام 1979 كنا ضحايا لبعض الممارسات الدينية، وبخاصة جيلي الحالي».
الخوف من الثورات
السفير معصوم مرزوق، المحلل السياسي، أوضح أن «السلوك السعودي من الإخوان المسلمين في المملكة، وفي مصر، ارتبط على المستوى الإقليمي بشكل عام، بالتحولات القائمة في الإقليم منذ الربيع العربي؛ حيث مثل صعود نجم الإسلاميين، على اختلاف أشكالهم ومنطلقاتهم، ووصول عدد من جماعات الإسلام السياسي إلى سدة الحكم بالفعل في عدد من الدول العربية، كما في مصر وتونس والمغرب».
وأشار مرزوق في تصريح لـ«رصد» إلى أن «السعودية بقيادة محمد بن سلمان وسلفه الملك عبد الله كانت جزءًا أصيلاً من حرب صريحة على الحكومات والأنظمة التي جاءت بها انتخابات شعبية نزيهة بعد هذه الثورات، تم استعمال فيها مختلف أنواع الأسلحة، ووصلت إلى درجة استخدام القوة المسلحة من أجل الإطاحة ببعض هذه الحكومات، على النحو الذي يجري في مصر، منذ الثلاثين من يونيو 2013م».
الأمن القومي
وأضاف مرزوق أن «ارتباط مصالح الأمن القومي لنظام آل سعود الحاكم في المملكة، بالأوضاع في مصر وتطوراتها، سلبًا وإيجابًا، بعد الشراكة الاستراتيجية بين الجانبَيْن، والتي أسس لها الرئيس المخلوع في مصر، حسني مبارك، والعاهل الراحل، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، في نهاية الثمانينيات الماضية، يدفع السعودية إلى الانصياع للأنظمة الحاكمة أيا كانت».
وأكد أن «حكومة المملكة بذلت جهودًا عميقة من أجل استعادة الأوضاع في مصر لما قبل ثورة 25 يناير 2011م، ودعم الأوضاع التي تلت الإطاحة مرسي من جانب الجيش، وتثبيت أركان النظام الجديد القديم الذي عاد إلى حكم مصر».
تكريس الفكر العلماني
ووافقه في الرأي الدكتور عبد الله الأشعل، الذي قال إن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، يسير على نهج النظام المصري الحالي في محاربة كل ما هو إسلام سياسي، مع الاكتفاء بصورة الاسلاميين في الدولة الممثلين في السلفيين دون أن يكون لهم أي تأثير.
وأضاف الأشعل في تصريح لـ«رصد»، إن بن سلمان يقود حركة لتكريس الفكر العلماني في السعودية، وهو ما تحاربه الجماعات الاسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، ما يشكل أزمة له في إدارة البلاد مستقبلا لما فيها من مبادئ ورسالات تحتم على المجتمتعات الالتزام بالسمات الإسلامية دون الانحراف عنا.
يذكر أن الإجراءات بلغت ذروتها عندما وضعت الرياض الإخوان المسلمين، ضمن قائمتها للتنظيمات الإرهابية، في نهايات العام 2013، و تم رسميًّا تجريم إية أنشطة ترتبط بالإخوان المسلمين في المملكة، وتتوالى تنفيذ بعض القرارات المتصلة بذلك، أخذت وجهتَيْن أساسيتَيْن، الأولى المنابر، والثانية قطاع التعليم الأساسي والتعليم العالي، بجانب مجالات أخرى، ولكن التركيز كان في هذَيْن الاتجاهين وفق العديد من رموز الإخوان المسلمين في المملكة.
و شهدت فترة الملك سلمان الأولى، الكثير من علامات التغيير، ففي الأشهر القليلة التي تلت تولي الملك سلمان للحكم، بدا وكأن الحكم الجديد في الرياض، سوف يسعى إلى مصالحة بين الإخوان و نظام العسكر في مصر، وتصفية الأجواء ما بين مصر وكل من تركيا وقطر، وتسوية المشكلات مع أطراف عدة في الإقليم تنتمي إلى الإخوان المسلمين، بما في ذلك حركة حماس.